رمضان في المهجر

إب7برس Ibb7press
بغداد المرادي

مشاعر بعد المسافة بين الوطن والمواطن اختزلت الكثير من الأوجاع والآهات المتعبة ذات الشجون السرمدية التي ما تفتأ تهز مشاعر أي مغترب أو مغتربة للاشتياق للوطن الأم، واشتياقهم لرائحة الأجواء الرمضانية في مناطقهم على امتداد محافظة إب الواسعة.

يذهب أبناء المحافظة للغربة قسرا بحثا عن الرزق وإيجاد الفرص المناسبة لبناء مستقبلهم بعد أن سدت الابواب أمامهم وقضت الحرب على كافة أحلامهم وآمالهم وتطلعاتهم.

” إب7برس ” تواصلت مع مغتربين من محافظة إب بالمهجر، واوصلت أصواتهم ومشاعرهم إلى جميع أبناء المحافظة.

تشير ” أم عاصم ” مغتربة يمنية من محافظة إب في المملكة الأردنية الهاشمية منذ أربعة أعوام، إلى أن في المنطقة التي تقطن فيها العديد من اليمنيين المقيمين منذ فترات طوال اجبرتهم ظروف الحرب على الاستقرار فيها، وعادتهم لا تختلف في أرض المهجر عن أرض الوطن في رمضان واستقباله ومدى الحفاوة التي يستقبلون رمضان فيها لكن ثمة ما يعجز اللسان عن وصفه من شعور بالوحدة والغربة عن الوطن.

وتكمل “أم عاصم”:” نحن في رمضان في أرض الغربة ظلت العادات وتقاليد المجتمع اليمني قائمة، حيث نقوم بطباخة المأكولات الشعبية على مائدة الإفطار مثل العصيد أو المخلمات مع سحاوق الجبن ،والكبسة والحلويات اليمنية التي تصنعها المرأة اليمنية في أرض المهجر”.

” لا أعلم لهم عادات أو تقاليد معينة، فأنا في بلد غير عربي ومسلم، فشهر رمضان هنا كبقية الشهور عندهم”.  هكذا أوضح ” مفيد آل قاسم ” من محافظة إب مديرية جبلة، سفير سلام يقيم في إحدى الدول الأوروبية.

ويبين مفيد أن الوقت مقارنة بمدينة إب مختلف تماما، إذ أن ساعات الليل قصيرة جداً لا تتجاوز الست ساعات فيما الباقي نهار، ويضيف ” لا زلت أتذكر طقوس فوانيس رمضان المبارك وقرآن رمضان والمحاضرات التي تقيمها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لطلاب وطالبات المهجر والعمل على مسابقات رمضانية للنساء والرجال على حد سواء”.

ويتابع آل قاسم ” هنا المأكولات لا يمكن مقارنتها بمذاق الطعام اليمني الذي لا ينسى، ولكن ثمة عادات لا نتخلى عنها، كأن تقدم على طاولة الطعام وجبة الشفوت اليمنية ،والسبموسة ،الكبسة إلى جانب مأكولات ومقبلات غربية أخرى “.

ويواصل، ” رمضاننا يختلف عن رمضانكم كثيراً، إذ أن رمضانكم يقف على الأبواب ويطرقها بكل لطف ليحل ضيفاً خفيفا عليكم، أما رمضاننا فإنه لا يأتي ولا يقرع الباب، بل ومهما انتظرناه على شرفات المنازل ليال طوال لن يأتي على الإطلاق فرمضاننا يأتي من الداخل، من داخل ذاكرتنا من تلك التفاصيل الصغيرة التي تبث غذاء الروح في باطننا فنقوم بعزيمة لاستشعار رمضان وروحانيته وزيارة المسجد إن وجدت هناك مساجد للشعور بالمساحات الرمضانية في أرض الغربة والاغتراب”. 

فيما “هشام عياش” مغترب في جمهورية مصر العربية من مديريات المشنة محافظة إب يعمل صيدلي، منذ خمس سنوات، يحكي عما يخالجه من شعور في حنايا الروح اشتياقا وحنيناً للوطن ” رمضان في مصر يختلف كثيراً عن اليمن وبالتحديد محافظة إب، ولكن رغم الاختلافات بين المصريين واليمنيين في العادات والتقاليد إلا أنه في بلد الغربة أيضا تذهب المرأة والرجل لشراء اغراض رمضان فلم يعد الأمر يقتصر على النساء فقط فنشترك جميعاً بذلك فهناك الكثير من المنتوجات اليمنية في مصر في مناطق مختلفة فيقوم الأشخاص بشراء بعض المنتجات اليمنية التي تخفف عنهم الشوق والحنين لرمضان في الوطن”.

وتضيف رحاب العامري مغتربة في المملكة العربية السعودية من محافظة إب ” أنا في بلد الغربة والاغتراب، ولكن ليس هناك ما هو أفضل وأجمل من بلدي الحبيب”.

وتستمر في سرد انطباعها حول رمضان في المهجر،” اقطن في الرياض، وهناك عادات وتقاليد تتشابه مع ما يكون في اليمن من استقبال رمضان، والتجهيز له من قبل النساء اليمنيات، والعمل على تنظيف المنازل، وشراء الأغراض الخاصة به، واحتياجات الصلاة في البيت أو الجامع وتجهيز فوانيس رمضان للشعور أكثر بأجواء هذا الشهر الفضيل، من ثم اجتماع الاهل والأصدقاء في الجلسات الرمضانية في أحد منازل الجيران أو منزلنا لاستشعار رمضان ونحن بين أناس وأحبة من أرض الوطن”.

من جانبه وتعبيرا عما يختزله من مشاعر فياضة للوطن حسن المكنى بـ “أبو أصيل المنيعي” مغترب من محافظة إب في المملكة العربية السعودية لأكثر من أثني عشر عاماً قال ” نستعد بشهر رمضان الكريم في أرض المهجر بكل فرح وسرور وابتهاج لطاعة الله سبحانه وتعالى من ثم عمل الأكلات الشعبية اليمنية، كالعصيد، الشفوت، الكبسة، انواع السلطات، وانواع أخرى من المشكلات.

ويلفت ” المنيعي ” إلى أن لون رمضان في أرض الغربة يختلف عن رمضان في أرض الوطن وبين الأهل والأصدقاء والجلسات الرمضانية التي يقضيها معهم في اليمن من صلاة التراويح وحتى السحور في جلسات طويلة وتسوق وذكر وعبادة.

وعلى نفس السياق تبين “أم عمار” أن هذه هي الغربة الأولى لها، والعيش خارج البلد وفي إطار الأهل والجيران وكل الأحبة، وأنها اكتفت بإرسال رسالة صوتية اجهشت بالبكاء لمرارة ما تعانيه من بعد عن أهلها ووطنها وجيرانها وخليلاتها، وتود لو أنها تعود اليوم قبل غدا فشعور الغربة لا يضاهيه شعور على ظهر البسيطة.

يبقى لشهر رمضان في الوطن وبين الأهل والأحبة نكهة مختلف، وجو روحاني يريح النفس ويبعث في القلب شعور لا يُمحى، وهكذا تمضي حياة المهاجر اليمني بين الشوق والاشتياق للأهل والأصدقاء ولمواسم الخير وأعياد البهجة ولحظات الذكرى الخالدة.