أحد كاتب إب الكبار أحمد طارش خرصان لـ ” إب7برس ibb7press “

لم يزل الشعر هو الهاجس الذي أحاول إحاطته بسياج العشق والوله الطري، ولا أميل إلى استرضاء أحد حيال ما أكتبه

كلماته خيول جامحة، ومفرداته أنهار مترعة بالشجن والروعة، وحبره رغيف الكرامة المعجون بطحين سنابل الشموخ النابتة بعزة وإباء في مدرجات وحقول وراف السامقة، كاتب في مدينة إب، أحمد طارش خرصان، الكتابة بمفهومها النافذ والناقد والمعبر عن أوجاع وتطلعات أمة، قلم جريء مفعم بالعنفوان، غيور على هويّة الوطن والإنسان والتاريخ والجغرافيا.

خرصان، ابن العبارات المُثمَلةُ برحيق ازهار المشمش والرمان، كلماته مُعتَّقة برائحة المشاقر والشذاب، حروفه صاخبة بحجم هدير شلالات إب، لغته وطن، وحقيبة سفر صوب عوالم الشغف والمتعة والحضور الطاغي.

إب7برس Ibb7press
لقاء | نشوان النظاري

• أين هاجس الشعر، وهدير الأبيات، وصهيل القوافي وهي تسابق الانسام الأولى في مدرجات وراف، هل احتوت المدينة ذاك الشاعر، أم أنت من منحته إجازة قاسية؟

– تبدو الحياة أقل حضوراً بدون الشعر، فمع الشعر وجدتني هناك حيث تمنيت أن أكون، وبالشعر عرف الكثيرون جانباً من حياة قروي قسرته الحياة على التنقل بين القصيدة والكتابة.

لم يغب الشعر البتة ولم يزل هو الناظم لإيقاع الحياة التي أمارسها نزفاً، ولم يحدث أن غاب لحظة فتجده متوغلاً في تفاصيل ما أكتبه وأتناوله.

لم يزل الشعر هو الهاجس الذي أحاول إحاطته بسياج العشق والوله الطري، وأحاول ما استطعت سبيلاً البقاء على ضفافه الخضراء وفيافيه الموغلة في الجمال والبهاء.

يشبه الشعر صندوقاً مزدحماً بالكثير من المجوهرات، وأجدني كلما داهمني العوز أعود إليه لألتقط من جوفه كل غالٍ ونفيس.

في المدينة حضرت المقالة الممتلئة بالشعر، ولولاه لما كانت الكتابة، الكتابة التي منحت أحمد طارش خرصان ما كان يأمله من الحضور المحترم الذي يكسبني العمر أضعافاً مضاعفة.

• أستاذ احمد، كيف تنسجم معادلات وقوانين الفيزياء وجنون الأدب، وقد لمحت مفردات فيزيائية تعبر بخيلاء بين الفينة والأخرى إلى أعماق بعض نصوصك؟

– لم تكن الفيزياء وجهتي، لكنني أجبرت على السير في سراديبها الجافة وقوانينها، لم أستطع ولوج قسم اللغة الإنجليزية لأسباب لا يمكن سردها هنا، لكنني كنت أرى في اللغة عالمي الذي آمله وحياتي التي أرجوها.

في عوالم الفيزياء وقوانينه تمكنت من إثبات حقيقة أن القوانين الجافة واليابسة لا يمكنها تجاوز اللغة وذلك ما كان، حيث فزت ولعامين متتاليين 97/96م و98/97م بجائرة الشعر في المسابقة التي نظمتها جامعة إب آنذاك.
تنعكس ثقافة أحدنا وقراءاته على ما يكتب وذلك ما يبرر ما تجده من مفردات فيزيائية فيما أكتب.

• تدفعك قناعاتك ومواقفك في أحايين كثيرة إلى أن تخسر أشخاص واتجاهات وتلك خسارات فادحة، كيف تعوض كل تلك الخسارات؟

– قدر الكاتب أن يقف هذا الموقف وأن يتعرض لمثل هكذا خسارات، ولإنها تكون فادحة في أحايين كثيرة، أجدني في تلك الأحايين ملزماً بمحاولة إيجاد صيغ تفاهم بيني وبين ما كان سبباً في تلك الخسارات.
لا أميل إلى استرضاء أحد حيال ما أكتبه، ولعل العزاءات التي أنالها هو أنني كسبت ذاتي وما أنا عليه، ناهيك عن الظفر بتقدير آخرين، هم من أعتبرهم العالم الذي تمكنت من ولوجه وإن كان بخسارات كتلك التي طرحتها.
أؤمن بهذه الجملة التي كتبتها ذات يوم ( في طريق الخسارات ثمة ما يكسبه المرء ) .

