نازحو تعز في إب.. كفاحٍ من أجل البقاء

بسمة وأسرتها أنموذجًا

إب7 press
سماح عبدالله

“النزوح باختصار بمثابة اجتثاث نبات من مكانه وغرسه في مكان آخر، فهو بحاجة للتعود والتأقلم على الظروف الجديدة، وتجاوز الصعوبات مهما كانت دون استسلام”

بهذه الكلمات وصفت بسمة (30 عامًا، نازحة من محافظة تعز إلى إب” عملية نزوحها مع أسرتها المكونة من زوجها وأطفالها الثلاثة، إضافة لخمسة آخرين من أسرة زوجها.

البدء من هنا

لم يكن لدى أسرة مراد بكيل زوج بسمة أي خيار لتحديد تاريخ النزوح أو اختيار المنطقة المراد الذهاب إليها؛ فبدون سابق إنذار تم قصف منطقة صالة بتاريخ 20 أغسطس 2015م ليلاً بعد صلاة العشاء

تقول بسمة:” كان القصف عشوائي على منازل المدنيين ودمّرت بيوتنا كما وقع ما يقارب 86 قتيلًا من سكان الحارة، وكان هناك عدد كبير من المصابين”.

تصف بسمة ليلة النزوح بقولها:” كانت ليلة مظلمة لم نسمع فيها غير أصوات طلب الإغاثة من مكبرات الصوت في المساجد للخروج للمساعدة وإخراج من دُفن تحت الركام؛ وقد خرج جميع الرجال للمساعدة، لكن القليل تم إنقاذهم؛ كون الركام كان أكبر من قدرة الرجال، واستمر الإنقاذ حتى طلوع شمس اليوم الثاني”.

قرار النزوح

في اليوم التالي للقصف وقع القرار الجماعي لمغادرة منطقة صالة من قبل سكانها.

تسرد بسمة :”خرجنا مباشرة ونحن نحمل الشيء اليسير معنا من ملابس ومايوجد معنا من مال، بعد ذلك تواصلنا مع شخص من مديرية السياني في محافظة إب، وكان لديه صلة بالعائلة للبحث عن مسكن لنا”.

وصلت أسرة بكيل الى السياني جنوب غرب محافظة اب، وسط البلاد في 22 من أغسطس 2015 وتم استقبالهم في منزل أحد الأصدقاء، لتعيش ثلاث أسر في نفس المنزل.

تصف الوضع بسمة بقولها :” كان الوضع مزرٍ جدًا دون فراش أو بطانيات، كنا نتقاسم الفرش الواحد مع الغطاء، وبنفس الوقت توجهت الثلاث الأسر من الأهل إلى منطقة الجند في تعز للبحث عن سكن”.

هكذا كان حال العشرات من الأسر النازحة من منطقة صالة عقب خروجها بنفس الوقت واليوم، فكل أسرة توجهت في اتجاه مختلف، ليتم إعلان منطقة صالة منطقة عسكرية؛ ما جعل الرجوع إلى المنطقة ضربًا من المستحيل الامر الذي جعل أسرة بكيل وغيرها تتقبل الوضع الجديد حيث لا مسكن ولا عمل.

الهروب من الاستغلال

تشرح بسمة بعض التحديات بقولها:” بعد ذلك عثرنا على بيوت للإيجار وكانت هنا الصدمة تم رفع إيجاراتها، واستغلال النازحين بسبب حاجتهم من قبل بعض المؤجرين، فتحمّلنا مجبرين وضع الإيجارات لفترة “.

وتضيف:” أما نحن وبسبب عدم وجود عمل أو مصدر للدخل وبعد استنزاف ما تبقى من مال بحثنا عن سكن مجاني، وكان الخيار المتاح هو المدرسة، كفرض إن صح الكلام وحصلنا على غرفة وحمام ومطبخ وكان عدد أفراد أسرتي الصغيرة التي انتقلت إلى المدرسة 5 افراد أب وأم وثلاث بنات ذاك الوقت، وحاليًا صار الأطفال أربع بنات”.

وتشهد محافظة إب ارتفاعا في أسعار المنازل بنسبة تصل لـلضعف وفقا لمصادر مطلعة من المواطنين عقب توافد أفواج كبيرة من النازحين من المحافظات المجاورة كتعز، والحديدة ومأرب، ووفقا لتقديرات المفوضية السامية لشؤون النازحين في اليمن نزح نحو 500 ألف نازح من محافظة تعز نحو محافظة إب؛ الأمر الذي خلق أزمة إسكانية في المحافظة.

دعم طفيف، وكدّ لا ينتهي

يقول مراد بكيل:” حصلنا في بداية 2018م على فراش وبطانيات من منظمة الهجرة، ومن ناحية منظمة الإغاثة للأغذية في عام 2017 كانت تعطينا نصف كيس من القمح وعلبة زيت بين أسرتين واستمرت لمدة 4 إلى5 أشهر بعد ذلك توقفت تلتها منظمة خليجية وتم صرف حالتين فقط من الأغذية وبعد ذلك توقفت”.

ويضيف مراد:” استهدفتنا منظمة اتحاد نساء اليمن في عام2018م في برنامج مساعدة مالية في فترات متفرقة، كذلك ظهر صندوق التنمية الذي استهدف المرضعات والحوامل في المنطقة دون التحيز للنازحين وكان استهداف شامل استهداف شهري 20 ألف ريال لمدة سنة ثم توقف، وتم استئناف منظمة الإغاثة للأغذية في عام 2019م ومازالت مستمرة، أما بقية المنظمات فقد تلاشت”.

وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة التابعة لجمعية الأمم المتحدة -في موقعها الرسمي- عن نزوح نحو 37 ألف شخص في اليمن، منذ بداية العام الجاري2021، بسبب أحداث النزاع.

وفي تقرير لها نشرته مطلع العام2021 ، رصدت المنظمة نزوح 6 آلاف و121 أسرة (ما يعادل 36 ألفا و726 فردا)”.

البحث عن عمل

عمل مراد بكيل زوج ابتسام في بسطة لبيع الخضروات، وبسبب ديون الزبائن له مقابل بضاعته ومماطلتهم   له في السداد أفلس، ثم انتقل للعمل في الدواجن؛ لكن العائد كان منخفضا ليعمل أيضًا في بيع الملابس، وبعد ظهور جائحة فيروس “كوفيد 19″ توقفت الأعمال وزادت صعوبة الحصول على عمل لمراد، ومع ذلك لم يستسلم بل ما يزال يكافح من اجل لقمة عيش كريمة يقول:” تنقلت بين أعمال كثيرة وسأظل أعمل لأكسب رزقي وأوفر رزق أسرتي بالحلال ما حييت “.

من جانبها عملت بسمة بداية في بيع الزلابيا والسندويتشات لطلاب المدرسة ثم عملت كمعلمة متطوعة في مدرسة مجمع أروى للبنات الذي تسكن فيه- بحكم شهادتها الجامعية كخريجة محاسبة من جامعة تعز-كي تستطيع دفع الرسوم الشهرية لبناتها من مقابل جهدها في التدريس حسب اتفاقها مع إدارة المدرسة الحكومية التي تسكنها.

الأستاذة نادية غانم مديرة مجمع أروى للبنات تقول: “لقد جاؤوا نازحين، من بيوتهم، لا يملكون شيئا، لكنهم لم يستسلموا، وحاليًا تعمل بسمة معنا في التدريس كمعلمة بديلة للصف الثالث الابتدائي”

تحب الطالبات أستاذتهن بسمة، ويعتبرنها هدية، تقول سوسن عبدالجبار (9 سنوات وطالبة في المدرسة) :” الأستاذة بسمة طيبة وتحبنا ونحن نفهم منها كثيرا”.

وتضيف أسوان زميلة سوسن:”لم نذق أطيب من الزلابيا التي تعدها أ. بسمة، فنحن لانتناول فطورنا في بيوتنا بل نبتاع ما نأكل في فترة الراحة مما تبيعه لنا الأستاذة بسمة”.

حلم العودة

أمكن لهذه الاسرة ان تتكيف مع الوضع الجديد تقول بسمة:” نحن مقتنعون بحياتنا الآن، أما من ناحية العودة إلى تعز فالأمر صار حلمًا، نحن اليوم نبحث عن الاستقرار، ونغرس في نفوسنا مشاعر الرضى بالوضع الحالي او الأمر الواقع”.

وتشير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن هناك واحد من بين كل ثمانية يمنيين في عداد المهجرين؛ فقد اضطر نحو 172,000 شخص للنزوح خلال عام 2020.

وقد كان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أعلن بحلول29 سبتمبر 2015 عن نزوح و1,439,118 مواطن داخلياً، و250,000 نازح يمني خارج اليمن بسبب أحداث الصراع الدائرة في البلد.

وتسبب ضعف الوضع الأمني في جعل عودة النازحين والمهجرين امرا صعبا على الأغلب، اذ لم يتمكن سوى أقل من 11,000 شخص من العودة إلى المناطق التي ينحدرون منها هذا العام حسب تقارير المفوضية العامة 2020/2021.

يشار إلى أن محافظة إب تمتد على مساحة 6484 كيلومتر مربع، وتعد الأولى بين محافظات الجمهورية في الكثافة السكانية نسبة لمساحتها، والثانية بعد تعز، في عدد السكان بشكل عام، إذ يقطنها نحو مليونين و132 ألف نسمة بحسب التعداد السكاني الأخير عام 2004، ليتوزع السكان على 20 مديرية، وقد ارتفع عدد السكان – منطقيًا – لأضعافٍ بعد وصول الآلاف من النازحين داخليًا إليها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مصادر:

نزوح نحو 37 ألف شخص في اليمن، رصدت المنظمة نزوح 6 آلاف و121 أسرة (ما يعادل 36 ألفا و726 فردا)”.

 

https://www.unhcr.org › …

المفوضية – اليمن – UNHCR

وقد كان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قد أعلن بحلول29 سبتمبر 2015 عن نزوح و1,439,118 مواطن داخلياً، و250,000 نازح يمني خارج اليمن بسبب أحداث الصراع الدائرة في البلاد

http://publications.iom.int › pdfPDF

تقرير الهجرة الدولية لعام 2015 الهجرة والنزوح والتنمية في منطقة عربية م

 

واحد من بين كل ثمانية يمنيين في عداد المهجرين؛ فقد اضطر نحو 172,000 شخص للنزوح خلال عام 2020. ولم يتمكن سوى أقل من 11,000 شخص من العودة

https://www.unhcr.org/ar/news/latest