زوايا مظلمة

 

إب7 press
أسرار الدحان

 

بينما تقاس ثقافة الأمم بعدد متعلميها وترتقي بصانعات جيل المثقفات تنزوي المرأة هنا في زوايا مظلمة مزدحمة بالعادات والتقاليد ولا يردد فيها سوى كلمة ” العيب “، بينما العيب غالباً لا يستند لأي دليل من الشرع أو السنة أو حتى العقل والمنطق.

 

إنني أكتب اللحظة حروفي بينما تذرف العديد من الفتيات الدموع حسرة وألماً على حق مفقود أو حلمٍ موؤود، وأخريات كسا أحلامهن وآمالهن لباس الحزن والأسى، فبينما أصبح العالم لا يعرف إلا لغة التكنولوجيا والأرقام والأحداث العلمية المتسارعة، يقبع وطني الحبيب بغرابة متوشحاً سيف الأمية العصرية، منتدباً للأنثى بشكل أخص، فلا جوالات يمكنهن حملها ولا منتديات تحمل اسمها! أو على الأقل ستمنع من الدخول إلى أغلب مواقع التواصل الاجتماعي ” كون صوت المرأة عورة!!!!؟  ” حدّ قولهم، “ولا يجب عليها أن تبدي رأيها فقد يراه الرجال ويقرأونه! حتى أن من العيب أن تصرح باسمها بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل من أحب الناس الى قلبك؟   قال عائشة.

 

كان بإمكانه أن يكنيها وأن يخفي اسمها الحقيقي بأبي هو وامي من كانت آخر وصاياه استوصوا بالنساء خيراً، فمن أين أتيتم بدينكم يا هؤلاء، ومن العار جدا أيضاً أن يرى الناس صورتها وهي مرتدية لنقابها على أي موقع حتى وإن كانت الصورة لتكريم أو احتفال او غيرها.

 

إنه من المحزن جداً أن تمتلك تلك العقليات عقول بالغة راشدة واعية، تعلم أن المرأة نصف المجتمع وأنها تمتلك الحق بالتعبير عن رأيها وأن تثبت تواجدها في المجتمع فتتكلم دون أدنى خوف وتحاول أن ترتقي الصعاب دون أن تخاف من العراقيل المجتمعية والقوانين الوضعية.

 

هناك نساء يمتلكن رجاحة عقل وصواب منطق وفكر قد حرمن حتى من التنفس أو التحدث لحججٍ واهية، فتموت بداخلها روح الحياة وتدفن في أعماقها المرأة بتفاصيلها وتتحول إلى آلة تعمل ليل نهار من أعمال منزل وتربية أطفال وتلبية احتياجات دون أن يحق لها أن تتضجر أو تتألم حتى تكاد أن تنسى نبرة صوتها.

 

إنني هنا لا أبالغ، أنا فعلاً أتحدث عن واقعٍ شاهدته عيناي بل ونعيش لحظاته بكل التفاصيل جميعنا، كما أن الأمر يتعدى كل هذا الى الاهانات والضرب والشتم حتى وصل إلى الاعتداءات الجسدية، بل والقتل ففي الآونة الاخيرة ومع الأزمة التي تعيشها بلدنا الحبيب تزايدت أعمال العنف بشكل كبير وملحوظ وفي عدة مناطق تعرضت المرأة للقتل بطرق مختلفة ووحشية جدا منها: الحرق و و….

 

قد لا أكون منصفا إذا قلت إن كثير من المناطق تعتبر التعليم الجامعي للفتاة وصمة عار حتى أن الكثير من الشباب يعرض عن زواج الجامعية بشكل قطعي فارتفع معدل العنوسة بسبب التعليم العالي في وطني!!؟

 

 

أليس من الغريب أن ندعي التطور والثقافة وأن نتحدث باسم الدين بشكل مغلوط وخاطئ، فكم امرأة واصلت تعليمها وسط ضغط أسرى كبير، وكم فتاة أصرت أن تكمل تعليمها حتى بعد زواجها فتكبدت هموم الأطفال ومسئوليات الزواج وتبعاته، دون أن ينحني لها جبين او تيأس في مرحلة ما باحثة عن ذاتها في أروقة العلم واضعة هدفها نصب عينيها لا ترى في الكون سواه، وكم ارتفعت في الآونة الأخيرة من أسماء لنساء عرف العالم كله عبقرياتهن وتميزهن في شتى المجالات.

 

ألا تستحق المرأة اليمنية الحكيمة، العاقلة والتي أثبتت حكمتها ورجحان عقلها على مدى التاريخ أن توسع لها الصفوف وأن تحترمها الاعراف والتقاليد.

 

شدوا على أيدي بناتكم، أعطوهن الثقة ولا تحرموهن من حق منحه إياهن الدين كن لها صديقاً ورقيباً وموجهاً، وفي الوقت ذاته اسمح لأحلامها أن تنطلق وأطلق سراح امنياتها لترى النور، واثقة جداً بأنك يوماً ما ستكون فخوراً بنفسك أولاً وبما قدمته لدينك ومجتمعك من تربية فاضلة وإنسانة تستطيع أن تغير مجتمعاً قادماً بأسره، فلا مجال لنا بالتقدم والانطلاق ومواكبة العصر سوى بالعلم.