المدارس الأهلية في محافظة إب

إب7برس Ibb7press
طاهر الزهيري

  •  انتشار المدارس الأهلية

يعاني قطاع التعليم العام والخاص في محافظة إب، وباقي المحافظات اليمنية من العديد من المشاكل، لا سيما في ظل الوضع الاستثنائي الذي يمر به البلد منذ أكثر من ست سنوات من الحرب والحصار، وفي ظل تدني التعليم الحكومي وانقطاع مرتبات المعلمين والمعلمات كان الإقبال على المدارس الأهلية يزداد عام بعد آخر بحثاً عن بيئة تعليمية أفضل ومستوى تحصيلي أعلى، وهذا ما دفع اولياء الامور الى التوجه الى تلك المدارس الخاصة ودفع رسوم باهظة للغاية.

في العام 1995م فتحت الدولة الاستثمار أمام القطاع الخاص في مجال التعليم كجزء من برنامج الإصلاح الاقتصادي وإتاحة المجال للقطاع الخاص في أن يسهم في التنمية، وكان صدور القرار استجابة لتزايد الطلب على التعليم وعجز الدولة على استيعاب أعداد الطلاب المتزايدة.

وفي الآونة الاخيرة انتشرت المدارس الأهلية بشكل كبير جدا، وحتى انه في محافظة إب لا يوجد حي إلا وفيه مدرسة اهلية، وعلى سبيل المثال ففي الشارع الخلفي لجامعة إب أكثر من 5 مدارس اهلية، وتعدى هذا الامر ليشمل مراكز المديريات البعيدة عن مدينة إب.

 

  •  الربح المالي

يقول المواطن “ياسر سيف “: ” للأسف انحصر اهداف بعض ملاك المدارس الأهلية على الربح المالي فقط، فقد سجلت ابنتي في الصف الثالث الثانوي بمائتين وخمسين ألف ريال دون رسوم الباص الذي يأخذها ويعيدها، وهي بالمناسبة مدرسة أهلية بلا مميزات، فصولها عادية، وعدد الطلاب كبير في كل فصل، وتشتكي أبنتي دائما من بعض معلميها بأنها لا تفهم منهم شيء جراء الازدحام وضيق وقت الحصة، واستخدام الوسائل التعليمية القديمة”.

“غيلان” والد لطالبين في المرحلة الأساسية والإعدادية يقول: ” ذهبت لتسجيل أبنائي في إحدى المدارس الأهلية في إب وعندما دخلت الإدارة طلبوا مني مبلغ كبير جداً، وقلت للمدير أتمنى تعملوا لي تخفيض بما أنهما طالبين وكان رده قاسي وهو يقول لا نستطيع التخفيض حتى ألف ريال، فحاولت معه دون جدوى وهو يقول أعجبك أو المدارس كثير”.

شريك مستثمر في مدرسة أهلية يرفض ذكر أسمه يتحدث إلينا: ” لقد كنت أشارك في مشاريع عديدة وكانت إما أرباحها بسيطة أو نخسر فيها وبعد استثماري كشريك في مجال المدرسة الأهلية وجدت أنه استثمار ناجح وربحي وخدمي”.

 

  •  استغلال طاقات المعلمين

الأستاذة أمل ” اسم مستعار” مدرسة في مدرسة أهلية تتحدث عن استغلال المدراس الأهلية لهن بقولها: “نحن نعمل بأجر زهيد للغاية، إذ بالكاد يكفي اجور المواصلات، فضلاً عن إجراءات الخصم أحياناً أو عدم قبول الغياب بعذر، وكذلك تسلط ملاك هذه المدارس على المدرسين، والعجيب ان اولئك الملاك يدعون بان مدارسهم نموذجية، وهي عادية تماما، ولا تقوم إلا علينا، ونحن نعمل بجد واخلاص ليس مقابل ذلك الراتب الضئيل، ولكن حباً في الطلبة وفي العلم والوطن”.

ويرى “ثابت محمد” معلم في إحدى المدارس الأهلية أن السبب في أجور المعلمين الضئيلة هن المعلمات لقبولهن بأي مبلغ تطرحه إدارة المدارس الأهلية لذلك فالمعلمات مطلوبات ومرغوبات بشكل أكبر لملاك المدراس الأهلية لقبولهن بأجر أقل من المعلمين الذكور”.

من خلال نزولنا الميداني لبعض المدارس الأهلية في إب، وجدنا معلمين يدرسون في بعض المدارس دون أن يكون لديهم شهائد تؤهلهم، ووجدنا حتى خريجي الثانوية يعملون في هذه المدارس ولاحظنا وجود الكثير من التجاوزات التعليمية واستغلال للطاقات البشرية بشكل عام وللمعلمين والمتخصصين وأصحاب الشهائد والخبرات بشكل خاص.

