العيد في ريف السيف

إب7برس Ibb7press
عمران هلال

 

السِيف بكسر السين وتسكين الياء، عزلة على السفوح الغربية للمحافظة الأكثر بهاء وبهجة وخضره إب وتتبع أداريا مديرية ذي السفال.

عزلة ريفية بامتياز، تحتفظ بكامل خصائصها الريفية وطقوس تقاليدها العرفية، جيل بعد جيل تقريبا عدا عن بعض الإضافات الطبيعية عن تداخل الحياة وامتداد تأثير المدينة نحوها.

على قرع الطبول (البرع) المتداعية من كل محلة لقرى الريف وأصوات تكبير العيد يهرع الناس للخروج الى صلاة العيد من كل حدب وصوب بلباسهم التقليدي المكون من (ثوب وجنبية ) مهرولين نحو جبانة العيد والتي بالعادة ما تكون مكان مستوي ومساحة مسطحة خضراء  تسع لكل الناس.

 

  • صلاة العيد

يتسابقون الخطى مسرعين ليصبحوا أول الواصلين حاملين معهم ما استطاعوا من أطفالهم وأصوات قرع طبول العيد يزداد دويها من كل جهة ويقترب أكثر فأكثر إلى المصلى.

وهناك يقبع الجميع على مسافة واحدة، أطفال ورجال شيوخ وشباب وفق صفوف مستوية لتكبير العيد وصلاته مفترشين بضع من سجاجيدهم أو شيلانهم الأنيقة، وما أن تنتهي خطبه العيد والتي غالبا ما تتناول الدعاء بالقبول لصالح الأعمال وتحشيد الناس للاصطفاف نحو الله كما كانوا في رمضان وتدعو إلى نبذ البغضاء والتحاسد والعصبية وتجدد الدعوة إلى التساوي في الشعائر الإسلامية صفا واحدا، حتى يصطف كبار السن والشخصيات الاجتماعية إلى جهة، ويتوافد الجميع للسلام عليهم مهنئين ومباركين بالعيد السعيد متمنين لهم الصحة والعافية والقبول لصالح الأعمال، ثم يسلم الجميع على الجميع بدون استثناء، فالكل هنا يعرف الكل ولا أحد غريب في الريف أو غير معروف.

 

  • الاضاحي لمن استطاع إليها سبيلا

في كل عام يتناقص عدد المواطنين الذين يقدمون على شراء الأضاحي، جراء محدودية الدخل، والارتفاع المبالغ فيه بأسعار الاضاحي، ناهيك عن الوضع الاقتصادي المتدني للمواطن جراء الحرب الدائرة في البلد.

عادة ما يشتري سبعة أشخاص عجل ويقومون يوم العيد بإحضار من لديه الخبرة في الذبح وتوزيع الأضحية بالتساوي، بعد ذلك كل شخص يأخذ نصيبه ويخصص جزءا للمحتاجين والبسطاء في العيد، والبعض الآخر قد يضحي بخروف أو ماعز، فيما الاكثر يضحون بدجاج من النوع الكبير التي لا يتجاوز سعرها الـ 6 دولار وهي تفي بالغرض.

 

  • زيارة مقدسة

وعلى أصوات تقبل الله منا ومنكم وحجاج .حراوى ( أي حاجين إلى بيت الله أو عرسان )، ومع قليل من الابتسامات وكثير من ألعاب العيد النارية يرتفع صخب العيد وتعلو وتيرته أخرى بعد أخرى ليهرع  الجميع عقبها لزيارة المقابر والتي بالعادة تكون قريبة جدا من مصلى العيد، ليزر كل واحد منهم أقاربه وأهله السابقون فيها، تالين عليهم بضع من سور القرآن، وقليل من الدعاء، وغالبا ما تكون الفاتحة إلى أرواحهم هي أم السور المتلوة على مشاهد قبورهم مع قليل من الدعاء.

وخلال هذه الفترة تهمد أصوات الطبول احتراماً وتقديسا للطقوس المقدسة من الزيارة والصلاة لدقائق، ثم تعاود قرعها لرقصة البرعة والتي على العادة ما يتشارك بضع من الناس في رقصها بأثوابهم البيضاء ورؤوس جنابيهم اللامعة لبضع من الدقائق، ثم يتوافد الناس للعودة الغى بيوتهم أو زيارات ارحمهم، وينسلون من مصلى العيد وفودا بعد أخرى لتبدأ الطقوس البيتية الخاصة بكل أسرة من تسليم وزيارة الأرحام القريبة.

 

  • العيد المجدب

على العادة ما كان يأتي العيد والحشائش الخضراء تزين الحقول رفوف الجبال لتكسب العيد بهرجا من سندس أخضر، غير أن هذا العيد جاف تماما عدا عن مطر يوم أمس الأول والذي أغدق على هذه المروج، ولكنها فترة ليست كافية لاستيقاظ الحشائش، ونمو النبات والأعشاب الخضراء، بل لزيادة طين الطرق والممرات أكثر وأصباغها بخليط الماء والتراب.

  • خُفوت

طقوس العيد هنا بدأت بالخفوت على العكس تماما مما كانت تشهده خلال سابق السنين، لعل جدب الحال وشح الأعوام العجاف، بالإضافة إلى جدب الأرض نتاج تأخر موسم المطر والزراعة وما نتج عنه من تردي الحالة الاقتصادية البائسة، والتي أثرت على الريف كنتاجاً طبيعي لامتداد تأثرها بالمدينة، أكسب العيد هذا بضع من الخفوت وكثير من التمنع عن اظهار كامل الفرحة والبهجة على وجوه الاطفال والكبار والشباب، والاكتفاء بالطقوس الرسمية للعيد من شعائر الصلاة والخطبة العيدية والمصافحة العيدية  وزيارة القبور، ثم العودة للبيوت عن بقية الطقوس الكبرى التي كنا هنا بالريف نعتاد عليها

كمجموعة الرقصات الشعبية، والخروج الجماعي للتنزه، والزيارات هنا وهناك، والتجمعات الطفولية والشبابية للقيام بمراسيم ألعاب العيد السعيد.