إب7 press
عمران هلال
كفتاة عشرينية حالمة خرجت ” ج . ع .غ ” من أقاصي أريف مديرية الفرع نحو رحلة التعليم الجامعي بعد إكمالها مشوارها التعليمي المدرسي بشق الأنفس.
” ج .ع “، فتاة تبدو من مظهرها جميلة ، بشكل انيق ومرتب، لا تدلك من أول طله على أنها فتاة ريفية بعيدة، بل تبدو عليها اثار النعمة المدنية إلا حين تقترب منها كثيرا سائلا عنها.
هي أخت لخمس أخوات، هن ما تركه والدهن لوالدتهن كورث ثقيل، ثم ذهب إلى الله في أواخر ٢٠١٧ ولديها كذلك أخ لم يبلغ العاشرة بعد.
تقول ” ج.ع ” : أنا أمل بيتنا الصغير، لقد عشنا بعد موت الوالد في أخنق وأضنك الأوقات، وقررت أن أدرس العلوم الطبية كممرضة ، حتى أعود إلى بلادي وأعمل أو أتمكن من نقل أسرتي إلى هنا وأستأجر بيت يقلنا جميعا، أحلم في انتشالهم من كل هذه العيشة المؤلمة التي نعيشها.
وتضيف، أمي تعمل في مزارع الناس، وفي التطريز وما إليه لنتمكن من الأكل والدراسة والعيش بأقل مراتب الكرامة الحياتية.
تكمل ” ج. ع “، أتيت الى المدينة قبل نصف عام، لكني لم أتمكن من الحصول على مقعد دراسي حكومي في المعهد الصحي، فقررت ان أدرس في معهد خاص وتعلمت أساسيات ضرب الإبر والمغذيات والعناية السريرية، وبدأت أعمل هنا وهناك في المستشفيات الخاصة بأعمال مساعدة تمريضية محاولة جمع ما يمكنني الحصول عليه كرسوم دراسية للمعهد وإجار لغرفتي التي استأجرها للنوم وكذلك لتوفير ثمن ما اقتات عليه.
تضيف (ج . ع ) قائله كنت أحاول التوفير بالوقت ما بين عملي ودراستي فاعمل في نوبات ليلية الى الصباح ثم أذهب للدراسة منهكة، وبغير نوم وأحيانا بغير أكل على أمل ان يتحسن الوضع حتى أدى هذا الى انهيار محصولي الدراسي، وليس هذا فحسب بل بعد مرور خمسة أشهر من حصولي على عمل ولأنني لا أملك شهادة ومزاولة مهنة تم إخراجي من المستشفى الذي كنت أعمل فيه مساء، لأصبح في الشارع بدون عمل، وتضاعفت المشاكل بمنعي من دخول الامتحان بسبب عدم دفعي الرسوم الدراسية، وليس هذا فحسب بل وأصبح مالك العمارة يطالبني بإجار غرفته التي استأجرتها منه، وقد أصبح في ذمتي له إيجار شهرين.
صرت أبحث عن عمل هنا وهناك ولكنني كلما حصلت على عمل شبه مناسب تعرضت لمضايقات وابتزازات وتحرشات جنسية بشتى طرق الترغيب والترهيب.
ذات يوم قرابة الساعة 9 مساء، كنت عائدة من العمل، فقد حصلت عليه مؤخرا في أقاصي المدينة، ركبت باص كان فيه مجموعة رجال، استفليت الكرسي الأوسط كتقليد تعتاد عليه كل نسوة المدينة، نزل ركاب الباص وتبقى واحد فقط خلفي وسائق الباص فأخذ بضمي اليه ومحاولة النيل مني بشكل جنوني محاولاً تقريب فمه من عنقي ومد يداه إلي، وأنا اقاوم حتى وصلنا قرب نقطة أمنية فتوقف ونزل ونزلت من الباص على الفور مذعورة مرعوبة أبكي بكل حرقة.
