ثَورٌ أم زوجتان

إب7 press
سماح عملاق

ضمن تحضيراتي لعيد الأضحى قررتُ شراء الخروف، وجدتهُ جائعًا مهترئ البطن، خاويًا إلا من بضعة حشائش صفراء مرميةً أمامه.

سألتُ الراعية عن سعره، قالت بصوتٍ أجش:”80 ألف ريال “.

رددتُ عليها بصوت ريا أخت سكينة:”وبتئوليها ف وشي كدا هوه وبكل بساطة؟!! “.

لم يرقها مزاحي علام يبدو، ففرقعت أصابعها وكأنها تستعد لمعايدتي بلكمة ثلاثية الأبعاد.

غيرتُ أسلوبي في الحال :”يا حجة الله يحفظك، عيّني كيف هو جاوع هاوع، هيا راعينا بالسعر”.

صعّرت خدها بكل أنفة، فهذا الموسم هو فرصتها للتكبّر،حينها ظهر أفلاطون فجأة من تحت الأرض متسائلًا:

جاوع وفهمتها بصعوبة، لكن ماهو الهاوع ياسماح؟! “.

– اسأل القراء ياأفلا.. أنا عرفتها من أجدادي عن غير وعي، وراقتني للجناس البلاغي لاأكثر.

– هل من الضروري شراء أضحية ياسماح؟

– يفضّل ذلك، لكن الأسعار خيالية، وشعبنا متعب ياعزيزي.

مسح على ذقنته متباديًا بالدهاء، فقال لي :

لاعليكِ،سأستخرج لك أضحيةً وبثمنٍ يناسبك، تعالي معي.

حرك يديه حركات غريبة في الهواء، ممارسًا طقسًا لاتينيًا لم أفهمه فإذا بنا نختفي معًا لنظهر في إحدى أسواق المواشي.

بدأ بالتعارف مع الباعة وسط الروث والبول في كل مكان، كنتُ متضايقة بكل قوتي، وأشعر بأنني في المكان الأخطر على أناقتي.

كان يفشل فشلًا ذريعًا في كل مرة، حيث وجد تلك الراعية المسنة هي الألطف على الإطلاق، وصلنا بعد جهدٍ جهيد إلى الطرف الآخر للسوق.

وجدنا هناك رجلًا ثريًا يدفع مليون و600 الف مقابل ثور عظيم ابتاعه للعيد.

إذا بأفلاطون يصرخ ويرقص هنا وهناك بين روث المواشي :”وجدتُها، وجدتُ الأضحية”.

تراقصت القلوب من عينيّ في الهواء، وشعرتُ بارتياحٍ كبير: بكم لقيتها، ومانوعها ياأفلا؟

– إنها أرخص من سعر الثور والبقرة وأوفر بكثير، 800 ألف ريال تكفي لتقدمي لربك أضحية.

لم أفهم في بداية الأمر، لكنني تذكرتُ حادثته السابقة، والمهر الذي جمعه اعتمادًا على وثيقة تيسير المهور، كان يقصد أننا الفتيات أضحيات من نوعٍ آخر!.

فطاردته بغضب ورميته بكل شيءٍ وجد أمامي بينما هو يتقفز ضاحكًا.

بعد أن خرجنا من سوق المواشي، اتخذ وضعية الشرود التي تليق بفيلسوف ثم قال :

“حقًا.. لاأفهمكم أيها اليمنيون، ترفعون سعر الحيوانات لتحطم رقمها القياسي، وتسعّرون النساء كأنصاف حيوانات لايملكن أية إرادة أو تفكير!.

ماهي تركيبة العقول التي تعطي المرأة نصف قيمة ثور، ومن أين لكم بهذا الصبر الذي لم يملكه أيوب ذاته؟!”.

وبسم الله أرقينا .. من عين أفلاطون.