المرأة المطلقة بين سندان الفراق ومطرقة المجتمع

إب7 press
خالد كرش

 

يعتبر الطلاق من أقسى تجارب الحياة التي تخوضها المرأة العربية لأنها تتحول بموجبه فجأة من محترمة إلى “مشبوهة “، وفي احايين إلى عديمة أخلاق، وتتحول إلى امرأة سهلة معرضة لمختلف انواع التحرشات اللفظية او الجسدية.

 

وبالرغم من أن الرجل والمرأة كلاهما تعرضا للطلاق إلا أن نتائجه وتأثيره السيئ يقع على المرأة بمفردها بحيث لا تستطيع اخفاء آثاره المادية والمعنوية.

 

ولا شك أن الطلاق من الأمور التي يبغضها الله تعالى لمفاسده الكثيرة التي تؤدي إلى الفرقة بشكل نهائي والتفكك الاسري وله انعكاسات وابعاد اجتماعية وذاتية ونفسية وتربوية.

 

تقول أستاذة الإشراف التربوي والتخطيط الاستراتيجي في جامعة إب الدكتورة “نورية الأصبحي ” الطلاق ظاهرة وضع لكن بين المتعلمات أكثر كونهن يعرفن حقوقهن ولديهن استقلال مادي، ولأن المجتمع إجمالا لا يقدر ذاته فهي عملية إسقاطيه للأضعف منه ” .

 

وتضيف، وبالرغم أن المرأة لا تصل لمرحلة الطلاق، إن كان من طرفها، إلا بعد صبر طويل ومحاولات حثيثة لوقف تدهور العلاقة، لكن من جهة الرجل يكون السبب الرئيس وقوعه ضحية للعادات السلبية.

 

وتؤكد الدكتورة نورية أن أغلب طلاق الرجل والمرأة وقوعهما ضحايا معا لمجتمع لا يقدر المرأة اجمالا بسبب الجهل، وكذلك ضعف ثقافي وإنساني بعيدا عن الضعف الديني.

 

وتتحدث الاستاذة وفاء الحكيم، مديرة العلاقات والمنسق العام باللجنة الوطنية للمرأة بالمحافظة، منسقة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة في إب قائلة:” وضع المرأة اليمنية بعد الطلاق تختلف من منطقة لأخرى ومن الريف إلى المدينة، حيث أن وضعها في المدينة أهون من الريف بحكم العادات المتشددة والافكار لدى أولياء الامور والنسبة ليست كبيرة مع التطور والانفتاح هذه الايام “.

 

وتضيف.. قد تعاني المرأة في الريف من الحرمان من حريتها في الخروج أو التعليم وقد تعاني العنف أو التشتت وعدم التقبل خاصة إذا كانت يتيمة قد لا يتقبلها اخوتها بالسكن لديهم أو من زوجاتهم أو لظروف معيشتهم الصعبة وقد تضطر للخروج للعمل لتعول نفسها أو أطفالها في حال أنه لم يتم اخذهم منها مع أنه من الملاحظ أن أكثر حالات الطلاق لدينا تكون المرأة هي الحاضنة لأطفالها، والتي تعولهم لأنه قد يتخلى بعض الآباء عن هكذا مسؤولية سواء كان لعدم قدرته أو بسبب إهماله أو لزواجه بأخرى.

 

وتختتم الحكيم:” في بعض الحالات القليلة تتعرض المرأة للسب أو الإهانات بسبب طلاقها، وكذلك لا تستطيع المطالبة بحقوقها، بينما في المدينة تقل هذه الظواهر وتكون عكس ظروف المرأة الريفية حيث نظرة المجتمع المرأة المطلقة قاصرة بجميع الاحوال ولكن في وقتنا الراهن نستطيع القول ان المفاهيم تغيرت كثيرا وحدث هناك نوعا من التقدم النسبي في طريقة التفكير وكذلك نسبة الوعي العام “.

 

وتوضح الاستاذة ” أنيسة السقاف” رئيس قسم الاختبارات بمكتب محو الأمية في محافظة إب، في شرح مفصل أن أهم أسباب الطلاق، عدم الانسجام أو التفاهم بين الزوجين او انعدام الثقة، الخيانة، الزواج في سن مبكر جدا، بالإضافة للأمور المادية والمالية، وكذلك وجود مشاكل بين عائلتي الزوجين، والنظرة القاصرة الناتجة عن تخلف المجتمع الراكد وتحميل معظم أسباب الطلاق على المرأة مثلا.

 

وحول نظرة المجتمع العربي خاصة في اليمن، ومحافظة إب للمرأة المطلقة تقول “شيماء الخولاني”: ” بالشكل العام ينظروا لها على أنه لازم تلتزم بكل ما يطلبه منها المجتمع حتى لو كان هذا الالتزام خارج رضاها وينقصها الكثير من الحقوق سواء كانت هذي الحقوق من “أب، أم، أخ، اخت “وكل هذا بحجة واحدة ” إنتي إلا مطلقة “، خاصة بالمناطق الريفية”.

 

وتضيف “سمية علي”: للأسف لازال المجتمع الشرقي ينظر للمرأة بشكل عام أنها من تفتعل المشاكل وتتسبب في انهيار الأسرة وأن المرأة المطلقة لن تسلم من تلك النظرات والكلمات التي تؤذيها وإن كان الرجل مخطئ فالمجتمع سيجعل من تلك المرأة دمية ممنوعة من الخروج وأيضا ثقلها على كاهل من يعولها وكأنها ما كانت تعيش معهم قبل زواجها، فيستثقلون وجودها”

 

“زياد راشد” باحث حقوقي في جامعة إب يضيف بأن نظرات المجتمع للمطلقة تختلف فمن هم من ينظر لها نظره تشاؤم وأنها ما تطلقت إلا لعيب فيها وأنها قصرت بحق زوجها وأن هذا المطلقة يجب الا يجالسها أحد من النساء حتى يا يعود ذلك سلبيا على الجليس.