وذات يوم أخر بعد طردي من السكن بسبب عدم دفع مستحقات الاجار كنت حينها أعمل ليليا في إحدى المشافي فحاول صاحب العمل التعرف علي عن قرب ثم طلبني ان اجلس معه لتناول القات في وقت المناوبة على أن يصرف لي مكافئة 20 ألف، وكنت بحاجتها لتسليم قسط دراستي فوافقت على حذر، وجلست أواكب ما بين نوبات المرضى والجلوس بغرفة التمريض معه وهكذا، حتى طلب مني أن أبعد غطاء وجهي وأقترب منه كثيراً فرفضت فهددني بالطرد ومنع المكافئة، فأخذت ملابسي وخرجت قرب الفجر إلى الشارع لا أملك بيت أذهب اليه ولا أحد ولا أملك حتى ثمن لقمة عيش.
هذا يطلبني للخروج معه، وهذا للعشاء معه، وهذا يرفع سقف المطالب وذلك بطلب الزواج به عرفيا وفي السر، وأخر يريد الزواج بي، ويشترط إيقاف الدراسة وهو رجل كبير ومزوج، وأنا إن تزوجته سأفقد حلمي وحلم اسرتي بي وهدفي، والكثير من القصص التي قد لا يسعفنا الوقت لحكايتها.
(ج. ع )تقول ان لا مكان للفتاة البريئة هنا ولا للحالمة، فكل الوجوه التي قابلتها طيبة سرعان ما كشرت عن أنيابها محاولة استغلال ضعفي وانعدام حيلتي وبعد أهلي عني وتقطع السبل بي حتى انت ربما ستكتب قصتي وستحصل أنت على ثمن كتابتك فيما أنا لن أحصل على شيء، فقط المزيد من الضياع.
صدقني لم أرى منذ 7 أشهر إلى الآن عمل يكفي مصاريف دراستي أو بيت يقبل بي أنام كأحد أفراده أو عائلة تضمني اليها، حتى استكمل تعليمي وحلمي، لا مكان هنا للأحلام ولا لما تدعيه الجمعيات والمنظمات من دعم تعليم الفتاة.
وتواصل ” ج.ع ” سرد حكايتها، قائلة الان انا توقفت عن الدراسة بالمعهد بسبب الرسوم ومضت الامتحانات ولم امتحن بسببها، ولا أملك غرفة أنام فيها، وأعمل كل يوم هنا وهناك لتوفير لقمة عيشي اليومية في انتظار فرج الله أن يطالني واعود لاستكمال حلمي، وأخشى من العودة لقريتي وانا أمل أمي وما حصلت على شيء، وأقول أحيانا لو أعود بشرفي مطهرة أعز لي وأفخر من أن أعود بشهادتي وقد فقدت كل شيء.
واختتمت حديثها، وضعي سيء للغاية، أنا منهارة، ومصدومة ومحروقة ومعذبة الى اقصى حدود الوجع، أريد حداً فاصلاً لكل هذا العذاب الذي أتلقاه وأعاني منه، هل ذنبي أنني انثى حالمة بان أمسك سماعة طبيب وجهاز ضغط وثوب أبيض، أم ذنبي أنني املك هذا الوجه الذي قيل عنه جميلا، وهذا القوام الذي لم اختاره انا بل الله وهبني إياه، وكان سبب وقائي.
لقد تعذبت بما فيه الكفاية، وانا الان ما بين امرين إما أدفع ثمن تعليمي من جسدي وشرفي، أو أعود بشرفي وقد فقدت حلمي الدراسي الكبير، وتموت أحلام أمي وأحلام أخواتي بتحسين وضعنا الى أدنى مراتب الإنسانية والكرامة، وكلا الامرين مر وجحيم.. صمتت قليلا وانهت الحوار ” هل الانتحار حل عادل ام … لا اعرف ؟!!”.