من تقبل بأفلاطون زوجًا؟

إب7 press
سماح عملاق

 

بعد ترحيبي به أخرج من جيبهِ رزمة صغيرة من الدولارات.

– سألته: ما هذه؟

-إنها 1344$ بالتمام والكمال، المهر.

– ماذا؟

(أخرج حاسبة الكترونية من معطف الكوت الذي يرتديه وبدأ بالحسبة)

– حسب القرار الحكومي الأخير فإن مهر العروس 800 ألف ريال، وبالنظر لقيمة الدولار اليوم 595 ريال فإني سأدفعه بالعملة الصعبة 1344.5378151، ونظرًا لأنني فيلسوفٌ رائعٌ ينحدر من القرن الثالث قبل الميلاد لا بأس بإعفائي من الكسور.

نهضتُ لأرحل فإذا به مستدركًا:

-لكنك لم تأخذي الدولارات ولم تسأليني عن المصدر!

– بالنظر إلى فلسفتك المقدسة للعدالة والمساواة، أقول لك إننا لا نقدّر بثمن، وهذا المبلغ ابتع به عجلًا تربح بعده مبلغًا في عيد الأضحى.

استأذنتهُ ثم ذهبتُ مغبونة.. ولا أعلم السبب!

 

بعد يومين تقريبًا ظهر في باحة المنزل ليناولني رزمتين كبيرتين من عملة يمنية مهترئة جدًا..

(أشرتُ لها باستفهام)

-إنها المهر 800 ألف ريال، استبدلتُها بعملتكم المحلية فئة 100 و500 ريال لتبدو أكثر، وتعمّ البركة.

صرختُ بأعلى صوتي: اغرب عن وجهي، عليك غضبي.

 

-ظهر للمرة الثالث عقب أسبوع محمّلًا بشوالةٍ تصدر أصواتًا غريبة قرب المزرعة التي أزورها أسبوعيًا.

سألتهُ:

– أفلاطوون.. أهلًا بك، افتقدتك يا صديقي، هل أصبحتَ مزارعًا؟!

– كلا ياعزيزتي، هذا ليس بسماد زراعي، إنه المهر، حولتهُ إلى أفلاسٍ تتناغم بين أذنيكِ الجميلتين كأصوات الزفة.

– المهر من جديد، يالهولي!!

– 800 ألف ريال دون أي كسور وعليكِ بالعدّ إن كنت لاتصدقين.

 

(قررتُ وضعه في الصورة ليغرب عن وجهي بقولي):

– يا أفلاطون.. بالله اجلس معي لنوزّع معًا هذا المهر، بالنظر لأسعار السوق اليوم..

جلس أفلاطون يضرب ويحسب ويقسم ويضيف وأنا صامتة..

فإذا به عقب ساعتين من الانهماك على الورق، يهيم على وجهه، ينتف شعيرات من ذقنته بأظافره: “ذهب لا تكفي ، كسوة لا، حفلة زفاف لا.. حرام ظلم لا يُعقل..”

 

لحقتُ به مشفقةً عليه، انتظر يا أفلاطون، انتظر.

سأقبل بك وبهذا المهر الزهيد، لكن لا تحزن، فأنا ضد تسليع المرأة، وبقدر رفضي لتثمين كل الفتيات بنفس السعر إلا أنني أدعم امرأة تقّدم مهرها لزوجها أو تتزوجه دون مقابل إن أرادت ذلك.

 

(قررتُ بقبوله شفقةً لا أكثر لكنه أجابني باستخفاف):

 

-“لكنكِ كبيرة في السن، وأنا لجأتُ لكِ كي تخطبي لي ألفينية يا سماح، إنكِ بمقام أختي”!.

ضحكتُ من رده العجيب، وقررتُ لأجله أن أعمل كخطّابة، ثم سألتُه باستخفافٍ ثأرًا:

-أنت أيها الهيكل المندثر تودّ الزواج بيمنية من القرن الواحد والعشرين؟!.

(تنحنح بغبطة غير معهودة منه)..

– نعم.. أنوي الزواج بيمنية.

– ألستَ العازف عن النساء، المثلي الجنس كما يقولون، وقد عشتَ حياتك دون أن تتزوج امرأة واحدة، أم هي مجرد إشاعات؟!.

– لم أتزوج أثينية لكنني سأتزوج يمنية، لأنها الأصلح لي، ستعالج ضميري الموجوع بالمثليّة، ستنتشلني من بين أدرانها ياعزيزتي.

– هل هذا كل شيء ياصديقي؟

(اتخذ وضعية الشرود التي جعلتني الآن أستعيده في خيالي، ليفكر ثم يتحدث إلى نفسه متجاهلًا وجودي).

– كلا، بالنظر للفتاة اليمنية وخاصة فتيات إب أمثالك يقع الرجل في العشق مجبرًا؛ إنكنّ مذهلات ياسماح، مذهلات جدًا.

(بدأتُ بالاستمتاع فعلًا؛ فاستفسرتهُ عن وجه الذهول).

أكمل حديثه قائلًا:

– “نشيطات، مطيعات، خاضعات، طباخات، سباكات، عاملات للطلاء وللنظافة، مربيات ناجحات، مزارعات، حطابات، أنيقات، ودودات، جميلات، عفيفات، متدينات، معلمات متعلمات. والأهم من ذلك كله أنكن لاتدركن قيمة أنفسكن؛ فتقبلن بالقليل وتصدّقن اتهامات رجالكن بأنكن الهرمات النكديات الغيورات المتطلبات، وبالطبع إنها خدعة ليضمنوا ولاءكن لأطول مدة، وبأقل ثمن”.

ختم كلامه بغمزة سحرية أضحكتني وأغضبتني في آن :”نساءٌ بألف شريحة تقوم المنازل على أكتافهن وبثمنٍ يغريني لكسر رهبانيتي والزواج عاجلًا غير آجل”.

وبسم الله أرقينا من عين أفلاطون.