“سيدةُ الضياء” وداد الخيواني .. إجاباتٌ تشبعُ الفضول

إب7برس Ibb7press
لقاء | سماح عبدالله

” أنا إنسانة عادية جدًا، اسمي وداد أحمد سعيد الخيواني، خريجة فلسفة واجتماع، أعمل في مجال التربية والتعليم من فترة الثمانينات، وتنقلت في التدريس من الصفوف الأولية وحتى الثانوية، عملتُ -أيضًا- كمدربة ضمن فريق التدريب بمحافظة إب منذ عام 2003″.

هكذا تصف الأستاذة الفاضلة وداد الخيواني نفسها، ومن من يعرفها عن كثب سيؤكد أنها لم تسرد سوى النزر اليسير من إنجازات حياتها؛ كامرأة تتقن الإيجاز في القول، وتتألق في مجال العمل والعطاء المجتمعي تطوعًا في معظم الأحيان.

عَملت الأستاذة وداد مع بدء أحداث الصراع، وتصاعد موجات النزوح في مجالات الإغاثة التغذوية، وتمكين النساء اقتصاديًا، بأن كان لها الفضل في تشجيع فاعلي الخير لشراء سلال غذائية وزعتها مع فريق مزكّى للفئات الأشد فقرًا في المجتمع.

كما عملت بجهودها في المجال الخيري على توفير ماكينات للخياطة وزعتها بين نساءٍ دربتهنّ على مهنٍ تغنيهن وعائلاتهن عن حاجة الغير، وفي مجال تعليم الكبار تطوعت الخيواني في مراكز محو الأمية كما شجعت الكبار للالتحاق بالركب، فضلًا عن مراكز تحفيظ القرآن الكريم التي أشرفت عليها وخرّجت من بين يديها عشرات من حفاظ كتاب الله معظمهن فتيات.

زميلةٌ لوداد وصفتها بأنها ” امرأةٌ من نور، وسيدة للضياء، ونبراسٌ للجيل الصاعد حين يفقدون قيمة القدوة الحقيقية”.

“ووداد “كغيرها من نساء محافظة إب، تأثرت بالأزمة المعيشية الخانقة، لكن تعاطيها كان مختلفًا عن غيرها، يتجلى ذلك في قولها :”تأثير الأحداث على عملي سواءً المهني أو الإنساني كان كبيرًا ويفرض نفسه، لكني دومًا ما وجدتُ نفسي أنظر للجانب الإيجابي في أي موقف يمر بي، والصراع الموجود ليس الأول ولن يكون الأخير في تاريخنا اليمني المعاصر، وأنا- حقيقةً- أركز على رسالتي -كمربية ومعلمة- التي تحتم عليّ غرس الاستقرار والطمأنينة فيمن حولي وفي عملي”.

كزوجة وأم لم تقصر وداد في طمأنة أفراد عائلتها الصغيرة مع تصاعد أحداث الصراع، وكانت دومًا مصدرًا عذبًا لسكينة المنزل، وذلك بتقديمها للمشورة السديدة، وحنكتها في اتخاذ القرار المناسب بأحلك الظروف.

وقد تجاوزت عائلة وداد الخيواني الظروف الناتجة عن الأزمة بالبساطة في التعامل مع أي ظروف تطرأ -باعتبارها زائلة – مما يقلل من شدة وقعها. وإن الاستمرار في العطاء والرضا الداخلي يساهم بتخفيف أي أزمة حسب الخيواني.

وأضافت الخيواني بأنها كانت محظوظة أكثر من غيرها بإكمال تعليمها الجامعي، وقد قصت لنا بعض ظروف مجايلاتها بمنع الفتيات من التعليم بعد إكمال الصف السادس الابتدائي أي في الفترة الإعدادية وما فوقها بحجة تحريم الاختلاط، وأما وداد فكانت ابنةٌ لمدير مدرسة ومربي فاضل وقف أمام المجتمع وعاداته التي تقضي بحرمان الفتاة من حقها في التعليم، لتكبر وداد المربية والقدوة التي يحبها الكبير والصغير.

وقد عاشت وداد كإبنة بارّة لهذا الوطن الذي وصفته بالعشق الذي لا دواء له، وبإخلاصٍ عجيب تقف منتصبةً عند سماعها للنشيد الوطني ولو إيقاعًا دون كلمات.

و بالنسبة لدعمها لقيم السلام فالخيواني من موقعها وباعتبار علاقاتها مع طالباتها، وفي مراكز محو الأمية، ومع الأحداث الحاصلة، ركزت أولاً على تنبيه النساء بضرورة أن يتجنبن الحديث فيما لا قدرة لهن على تحليله، وحذرتهنّ – مرارًا – من تناقل الأخبار الغير مؤكدة، وتقول :” إن علينا أن نكون رموزًا للسلام، وليس منابرًا  لزراعة البلبلة والخصام في الأسرة أو بين الجيران بسبب اختلاف الآراء والتحليل الناتج عن سوء الفهم والجهل” وأضافت ” فلنترك أمر السياسة وما يحدث لمن يفهمونها ويدركون خباياها”.

وتشير الخيواني إلى والدها ووالدتها بأصبع الامتنان لمواجهة المجتمع الرافض لتعليم البنات في المراحل العليا، كما تذكر زوجها باعتباره الداعم الأكبر لإكمالها الدراسة الجامعية، وقد وقف إلى جوارها في كل مراحل عملها بالتشجيع والمساندة والتفهم، ومساعدتها أيضًا بتربية أولادهما تربية قويمة”.

كما تتحدث عن رسالتها في الحياة بقولها: “رسالتي غرس قيمنا الدينية والأخلاقية والتربوية وأهمية العلم ومحبة الوطن في نفوس كل من حولي وخاصة الجيل  الذي شغلته وسائل التواصل الاجتماعي بما لا يفيد بل بما دمر كثيرًا من القيم الجميلة  مع الأسف الشديد”.

كأمنية لوداد تقول إنها ستدرس من جديد إن تسنت لها فرصة، وبشكلٍ خاص تحب الاطلاع ودراسة تكنولوجيا التعليم باعتبارها تخصص العصر.

ولا زالت تتذكر كثيرًا من المواقف التي تشعرها بالفخر، أحدها أن سيارة من أحدث طراز توقفت ذات يوم ليستقلّ منها شابًا مهذبًا ومرتبًا، ينحني أمامها باحترام ليقول “كيف حال أمي ومعلمتي؟ “، وفي الحقيقة كان طالبًا من طلاب الأستاذة وداد من قبل 30 عاما تقريبا حد قولها بعد التعرف إليه.

وتنظر الخيواني إلى اليمن كله باعتباره الوطن الواحد، وتؤكد بأنها تعشق اليمن شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربا، دون استثناء، ولن تقصر في خدمة الوطن، وتقول :”كل من يحب اليمن وهمّه بناء وطنه فقلبي معه، وأرجو فقط الابتعاد عن الاختلافات الموجودة، كما أدعو الجميع لنبذ المناطقية والعصبية؛ كي نجتمع كلنا بمختلف توجهاتنا وقناعاتنا وانتماءاتنا تحت سماء هذا الوطن الواحد الذي يكفي الجميع ويحتضن الكل “