تعلموا منها آمنين

إب7 press

سماح عملاقlمقال رأي

بينما أتصفح الأخبار عقد عقلي مقارنةً غير عادلةٍ بالمرة بين موكب نقل المومياوات في جمهورية مصر الشقيقة، وبين حادثة اكتشاف ما أسمته الأغلبية بالـ”مومياء” في مديرية السياني بمحافظة إب اليمنية.

لستُ هنا بصدد مناقشة طبيعة الهيكل المكتشف في بلدتي، لكنني أقارن الإمكانيات المسخرة لإحياء مكامن العظمة بين البلدين.

وحينما أذكر العظمة فأنا أتحدث عن بلدةٍ أنجبت كل البلدان، وعن مهد كل الحضارات بينها الفرعونية العظيمة التي لازالت تذهل العالم حتى اليوم ومنذ حوالي خمسة آلاف سنة.

يدعوني حدث الموكب لطرح تساؤلات مواطنةٍ بسيطة.. أنا أعرف ملابسات اكتشاف الهيكل القديم في “السياني”، لكني أتساءل إن كان قد تمت دراسته أم لا.. ؟

أستفسر عن طبيعته كنتاج دراسةٍ علميةٍ لخبراء، هل استقدمت وزارة الآثار والسياحة خبراء في علم المومياء لدراسته، و لإثبات كونه مومياء أم لا بأسلوب علمي منهجي صائب؟!.. أم لازلنا حتى اليوم نستسلم للتوقعات والأهواء في مواقع التواصل الاجتماعي والتي شرخت الهيكل العظمي إلى نصفين، نصفٌ عبارة عن جثة مقتولٍ أراد الله أن يظهر براءته، والنصف الآخر مومياء لملك حضرميٍ لاُتحصى أسماؤه بين سيلٍ عرمٍ من الإشاعات، والأخبار المغلوطة!!.

ما دور قسم الآثار في جامعة إب؛ الأقرب للحدث، وماهي إمكانياته حال تصدر لدراسة الهيكل المُكتشف؟!..

قبل ذلك.. أين يقع مكتب الآثار بمحافظة إب؟!..

ستقولون: “لقد أخذ حيزاً صغيراً من مكتب الثقافة”.. أهذا يُعقل؟!!.

ازدواجية في الأداء والمهام والمقرات المُدغمة مع الأسف؛ مكتب المحافظة لم يكلف نفسه عناء توفير مقرٍ لمكتب الآثار بين عشراتٍ من مقرات المكاتب الحكومية..لماذا؟!.

والسؤال الأخير.. لماذا غادر مدير مكتب الآثار مكتبه السابق وانتقل لمكتب الثقافة، ولصالح من سُخّر مقر مكتب الآثار القديم؟!.

محافظةٌ كإب ثرية جداً بالآثار، وأقل ما تستحقه فريقاً محترفاً في التنقيب عنها بدلاً من تركها أوقافاً للصوص الآثار، ومن ثم إهدار الوقت والجهود و الإمكانيات في تعقب هؤلاء اللصوص؛ فقد كان أجدادنا يقولون:”المال السايب يعلم الناس السرقة”.

مؤسفٌ ياسادة أن يمر أكثر من شهرين على اكتشاف هيكل قد يكون أو لايكون أحد براهين عظمة أجدادنا والتي لاتحتاج أي دليل، ولانجد الجهات المختصة قد حركت ساكناً سوى جهود بديهية كحفظ الهيكل في صندوقٍ وجعله مزاراً لمن أراد في مكتب الثقافة بالمحافظة، ويفترض استقدام خبراء من مصر أو بريطانيا أو أي دولةٍ يتوفر فيها خبراء في علم المومياء، مزودون بالأدوات العلمية الفاحصة لإثبات الهدف أو نقيضه.

كلنا نثق بنوايا أ/خالد غالب مدير مكتب الآثار بالمحافظة، وهي نوايا وطنية وطيبة ومخلصة.

لكن..ماجدوى استعداد المسؤول، وتصدره لمهامه دون إمكانياتٍ تليق بثِقل تلك المهام؟!..

لقد طحنت الحرب في حاضرنا الأخضر واليابس، وصادرت أحقيتنا بطرح مثل هذه الأسئلة مستقبلاً فضلاً عن تبخيرها لأي بصيصٍ ينعش تاريخنا القديم والذي هو من أعظم دواعي محاولاتنا للنهوض، والعبور من أعظم المآزق التي مرت بها بلادنا.

مع ذلك فإني أغامر باستنفار جهود محافظ المحافظة، ومدير مكتب الآثار في توفير خبراء من الخارج والداخل، وتشكيل لجنة من المختصين لإثبات طبيعة الهيكل المكتشف علميًا، هذا طبعاً بعد مطالبة وزارة الآثار والسياحة في صنعاء بدعم مكتبها في إب، وإمداده بما يلزم رغم كل الظروف البائسة، كما هو الأمر بالنسبة للمنابر الإعلامية التي ينبغي لها تسليط الضوء أكثر على الجانب السياحي في المحافظة، وإعطاء كل حدث مايستحق من التغطية الإعلامية.

نود أن نثبت للعالم بأننا شعبٌ لايعرف لليأس سبيلاً رغم الحرب، وأن عظمتنا ممتدةٌ عبر التاريخ القديم والمعاصر حتى المستقبل.