من فعل هذا بأمي ؟!

نجيب طه

المشهد صادم، ولا يُحتمل، أليس كذلك ؟!
فكيف نواريه ونحن أبناؤها وأحفادها ونراه ونعيشه كل دقيقة من آخر يوم شعبان وحتى آخر يوم من أعمارنا؟!
لست أدري لم غاب أصدقائي وزملائي وطلابي الإعلاميين والصحفيين والناشطين الحقوقيين عن حادثة كهذه، التي هزت مدينة إب وكل القلوب التي علمت بها، لست أدري كيف لهم أن يتناقلوا حوادث أقل من هذه وينشرونها بعد التحري باهتمام كبير، فيما موضوع الحاجة والية محمد قايد شملان رحمها الله وأسكنها فسيح جناته، التي راحت ضحية سائق متهور، دهسها ثم فر هاربا دون أدنى ضمير، أو قيم إنسانية، غابت عن أعينهم.

يكتبون أي شيء، وعن كل شيء، ويتسابقون على كل حدث وإن كان فقدان طفل، أو إعلان تجاري، أو عرض صورة لتصرف فردي همجي صدر عن أحدهم في حق آخر، وحادثة إب القديمة “المجعارة” والتي أودت بحياة أمي وهي صائمة، لم يعيروها أي اهتمام، باستثناءات قليلة، وقد أدمت العيون والقلوب.

أين الزملاء والأصدقاء، ألا تستحق هذه العجوز الطاهرة شيئا من اهتمامكم، من فعل ذلك بأمي يا رجال الأمن ؟! فالمنطقة حية وتكتظ بالسكان والمارة ومنطقة تسوق أيضا، وليست بمنطقة نائية أو فرعية بعيدة.

لن أعتذر أمي، لأني أطعتك وبقيت مستقلا، وسأبقى كذلك، ولست بنادم حتى وقد رحلت بتلك الطريقة الموجعة والمفجعة والبشعة جدا، لأني مؤمن واثق بأن الصين مثلا لو صنعت قيما إنسانية وصدرتها للشرق الأوسط، وبيع الكيلو في باب النصر بإب القديمة مثلا حيث سقطت شهيدة صائمة بعشرين ريالا، فهناك كثر لن يشتروها.

للجهات الأمنية المختصة مجددا، من فعل هذا بأمنا التي هي أمكم ؟! وكيف لسائق آخر أن لا يحسب حسابا لكم، أو يهاب أجهزتكم الأمنية والبحثية والاستخباراتية والجنائية والقضائية.

إن لم يظهر مثل هؤلاء العابثين المستهترين بأرواح الناس، فعلى الدنيا السلام، بيد أن لدي ثقة مطلقة بك يا الله يا جبار يا منتقم بأنك لن ترد دعوتنا، وأنك يا علام الغيوب ستستجيب لنا عاجلا لا آجلا.