 

  •  مباني غير لائقة

أحد التربويين الذين التقينا به ليحدثنا عن المدارس الأهلية في إب يقول رافضاً ذكر أسمه حتى لا يحتك بمشاكل وجدال عقيم حد وصفه مع بعض المدارس الأهلية: ” في اليمن بشكل عام وفي إب بشكل خاص لا تنطبق أدنى شروط التراخيص لفتح مدارس أهلية إلا القليل منها، فكما نشاهد ويعلم الجميع أنها بنايات مفصلة لشقق ومنازل سكن وليست مدارس ويتم تعديل بعضها لتلائم أن تكون مدرسة وفصول رغم أنها ضيقة وغير مناسبة، أضف إلى ذلك عدم وجود مساحات كافية ومرافق راقية، ويأتون بكادر تعليمي ضعيف المهم أن يقبل بالأجور التي يقررونها والحاجة تجعل من الكثير يقبل بذلك ودون احترام التخصصات”.

 

  •  أولياء الأمور

بلا شك أن المدارس الأهلية أكثر جودة في التعليم هكذا يقول “نشوان غالب” ويكمل حديثة ” وفي ظل تراجع المدارس الحكومية وتفاقهم التسرب من التعليم وتوقف الرواتب أصبحت المدارس الحكومية لا تؤدي دورها التعليمي والتربوي كما ينبغي، لذا اضطررنا لنقل أبنائنا من المدارس الحكومية للأهلية”.

فيما يتحدث حسان، ولي امر ثلاثة طلاب، بنبرة اليمة ” أبنائي كانوا يدرسوا بمدارس حكومية وفي السنتين الأخيرتين كانوا يذهبون الصباح للمدرسة ويرجعون في وقت مبكر وعندما أسالهم لماذا يقولوا هم خرجونا أو الأستاذ غائب وغيرها من الأسباب إلى جانب انعدام الكتب وعدم الفهم والاستيعاب ولم تعد الدراسة بالنسبة

لهم مجدية، ولم أجد أي فارق من جلسوهم في البيت او ذهابهم للمدرسة الحكومية لذلك سجلتهم في مدارس أهلية رغم التكلفة الباهظة إلى أني لا أستطيع أن أرى أولادي بلا تعليم “.

“المدرسة الأهلية تعلم أبني اللغة الإنجليزية والحاسوب ويسعد ولدي بالأنشطة والبرامج التي تقيمها المدرسة وتشركه فيها إلى جانب الألعاب ولذلك أصبح يحب التعليم بعد أن تعقد في فترة من الفترات بسبب مدرسة حكومية” هكذا يرى عمر عبدالعزيز الذي سجل ولده في مدرسة أهلية ويبدو سعيداً بإقبال أبنه على التعليم بعد نفوره في فترة من الفترات حسب وصفه.

اما ادريس نعمان يرى عكس ذلك فهو يقول: ” ذهبت لأزور أبني في المدرسة الأهلية فوجدته يدرس في حمام، نعم فقد حولوا الشقة بحمامها ومطبخها لفصول دراسية، مدرسة مكتظة بالطلاب، ومبنى غير مؤهل ليكون فصول، وساحة صغيرة كانت حوش للشقة التي تحولت مدرسة، أحسست أنها تجارة، وكادر تعليمي لا أعرف هل لهم علاقة بالتعليم أم أنهم باحثين عن عمل وجاءت فرصة ليكونوا مدرسين، لقد انصدمت بما شاهدت، فأمه من سجلته وهي من تتابعه وأنا لأول مرة أذهب للمدرسة وأعرف هذه الأمور، تحولت عندي النظرة للمدارس الأهلية وتمنيت فقط أن تعود المدارس الحكومية كما كانت لألحق أبني بها.

  •  تراجع التعليم الحكومي والخاص

امام هذا المشهد الواضح يبدو ان الحرب قد ساهمت في تراجع التعليم الحكومي والخاص في مدينة إب وباقي المحافظات، إذ سبب الضغط على المدارس الاهلية، جراء التراجع المخيف بالقطاع العام، وطمع ملاك تلك المدارس الى انكشاف عورة التعليم الاهلي، وأضحى تعليم ربحي غير نوعي او احترافي الا ما ندر، ومع ذلك ما تزال الرسوم باهظة ولا توازي الخدمات التعليمية التي ينبغي ان يتلقاها الطالب في المدارس الخاصة.

الرابط الدائم: https://ibb7.org/2020/11/14/المدارس-الأهلية-في-محافظة-إب/