السرطان.. وهاجس العودة

 

إب7 press
بغداد المرادي

 

يعيش الناجون من مرض السرطان حاملين معهم هاجس الخوف من سماع كلمة عودة المرض من جديد وخاصة في أوساط النساء، فبعد أن خاضوا تجربة قاسية ومؤلمة لا يحتمل المبتلى بهذا المرض خبر عودته مرة أخرى إلا أن قضاء الله وقدرته نافذين ويحتاج إلى قوة إرادة واستيعاب ما وراء هذا الامتحان الأصعب الذي قد يمر به طوال حياته.

 

  • تصميم وإرادة

 

“سميرة علي محمد ” ناجية من مرض السرطان تقول: ” أن تسامحها مع ذاتها ورغبتها لأن تعيش الحياة دون استسلام، هو من منحها القدرة على مقاومتها لمرض السرطان والذي هاجم اللثة والغدد اللمفاوية في عمر الـ 45 عاما.

 

تروي أنه منذ اللحظة الأولى لمعرفتها بإصابتها بالمرض رضيت بقضاء الله وقدره، واعتبرت ان ما هي فيه امتحان من الله وجب عليها اجتيازه بقوة وأمل بالله لا يخيب:” بالفعل استطعت تخطي تلك الفترة وعدت من الخارج بعد رحلة علاج استمرت لشهرين متتابعين  أجريت خلالها عملية جراحية استغرت خمس ساعات لاستئصال الورم من اللثة والغدد اللمفاوية، وبحمد الله أعيش في كنف أسرتي وزوجي الذي  كان لي الداعم الرئيسي معنويا ومادياً وعائلتي أولادي وبناتي لم يشعروني قط أنني فقدت جزاء مني، وقد منحوني قوة وطاقة جبارة أعانتني على  تخطي الأزمات،  فالإيمان بالله والثقة فيه ورفع معنوياتي من قبل زوجي وأولادي كانت اكبر قوة عشت لأجلها وقاومت حتى تعافيت منه.

 

ولا تخشى ” سميرة ” من عودة المرض حيث تقول:” الله هو الذي شفاني وهو القادر على شفائي مرة أخرى “.

 

  • اختبار صعب

 

“جميل حسن المجيدي ” ناج من مرض السرطان والذي هاجم القولون يقول بأن عبارة “عودة المرض ” يخافها الكثير من المرضى الذين اصيبوا بداء السرطان وكتب لهم الشفاء، ولكن لا راد لقضاء الله وهو ما يفرض علينا تقبل القدر خيره وشره فبالعزيمة والإرادة استطعت النجاة من هذا المرض الفتاك، وكان أول داعم لي طوال فترة أصابني ورحلة العلاج هو نفسي والتي قررت أن اكافح من أجلها ثم أهل بيتي واصدقائي واقاربي الذين نصحوني بالتعامل مع هذا المرض ببرودة اعصاب فهو ليس نهاية المطاف بل بداية لتحد جديد واختبار يجب تجاوزه.

 

  • قوة الامل

 

“أروى خالد علي ” تروي قصة  تعافيها من مرض السرطان والذي هاجم “البلعوم”:”  في بادئ الآمر لم أصدق ان ما كنت اسمعه عن هذا المرض الخبيث قد أصابني وتغلل في جسدي وانا لا أزال في الثلاثينيات من عمري حوالي 38عاما، حاولت جاهدة اجتيازه دون تدخل طبي لكني لم أفلح،  بعدها سافرت للعاصمة صنعاء، أمضيت فيها ما يقارب الستة أشهر، أجريت لي جرعات “كيماوية ” مؤلمة حد الموت ولكني كنت أدخل غرفة الاشعاع والأمل بالله كبير أن يبقيني قوية لأعيش بين أولادي ومع زوجي الذي ساندني في كل لحظة وما يزال ولم يتخلى عني ولم يصبه الكلل أو الملل، لقد كان حرق السرطان بالكيماوي أشبه بوضع اسيت خام على جسدك، أتمنى أن لا يصاب أحد بمثل ما اصبت وأن لا يعاني أحد مما عانيت، والحمد لله تعافيت منه رغم أن هناك آثارا له، فقد تغير الصوت والشكل واضحى الجسد هزيلا، ولكن مع ذلك لا زلت اقوى ويقيني بالله اكبر “، ولست خائفة من عودته بالقدر الذي انهكت الجرعات جسدي النحيل.

