أوجه العنف ضد المرأة في المجتمع اليمني   

إب7 press
خالد كرش | رأي

العنف ضد المرأة لا يقتصر على التعنيف الجسدي فحسب، كما يعتقد البعض، فالعنف يشمل كل ما ينتقص من حقوقها ومكانتها وقيمتها في المجتمع والحياة بشكل عام.

فأنت تعتبر المرأة تابع لك في حياتك الزوجية لدرجة أنك تلغي شخصيتها، فأنت من تقرر ومن تأمر وتنهي وهي عليها أن تطيعك وتنفذ اوامرك، ولا تعتبرها شريكة حياة.

وصل بنا في بعض الأحيان، بل الأكثر، إلى إلغاء أسماء الزوجات، فتسمى باسم عائلة فلان في أي مرفق خدمي، وهذا نوع من أنواع التعنيف الحسي والنفسي.

وعلى مستوى الوظيف يتم إلغاء وتهميش المرأة بحجة أنها امرأة بالرغم انها الأكثر انضباطا وإنتاجا وجودة.

وفي الزواج أنت من تقرر، وعليها أن تنفذ أمر الزواج، وحتى في التعليم أنت من تختار التخصص وما يناسب تفكيرك المأزوم وليس ما تميل إليه وما ترغب، والكارثة أن خطأها لا تغتفر، فيما خطأك مغفور و لا تؤاخذ عليه.

ثمة تعنيف اخر، لكن هذه المرأة تعنيف إلكتروني، فعلى مستوى مواقع التواصل الاجتماعي تضطر الكثير من النساء لكتابة اسم وهمي خشية الإيذاء والتحرش، وما يمارسه البعض من إساءات وبذاءات وابتزاز، وهذا عنف أيضا، إذ لا يحق لها التعبير عن نفسها وعما تريده  إلا بحدود ما رسمت لها أنت من مساحة وحرية مجتزاه ومخترقة.

ومن انواع العنف أيضا ان يصل البعض لوصف بعض النساء امام زوجته دون مراعاة لشعورها، واختيار وتحديد ما تلبس وما تأكل وكيف ينبغي عليها أن تتصرف فيما أنت فاقد لكل أنواع الاتيكيت والذوقيات العامة

في المجتمعات الذكورية تعاني المرأة الكثير، نتيجة للجهل واتباع المفاهيم الخاطئة للدين وتقديس العادات والتقاليد والاعراف المغلوطة.

وتختلف المعاناة ما بين المرأة الريفية والمرأة الحضرية وهناك اشكال عدة في الجانبين ومنها على سبيل المثال لا الحصر المرأة الريفية أكثر معاناة فهي من تتحمل مسؤولية المنزل، وتربية الاطفال والعمل في الارض، وتحرم من التعليم، وإن تعلمت فتكون لمرحلة معينة أو للقراءة والكتابة.

أما عن معاناة المرأة الحضرية أو في المدينة فهي القيود المفروضة عليها من الأسرة، فلا يحق لها التعبير عما تعانيه أو ما تريد فعله، أو حتى مجرد الخروج للتسوق، وإن خرجت فلن تسلم من المعاكسات والتحرش من قبل عديمي الأخلاق.

وهناك تخصصات ومهن تحرم المرأة مزاولتها بحجة نوعها الاجتماعي، فلا يمكن لها أن تفكر بتخصصات مهنية، مثلا ميكانيك سيارات أو نجارة أو من هذه التخصصات المهنية التي اعتاد المجتمع على أن يشغلها الذكور فقط وتؤكد  تقارير واستبيانات أن نسبة العاملات في اليمن (4٫5) فقط من كل اليمنيات وهذا يعد نوعا من أنواع العنف الذي يجهله السواد الأعظم من الناس.

وتشكل المعتقدات والعادات والتقاليد الخاطئة أكبر عائقا وحاجزا أمام المرأة، ففي مجتمعات كمجتمعاتنا المتدينة، من تؤمن بالمفاهيم المغلوطة للمعتقدات التي توارثها المجتمع، وكذلك سيطرة العادات والتقاليد التي رسخت وأصبحت قناعات عند الغالبية الكبيرة من المجتمع لدرجة تقديسها ومن خرج عنها اعتبروه شاذا وكأنه كفر أو فرط بمقدس.

وبالرغم من أن الحرب والصراعات تشكل معاناة عند الجنسين، لكن ما يطفو للسطح العنف القائم على المرأة، حيث يظهر جليا العنف الجسدي والنفسي والاجتماعي جراء اضطرابات الحروب وتدهور الأوضاع الاقتصادية.

ونتيجة للحروب والصراع تكثر حالات الطلاق والمشاكل الأسرية والتشرد، والاستغلال بكل أنواعه، وفي الغالب تلجأ المرأة التي فقدت من يعيلها للعمل بأي أجر وبأي عمل، وقد تلجأ البعض منهن لعرض جسدها، والبعض قد تلجأ للتسول، وفي المحصلة تضحي المرأة بكل شيء من أجل أسرتها.

مما سبق نجد أن المرأة في مجتمعاتنا الشرقية وفي دول العالم الثالث والمجتمعات المحافظة ومنها اليمن ومن بينها محافظات اليمن إب تعاني المرأة من العنف والتعنيف بنفس الوقت وإذا ما أردنا الحد من هذه الظاهرة فإننا نجد أنفسنا أمام حلول من شأنها أن تساعد في الحد ولو الجزء البسيط من العنف ضد المرأة وهي تشجيع ودفع المرأة للتعلم، والتوعية بأهمية ومكانة وقيمة المرأة في المجتمع، من خلال إقامة ندوات ودورات تأهيلية وتوعوية.

أدعو المنظمات التي تعنى بقضايا المرأة أن تولي المرأة اهتماما أكبر، وأن تعمل على دعم وتشجيع النساء الحرفيات والمتعلمات ودعمهن لإقامة مشاريع صغيرة تكون فيها قادرة على إعالة نفسها.

وقبل الختام، من المهم أن أذكر أن المرأة في هذه المجتمعات قبلت بهذا الوضع، واستسلمت له، ولم تحارب من أجل حقوقها المسلوبة، إلا في حالات خاصة، وبنسبة شحيحة، ولو أننا نعتبرها نقلة في مجتمع اليمني بالذات المعروف بالتزامه وتشدده، إلا أن صمت المرأة أيضا عنفاً يمارس في حقها ومن قبلها، فينبغي أن تحاول بكل إمكاناتها كسر أغلال الخوف وأن تعبر صوب أفاق الأمان الوجودي بلا أدنى تخطي لدين أو معتقد صحيح.