 

ويستطرد، وعلى العكس هناك مجتمعات وأسر تعامل المرأة المطلقة معاملة حسنة كونها خرجت من علاقة عانت منها ويلات كثيرة فلا يجبروها على شي ولها الحق والحرية في تجربة الزواج مرة اخرى من عدمها، وهناك بعض المجتمعات يعتبروا المطلقة أنها حالة متعبة، فيقدموا لها المساعدة بشكل مستمر حتى لا يشعروها بمرارة الفقدان.

 

من جانبها الأستاذة “خولة الشرفي “رئيسة اللجنة الوطنية بالمحافظة وفي دراسة لها أكدت أن أسباب الطلاق، الزواج المبكر كون الفتاة لم تكن على قدر كاف من العلم بما هي مقبلة عليه من حمل لمسؤولية تفوق حجمها وسنها.

 

وتوضح أن نسبة الطلاق والتي بلغت نسبة90% بين النساء يعد طلاق تعسفي من أصل 21%، والسبب يعود في ذلك حسب الدراسة الى الزواج المبكر والزواج بالإكراه وفارق السن الكبير بين الزوج والزوجة.

 

وللذكور رأيهم ونظرتهم للمطلقة في اوساط المجتمع.، إذ يتحدث “التاجر” عبدالكريم الحجافي عن معاناة المطلقة في مجتمعنا، حيث يشير إلى أن المرأة تتطلق دون حقوق ولا يوجد لها مسكن ولا حضانة لها ولأطفالها وينظر إليها المجتمع بنظرة دونية وفوق ذلك يحملها المجتمع المسؤولية.

 

كما أضاف “الحجافي” أن الرجل يعتقد أن المرأة أتت لخدمته ولا يعتبرها شريك، كذلك اختلاف معاملة الرجل تختلف بين معاملته خارج المنزل وداخل المنزل فهو يعتبر نفسه داخل المنزل هو السيد، والآمر الناهي ومعاملة رسمية فجة.. معزيا ذلك إلى تغلغل ثقافة سائدة وسيئة تعتبر المرأة سلعة.

 

ويضيف ان نسبة الطلاق بين المتعلمات أكثر لأنها تريد أن تكون شريكة، أما عن معاناة الأطفال الذين يكونوا ضحية هذا الطلاق فحدث ولا حرج رغم فداحته على الأم حيث تصبح وكأنها عالة مع أولادها وإن كان هناك حق الحضانة فهو لا يكفي حاجاتها وحاجات أبناءها فتضطر للعيش في بيت أهلها كخادمة من اجل أبناءها ناهيك عما يعانيه اطفالها.

 

ويرى ” عبدالحكيم الجماعي” أنه أحيانا تكون الزوجة هي السبب في الطلاق لغيرتها الزائدة أو لعدم وعيها وجهلها بحقوق الزوج وعدم تقدير حالته المادية ووضعه المعيشي.

 

وعن الأسباب التي تؤدي للطلاق، أشار الأكاديمي في جامعة إب الدكتور فضل كرش أن المرأة تشعر أن بيت الزوج مملكتها وتريد أن تكون هي الملكة وهذا حقها وكما نعرف أننا في مجتمعنا الغالب يعيش مع أهله وهنا يحدث الصراع بين الزوجة والأهل، وقد يتسبب ذلك بالطلاق والانفصال، وكذلك في المقام الاول لعدم وجود الوعي وتفشي ظاهرة الجهل الاجتماعي.

 

وأكمل، لذا نرى أن المرأة في إب وبقية محافظات الجمهورية تعاني من القمع والعنف بأنواعه ومنها شريحة المطلقات اللاتي هن أكثر عرضة للمعاناة والألم والقسوة نتيحه العادات والتقاليد والمفاهيم الخاطئة للشرع وعدم تفعيل القانون وذلك ناتج عن الجهل وعدم المطالبة منهن بحقوقهن ويُعزى ذلك للجهل بحقوقهن، وخوفهن من المطالبة بها، وكذلك غياب الدور التوعوي في هذا الجانب من قبل المرشدين الاجتماعيين، وضعف أداء المنظمات الإنسانية والحقوقية والاتحادات النسوية، وكذلك جهات الاختصاص المعنية بالأمر.

 

وأنهى الدكتور فضل حديثه: “نأمل من جهات الاختصاص أن تولي المرأة والمطلقات اهتمام لنيل حقوقهن والعمل على تصحيح نظرة المجتمع لهذه الشريحة من خلال التوعية والبرامج الثقافية الاجتماعية وغيرها “.

 

تبقى المرأة المطلقة ضحية نمط تفكير اجتماعي مغلوط، وثقافة بائدة، وهي في نهاية الامر خاضت تجربة حياتية وفشلت وقد لا تكون وراء هذا الفشل، وقد تكون قدمت العديد من التنازلات حتى لا تصل لمرحلة الطلاق، لكن الطرف الآخر أصر على إفشال هذا المشروع الإنساني والمتمثل بالزواج، ومن المهم التذكير أن الأطفال هم ضحايا هذه النتيجة البائسة، لذا من الواجب على المجتمع الوقوف مع تلك الانسانة حتى تستطيع النهوض من جديد وتواصل رحلتها في الحياة ككل البشر، وهذه ما يدعو له الدين، ولا يتعارض مع الفطرة السوية.