• هل سئمت الكتابة يوما ..؟
– في البداية يظن أحدنا أن الكتابة وتحول أحدنا إلى كاتب هو أمر سهل، لكن مع استمرار أحدنا تتحول الكتابة إلى عمل صعب وشاق بحسب ما قاله ماركيز في كتابه لم آت لألقي خطاباً.

لم يحدث أن داهمني سأم الكتابة، ذلك أن الكتابة هي العالم الذي من خلاله أشعر أنني حاكمه الوحيد أمارس فيه كل شيء وأمارس فيه سلطات الحاكم المطلق، وأحاول من خلال تلك السلطة بناء عالم مثالي متخفف من كل هذا القبح الذي يحكم قبضته في مصائرنا.

• ما الشعور الذي يراودك عقب الانتهاء من كتابة نص أثار ضجة وأحدث ضجيجا وحقق هدفه؟

– أن تجد أثر ما كتبته في ردود أفعال راضية أو غاضبة، فذلك يدعوك أو يبث في فضاءاتك الزهو والرضى، كما أن حالة الاحترام التي تمنحك إياها ملامح الكثيرين وثناءاتهم المجانية تشعرك بصوابية ما أنت عليه في كتاباتك، وأصدقك القول أن ثناءً عابراً ولو كان من قارئ عاديٍ يدفعك لتقديم الكثير كتعبير عن الامتنان لأولئك الذين منحوك الرضى والبهي من التقدير والاحترام.

• ما الذي يحن له أديب إب ؟
– نفتقد للدولة… الوطن الذي أسلمناه للمجهول.
أشعر بفداحة ما وصلناه ونحن نقف بين دولتين زنزانتين لا تتبادلان حتى التحية..
وجعنا مضاعف ونحن نقف كضحايا لهوس الحرب والخراب والدمار.
نجدنا هناك إما ضحية لقذيفة طائرة غادرة أو ضحية غباء مكتظ بالأوهام وشعارات لا أثر لها إلّا في اتساع دائرة الموت والأوجاع المتفاقمة.

• هل تولد الأمنيات من رحم الوجع، وكيف تزهر تلك الأمنيات والعمر يشيخ ؟
– لا يمكننا التوقف عن خلق الأمنيات مع ما نعيشه من واقع معتم وسيء.
الاستسلام لهذا الذي يلف حبال مشنقته حول رقابنا هو الموت بعينه، ولذا يتوجب علينا إفراغ مساحات من حياتنا – مهما كانت غير قابلة للحياة – للأمنيات والأحلام والتفاؤل أن ثمة أيام قادمة ستكون بمقاسات الضحكات البريئة الصاعدة من عيون الأطفال كعصافير مبتلة بالأمل والأغنيات العذاب.

• هل تبق …
– في جعبة هذا الواقع ما يمنحنا مساحة للمضي في نسج ما نبقى من حلم خجول؟؟
– ستظل محاولاتنا أشبه باجتراح الحلول والاصطفاف في ماراثون التحدي واقتناص اللحظة المليئة بأمل وطن ضارب في القدم والحضارات الخالدة.
نحن محاصرون بالأيام والشخوص السيئين، لكننا لا زلنا نملك القدرة على ارتكاب المجازفات الرابحة والمغامرات الجيدة لإعلان أننا أحياء ولا بد لحياتنا من أن تعبر جسر الوجع إلى الضفة العامرة بقيم التسامح والوطن لذي يسع الجميع، والجميع دون استثناء.

• شاشتان ذكيتان، وأيباد نشط، وحزمة قات ذو المذاق الراقي، قنينة ماء باردة، ولحظات تجلي وانسجام، تكسر سبات إب الوجل .. ما الذي تعني لك كل تلك التفاصيل ..؟؟!!

– هي الحياة برمتها، قطار يقلنا ويطوف بنا عوالم البسطاء والموجوعين ومن قسرتهم الحياة في أن يعيشوا هناك بحناجر مخنوقة وأرواح مكلومة ونهارات مطفأة الضوء ومساءات مشتعلة بالآهات والندوب الصاخبة.

• استجواب

– أجب بكلمة واحدة .. ماذا يعني لك ما يلي :

– الشعر : معراج الروح

– المستقبل : الهُناك الكسيح

– الحلم : الطفل الذي أعملنا فيه سكاكين الحقد والوهم

– إب : مدينة الله وضفة الغيم

– الام : المنارة الأقرب إلى السماء

– الحرية : فطرة الله

• أفضل 

– أفضل كتاب قرأته : عشت لأروي لماركيز

– أفضل شاعر عربي : الشاعر العربي الكبير محمود درويش

– أفضل قصيدة سكنت أعماقك : ( رام الله )للشاعر المصري أحمد بخيت.