” جاهدت لأصنع لهم الحياة التي يستحقون ورموني في وقت حاجتي ..”

 إب7 press

أحلام المخلافي

” ل. س ” امرأة في الـ 42 من عمرها أخت لـ 6 فتيات وشابين، تعيش في أحد الأحياء العتيقة بمدينة إب،  أكملت تعليمها بعد الكثير من العثرات حسب وصفها، ” أكملت تعليمي بعد عناء طويل، نعم فقد بعت البطاط في طفولتي وبعت الاساور والحلق، وأنا في الإعدادية، وواصلت هذا في الثانوية والجامعة وكنت في الجامعة أكتب الملازم كتابة أحياناً في أوراق من بقية دفاتري الثانوية كيف لا وأنا كنت أحتفظ ببقايا الأوراق البيضاء لليوم الذي سأحتاجها فيه ” .

وتكمل سرد بوحها لمراسلة ” إب7 press ” قائلة:”

درست في كلية التربية، الحديدة، تخرجت وبحثت عن عمل اقتات منه أنا وأخواتي ووالداي الكبيرين في السن، وللعلم فلم أكن كبيرة أخواتي، لكني كنت أكثرهن عملاً وحباً لهن، وقد كرست حياتي لخدمة أسرتي ودعمها ”

وتواصل سرد ما عانته : ” بعد أن وجدتُ عمل لي في إحدى المدارس الحكومية، بدأ حال أسرتنا يستقر فنحن أسرة لا نملك قوت يومنا أحياناً، بدأ العرسان يتوافدون لي، تبا لرغم اني لست بذاك الجمال، ولكني أعمل وقد يكون هذا هو سبب طلبهم الزواج بي، رفضت الكثير فأنا حقاً أريد مساعدة عائلتي على العيش وكذلك أن والداي لا يخدمهما أحد سواي، وأخشى من اهمالهما من قبل أخواتي “.

وتكمل، مرت السنين وتزوجتا أختاي ويليهما أخي وكل واحد له منزله الخاص وبعدها تمت خطبتي وخطبة أختي الصغرى ولم يتبقَ منا سوى أختان واحدة صغيرة والأخرى في نهاية العشرين، بيد أن خلافا حدث بيني وبين خطيبي وسببه أنه يريد أن أعيش معه ولا دخل له بوالدي وأختاي ..

رفضت ” ل. س” طلب خطيبها فهي ترى بأن والديها وخدمتهما وأختيها أهم من زواجها، ولكن ما حدث لها كان صادم كما وصفته فقد تمت فسخ خطبتها من خطيبها وتقدم لخطبة أختها الشابة ووافقت عليه أختها وتزوجتا أختيها ولم يبقَ في منزلها سواها مع والديها وأختها الصغرى ..

انهمرت الدموع من عينيها، وتوقفت للحظات، ثم استطردت” مرت 3 سنوات على زواج أختاي، وخلال هذه الثلاث السنوات توفيت والدتي وبعدها بـ 7 أشهر توفي والدي، ومررنا بحال مرير كل واحد من أخوتي في منزله  لا يعلم ما نعاني أنا أو أختي ..

وواصلت والانهاك يبدو على محياها، بل حتى أن أخواتي يغارن مني لأني حسب ما يقلن أريد أن أخطف أزواجهن منهن، أما أختي التي تزوجت من كان خطيبي فقد قاطعتني تماماً فحد قولها إني أغار منها لأنها تزوجته هي ولست أنا من تزوجه، وإخوتي لكل واحد عائلته ومنشغل بها ويرفضن زوجاتهم أن نعيش معاهم ..

توقفت الرواتب الحكومية وهذا ما زاد الأمر سوءا فلا رواتب ولا عائلة والعمر تقدمت فيه فحتى زوج قد لا يأتيني فأنا ذا ملقبة بالعانس .

لا يهمها حد قولها ما يقولوه عنها في الحي أو في أي مكان فهي لها كل الفخر أنها عانس وقضت عمرها في خدمة والديها وتوفير احتياجات أخواتها التي تخلين عنها خوفاً منها على أزواجهن ..

واختتمت قصتها، او مأساتها كما تقول :” جاهدت لأصنع لهم الحياة التي يستحقون ورموني في وقت حاجتي بل أتعلمي  حتى أن أختي الكبرى إن التقيت بها أو ذهبت لزيارتها وقمت بتقبيل صغارها تقول ” بوسيهم بوسيهم ماجربتيش شعور الأمومة ع الاقل جربي شعور انك خالة “، وتضيف جملتها الاخيرة ” لا بأس بقي معي اختي سأساعدها لتكمل تعليمها وأزوجها كأخواتها السابقات وبعدها سأتفرغ لنفسي، لا لزوج أو لأحد لنفسي فقط، فأنا أستحق أن أعيش لأجلي ” .

في إب المدينة الأنيقة والخضراء ثمة عالمان، عالم مثالي أو حياة تسير على نهج افتراضي، فيما عالم اخر مغيب تماما، يعيش أيام الوجع ولحظات الوحشة الوجودية، والتضحية الثمينة، لتبقى القيم السامية خالدة في كل من حاك مفردات الوفاء والإيثار والتضحية من أجل الاخرين