 

  • تجربة العودة

 

“نادية أحمد” (35عاما) تقول عن معاناتها وعن تجربتها مع المرض: لا خلاف ان لمرض السرطان رهبته من حيث السماع به فكيف بالإصابة به شخصيا فهو فتاك  يلتهم صاحبه دون أي رحمة إلا أنني بعد أن مررت بتلك التجربة أيقنت أنه لابد من مقاومته ومصارعته وهزيمته حتى لا يتمكن مني ومن عزمي وإصرار ي على الحياة، فقد كنت أعاني من كتلة ورم في الثدي الأيمن وعندما ذهبت للطبيبة أخبرتني ان الأمر عادي ولا داعي للقلق، سعدت بهذا الخبر وشعرت بأن الدنيا ضحكت لي من جديد فقد كنت ولا أزال انظر اليه برهبة وخوف شديدين ولكن لم انته منه فبعد مدة وجيزة شعرت بوخزات وألم في الثدي وهو ما جعلني أعود للطبيبة مرة اخرى لأتلقى اكبر صدمة في حياتي وهو عودة السرطان للثدي الأيسر ورغم ذلك الموقف ومرارته حاولت تجاوزه بعد أن لاقيت الدعم من زوجي وأخواتي اللذين ساعدوني كثيرا واستطعت من بعدها ان أقف مرة اخرى  على قدمي” .

 

تلقيت العلاج الكيماوي لمدة ستة أشهر من خلالها أجريت عملية استئصال للثدي كاملاً وبحمد الله تعافيت منه لرضائي بقدر الله وقضائه.

 

 

  • المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان

 

يقول الدكتور بليغ الطويل، مدير المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان فرع إب، أنه لم يكتشف بعد السبب الرئيسي والمتسبب بهذا المرض الخبيث.

 

ويوضح الطويل أنه خلال العام المنصرم وحتى نهايته بلغ عدد المصابين بالأورام السرطانية في محافظة إب 4200 حالة مريض ومريضة تفاوتت فئاتهم ما بين الاطفال والذين بلغ عددهم 390 مصاب أي بنسبة 10%، فيما بلغ عدد النساء والفتيات 1950مصابة بين عمري الثلاثون والأربعون عاماً ما نسبته 46%، مشيرا إلى أن نسبة الذكور الذين أصيبوا بهذا المرض بلغت 1542 أي بنسبة 44%.

 

وأكد مدير المؤسسة الوطنية للسرطان أن الحالات التي قيدت لديهم ممن شفيت وتم ابلاغهم عنها بلغت 15% فيما عدا ذلك من الحالات التي شفيت مجهولة ولا يتم إبلاغهم عنها، وان هاجس عودة المرض قد لا تفارق الكثير، وهذا من وجهة نظره عائق نفسي قد يؤدي في حالات كثيرة للاكتئاب، فيما الأغلب يواصلون الحياة بشكل طبيعي.

 

مبيناً أن أكثر الأورام انتشاراً هي أورام الثدي في أوساط النساء والتي تمثل في محافظة إب نسبة 19%.

 

“الطويل” وأثناء إجابته عن الصعوبات التي تواجههم أثناء عملهم وتعاملهم مع المرض، أكد قلة الكوادر المتخصصة في مجال الأورام السرطانية إضافة الى طلب البعض إن وجودوا لتكاليف باهظة.

 

ونوه الى توفر 70% من الادوية، فيما ينعدم بعضا من هذه الأدوية في السوق اليمنية بشكل عام تماماً لعدم توافرها، مضيفاً إلى أن منظمة الصحة العالمية تسهم بنسبة 30الى40% من تقديمها للأدوية الكيماوية، ويتابع وما تبقى توفره المؤسسة نفسها من خلال تبرعات مجتمعية وغيرها.

 

 

  • تجنب عودة الإصابة

 

ليست ثمة طريقة مؤكدة لتجنب الإصابة بمرض السرطان، او الحد من عودته في الشخص المصاب، لكن الأطباء أفلحوا في تحديد بعض الطرق التي يمكن ان تساعد على حفض عوامل الخطر للإصابة بمرض السرطان بما في ذلك الإقلاع عن التدخين، وإتباع نظام غذائي صحي، والإكثار من أكل الخضروات والفواكه، وكثرة النشاط البدني “الرياضة”، والحفاظ على الوزن الصحي، وللحالات التي شفيت تتبع الطرق والنصائح المقدمة من الطبيب.

 

هاجس عودة مرض السرطان قد يسيطر على البعض، وقد يتسبب في متلازمة خوف لا نهاية لها لكن يبقى المحيط الاجتماعي والثقة بالله، ثم في النفس الدافع الحقيقي لاستمرار الحياة بشكل طبيعي.

 

#إب #ibb