رصاص مجهول الهوية

الرصاص الراجع

إب7 press
طاهر الزهيري

لم تكن تعلم ” زينب ” ذات 14 عام والتي اشتهرت بـ بائعة اللحوح، أن تخترق رصاصة راجع رأسها الصغير، وأن تتحول إلى ضحية بلا ذنب، الطفلة “عليا عادل” هي الأخرى فقدت عينيها جراء إصابتها برصاصة راجع.
باتت مظاهر إطلاق الرصاص الحي في المناسبات الاجتماعية وغيرها كابوساً يفزع المواطنين في محافظة إب، ولا سيما الأطفال والنساء، ولا يعلم أولئك الذين يطلقون الأعيرة النارية في الهواء خلال هذه المناسبات أنهم ربما يتسببون في مقتل أو أصابه أحد ودون أن يعلمون.
حالات عديدة خلال الفترة الأخيرة حصدتها رصاص مجهول الهوية ولا يوجد إحصائية دقيقة لعدد ضحايا هذه الظاهرة التي سجلت تزايدا ملحوظا، وأغلبها كانت إصابتها خطرة، بعد أن اخترقت الرصاص الراجع جماجمهم، وقليل هم من نجو من تلك الإصابات البليغة.
وتداول الكثير من المدونين والناشطين خلال الايام القليلة الماضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورا مؤلمة في إب لأطفال أصيبوا برصاص راجع ورجال ونساء، صور في الشوارع والعنايات المركزة وغرف العمليات، وتفاعل معها بعض الناشطين ودعوا لإطلاق حملات أمنية وحملات توعوية وساهموا في حملات مساهمات خيرية لعلاج بعض الحالات التي أصيب برصاص راجع.

• الجهات الأمنية

هذه الظاهرة العبثية التي حصدت أرواح الناس وبدون ذنب، تفاقمت في الاونة الاخيرة جراء تفشي ظاهرة حمل السلاح وبصورة عشوائية.
في مدينة إب، يسأل الناس أين الجهات المعنية والأمن من كل هذا؟ يتساءل زكريا حميد: ” أين رجال الأمن؟ لماذا يسمحون بإطلاق النار في كل مكان؟ في الأعراس… في المتنزهات… في الجبال… في الشوارع… وفي الحارات…!،
وفي كل فترة تنفذ السلطات الأمنية بالمحافظة حملات أمنية واسعة، تترصد وتراقب وتقوم بعملية تفتيش وتمشيط للمركبات والأفراد، فتبدأ الظاهرة بالتلاشي، ثم ما تلبث حتى تعود من جديد وبصورة أكبر… فإلى متى ؟!”
وفيما وجدنا أحدهم يشتري رصاص سألناه لمن؟ وهل أنت جندي؟ فأجاب: ” لا أنا مواطن بس عادنا اشتريت سلاح آلي وأشتي أجربه، فاشتريت الرصاص لأجربه من فوق سطح المنزل”، قلنا له بعد ذلك هل سمعت بضحايا الرصاص الراجع وهل تستطيع أن تجزم لنا أنك لن تسقط ضحية جديدة من رصاصك الذي ستطلقهن، فأجابنا: ” أيوه سمعت عن ضحايا الرصاص الراجع بس هولاك يطلقوا مش عارفين كيف يطلقوا الرماية تحتاج واحد فاهم وين اتجاه الطلقة وكيف يصوب السلاح الآلي، ثم لماذا أنا فالجميع يطلقون النار صباحا ومساء ، ” حلقت الدنيا عندي”، حاولنا أن نسأله ونكمل حديثنا معه ولكنه أبى، وأنسحب بعد أن أشترى كمية من الرصاص، وهو يبدو سعيداً بها.
وفي تصريح لمدير أمن إب عبدالله الطاووس جاء فيه ” سيتم ترحيل كل من يثبت تورطهم بسقوط ضحايا نتيجة الرصاص الراجع إلى النيابة العامة بتهمة القتل.. وإقالة أي مسؤول أمني يقوم بالإفراج عن أي متهم”
وقد شهدت مدينة إب بعد ذلك انتشار أمني ودوريات لرصد المخالفات في إطلاق الأعيرة النارية بالأعراس بالتنسيق مع عقال الحارات، وقد جاء في تصريح أخر أنه تم القاء القبض على أكثر من 50 شخص من مطلقي الرصاص في الأعراس وإيداعهم السجن.
وقد دعا ” الطاووس” جميع المواطنين وعقال الحارات للتفاعل مع هذه الظاهرة من خلال سرعة الإبلاغ عن أي من يخل بالأمن وذلك من خلال رقم العمليات (04421411) وأكد أن المواطن شريك في الحفاظ على الأمن العام للمحافظة.

• حلول…

يقول فتح أحمد: ” نحن في مدينة مسالمة وأطلق عليها مدينة السلام والعاصمة السياحية وهذه الظاهرة تسيء جداً للمدينة ولما عرفت به وتؤدي إلى مشاكل وخيمة وجرائم كبيرة، ولكن يعود ذلك لانتشار السلاح والسماح للجميع بحمله المدني والعسكري ولذلك يجب أن يكون هناك قانون ونظام لحيازة السلاح، وأيضا المنع والعقوبة لكل من يطلع الرصاص في الأعراس والمناسبات المختلفة”
من جانبه قال ياسر عبدالله: ” المشكلة ليست وليدة الأمس وظاهرة إطلاق النار تخف وتزداد حسب ضبط الجهات الأمنية وتهاونها، فقد خفت هذه الظاهرة قبل فترة مع الحملات الأمنية وخروج الدوريات والأطقم إلى أي حارة أو مكان يتم سماع إطلاق النار فيه، وعودة الأمن وتشديد العقوبات في ذلك سوف يحد من هذه الظاهرة”.
أما عارف علي فيقول: ” أولاً يجب أن يكون هناك ضبط وقانون لتجارة الأسلحة فقد أصبحنا اليوم نشاهد محلات لبيع السلاح والتجارة به وباعة متجولون للرصاص وقطع خاصة بالأسلحة بل أصبح هناك سوقا للسلاح ويمكن لأي أحد الشراء والبيع فيه وحيازته، وأنا أرى أن الحل لأبد أن يبدأ من الجذور”.
نبهان قاسم يقول لا يجب أن يحمل السلاح في الشارع إلا العسكري أما المدني فمن المفروض يمنع وإذا تم منع التجول بالسلاح لن نسمع إطلاق النار العشوائي ولن يصاب المواطنون ويقعون ضحية الرصاص الراجع.
قد يكون الوعي هو كل ما يحتاجه المجتمع، لأنه المتضرر الوحيد وينبغي أن يحارب هذه الظاهرة ويسعى جاهدة لإيقاف هذا الموت العبثي وتلك العادة السلبية القاتلة، ويأتي بعد ذلك دور الجهات الأمنية في الحد من انتشار حمل السلاح وتجريم كل من يطلق الرصاص في المناسبات والافراح.