رحلة إلى نهر القمامة المسلح

إب7 press
عمران هلال l مقال رأي

وبعد 3 أعوام من المحاولات المتتابعة تمكنت السيدة المدام من إجباري اليوم وبقرار قهري وتعسفي على الخروج نحو الجامعة بصحبة الأولاد كأول رحلة خروج لسكان الجبال الوعرة نحو  الاراضي المنبسطة والمدنية المنفتحة حيث الزهور والورد والاسفلت الأسمر والشجيرات المرتبة على الجوانب بحنكة بشرية مفرطة .

حملنا غداءنا معنا ضاربين الأرض خلف ظهورنا وامتطينا أول باص ذاهب إلى خط الجامعة وسط ذهول وتصفيق واستغراب بالغ في التفريط قادته السيدة مريم وأخاها وليم فرحا وابتهاجا بهذا الحدث الخرافي الأول .

وكذلك غرابة من هذا المخلوق الغريب الذي يسير على أربع عجل لا أربعة أرجل كحمار جارنا، أو بقرة جارنا الاخر، وجملنا الذي يحمل أحجارنا، ومتر قريتنا الوحيد التابع ل ” نايف ” المعروف لهم ذو العجلتين .

كأنهم يقولون يا الهي ما سر كل هذه المخلوقات التي احرمتنا منها كل هذا العمر يا أبتي، عامان ونصف من الأعوام نمشي على التربة والأحجار لم ندس يوما بقعة اسفلت مستوية أو صبة أسمنت عدا غرفتنا .

كانوا يمشون جوار السيارات بفرح ولهفة يتلمسون جوانبها وكأنهم يتلمسون جلد بقرة أو فرو خروف ويتطايرون فرحا بين السيارات مما أثار بنا الهلع خوفا عليهم من أي مكروه حملناهم عنوة ودخلنا باب الجامعة العتيق .

ولأول مرة يمشون على طريق اسفلتي مستوي برغبة وسرعة ولهفة وجنون، وكأنهم دخلوا الجنة المستوية،  حقا فلا مكان مستوي في جبلنا عدا غرفة نومنا ذات الأمتار الاربعة، وكل طرقاتنا المعتادة إما صعود أو نزول فلا استواء بتاتا

وصلنا الجامعة، وابدأ في فرط حديثي للسيدة المدام،  هنا يا زوجتي كنت ادرس وكانت هذه قاعتي وتلك بقعني المعتادة، وهنا كان .. وهناك كنا ..وتلك البقعة كان بها .

انحرفنا نبحث عن مكان للجلوس وإذا بالأماكن كلها ملغمة بأكياس القمامة وبقايا المخلفات، وقطع القماش والبلاستك الممرغ بالوحل، ويحوطنا من الخلف ممر نهر أخضر تفوح منه كل روائح النتنة والقزازة حد القرف، كذلك مزيجا من ورد شبه أصفر من شدة العطش وأشجار جدباء واسفلت ونهر قمامة ونتن .

يا ويلي هل هذه جامعتي التي كنت فيها، يا الهي وكأني في حضيرة حيوانات أو مكب نفايات كبير..  ما هذا يا جامعة اب ؟؟!!!

 وبعد تغيير أربعة أماكن وضخ نصف أنبوبة عطر تعطيراً للأجواء حصلنا على مكان شبه منعزل وغرسنا فيه أنفسنا مشعلين دخان ارجيلتنا السفري، مع القليل من الورق المقدس ومضينا بالشفط املا في تعطير العالم المحيط .

ومضينا ومضى الأطفال يلهون ويلعبون فرحا بالانبساط، وإذا ب3 جنود ببنادقهم يأتون الينا وأشار لي أحدهم ” أنت يا وليد تعال “،  ذهبت إليه قائلا ” نعم يا فندم “

فقال : أنت من تعز أو من الحديدة

اجبت :  من إب

قال : لمَ لا تجلس أنت وزوجتك بالبيت، نحن أمن الجامعة قلت له بطريقة مؤدبة ” هذا ملك عام ومتنزه على ما اظن “

قال : بطاقتك ” هويتك ” ..

كان يبحث عن كل رجل مع أنثى لا يملكون حقا زواجيا في جلوسهم .

أخبرته أن هؤلاء أطفالي واشرت إليهم لعله ينصرف وتحاشيا للمشاكل .

أخذت وليم بيدي لعله يفهم ولكن وليم خاف وأخذ بالبكاء على ظن منه أنني اريد منعه من اللعب فظن حينها المسلح أنني أخذت الطفل عنوة وليس طفلي فأصر على أخذ البطاقة معه متجها إلى زوجتي منادياً بصوته الغليظ قائلا ” هاي يا بنية من أنتِ، وايش أسم زوجك”

ردت عليه باسمي، ثم قال، وما اسم ابوه وجده ولقبه، فأجابته وأنا ممسكاً بنفسي تحاشياً للمشاكل واستغراباً من الموقف .

لم يشفع أطفالي الذين يشبهوني كثيراً، ولا بطاقتي إلا بعد استنطاق زوجتي بكامل أسمي،  فاعتذر ثم قال : ” اجلسوا في منازلكم ” وحينها توج الشبه جندي الرحلة الخرافية إلى مستنقع جامعتنا المسلح فحزمنا الحقائب عائدين لكوخنا بسلام قائلين معاً سنأوي إلى جبل يعصمنا من الـ ……

أنتهى