إب7 press
بغداد المرادي

يعرف العنف ضد المرأة أنه من الأعمال الأساسية التي ترتكب ضد النساء والفتيات والسبب في تلك العدائية والتعنيف يعود الى العنصرية ضد الإناث بشكل عام حيث ينظر لهذا العنف غالباً على انه آلية لإخضاع المرأة في المجتمع بشكل خاص.

” إب7 press ” وضمن حملتها المستمرة والمتزامنة مع حملة 16 العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة، حاولت الحصول على مادة استقصائية مكتملة، إلا انها فشلت في انجاز المهمة لعدة اسباب، ليس من الضروري ذكرها، لكن المهم اننا لم نخرج خاليين الوفاض، وقد استخدمنا وسائل شتى لإقناع البعض للتحدث حول هذه القضية المحورية والحساسة في مجتمع ما تزال الانماط القبلية تحكمه.

أوضحت أمين عام اتحاد نساء اليمن، فرع إب، نائب مدير عام محو الامية في المحافظة الاستاذة مِلاح الشامي لـ ” إب7 press “، ان العنف ضد المرأة يتمثل في كل ما تتعرض له المرأة من إيذاء جسدي او نفسي او جنسي واساءة في المعاملة وحرمانها من الموارد والفرص والخدمات.

واشارت ” الشامي” إلى وجود عدة انواع للعنف ضد المرأة، بداية بالعنف الاسري، حيث تؤكد ان زواج القاصر، والزواج بالإكراه من قبل الاسرة هو اشد انواع العنف ضد المرأة اذ انها لا تعلم ما هي عواقب ذلك الزواج الذي ستقبل عليه.

وتروي السيدة “ملاح”، عن احدى الحالات، تتحفظ عن ذكر الاسم او الاسرة لاي حالة بسبب الجهل والعادات والتقاليد المجتمعية، التي تم اجبارها على الزواج بالإكراه حيث وجدت ان الزوج متزوج وأنها عانت من مشاكل اسرية هي غير قادرة على تحملها لصغر سنها ومن ثم الخروج من تلك العلاقة الزوجية بخسائر كبيرة كالضغط النفسي خاصة وأنها كانت قد انجبت طفلا فكيف لها بتربيته وهي لاتزال بذاك العمر الصغير الذي لا تقوى فيه على تحمل اعباء التربية.

واضافت: ان القاصرات أكثر عرضة للإجهاض بسبب عدم جهوزية حوض المرأة للحمل والولادة وعدم قدرتها ايضاً على تحمل اعباء التربية فيما بعد.

وتطرقت الاستاذة ملاح الى التعنيف الوظيفي، قائلة: ” انه مجتمع ذكوري يميز بين القدرات العقلية والثقافية لكلا الطرفين والبعض لا يمكنه توظيف المرأة في مكان ما إلا على حسب العرق والنسل والشكل واللون والوضع الاقتصادي لها “.

ولفتت الى العنف التعليمي ضد المرأة اذ تقول:” إن بعض الفتيات لا يمكنهن اكمال تعلميهن بسبب إما القوانين المتبعة في بعض الاسر كأن تصل الى مرحلة معنية ولا يمكنها استكمال تعليمها نظرا لذلك القانون المفروض أو لبعد المدارس عن منازلهن”.

وأكدت امين عام اتحاد نساء اليمن ان دور الاتحاد النسائي في دعم قضايا المرأة المعنفة يتمثل في دعمها نفسياً من خلال العلاج المعنوي او الدواء، وكذلك رفدها قانونيا عبر رفع قضايا العنف ضد المرأة في اي منطقة، وأحيانا يتدخل الاتحاد لمحاولة الصلح وان كان هناك قناعة تامة لانضباط الرجل تجاه المرأة يكتفي الاتحاد بالدعم النفسي والمعنوي للمرأة.

كما يتم تقديم مساعدة نقدية إذا تطلب الامر في قضايا الطلاق، وكذلك خدمة التدريب والتأهيل، من خلال مركز التدريب والتأهيل ” المساحة الامنة ” حيث تحصل المرأة المعنفة على تمكين اقتصادي في حالة تطابقها للمعاير، كأن تكون نازحة وظروفها صعبة، مطلقة او ارملة.

وتتحدث الاستاذة ياسمين، مسؤولة ادارة الحالة لدى اتحاد نساء اليمن، عن نسبة حالات العنف ضد المرأة في محافظة اب حيث تؤكد ان النسبة بلغت 64٪، تفاوتت ما بين التعنيف بمختلف انواعه المتمثل بالضرب المبرح والحرق والميراث والشتم والسب

اذ تصل عدد الحالات المعنفة في اليوم من 16 الى 17 حالة يومياً وقد تصل من 30 الى 35 حالة عنف ضد المرأة.

وتحفظاً من الاتحاد على سرية المعنفات، فهو لا يذكر اسماء ضحايا العنف أو اسماء اسرهن او اي معلومات من شأنها ان يؤثر على سمعة تلك الاسر التي تنتمي اليها الحالات عند تقديم الشكاوى بسبب العادات والتقاليد المجتمعية.

هنا استوقفنا احدى الحالات المعنفة التي اتت للاتحاد اثناء تواجدنا فيها وهي نازحة من مدينة تعز، وحين سألناها عن نوعية العنف الذي تعرضت له، اجابت بانه تعنيف من قبل الزوج، حيث قام بعد ممارسة السب والشتم عليها ضربها ومن ثم قام بإحراق اجزاء من جسدها.

تقول ” س م “، تربوية، ان هناك حالة اخرى للعنف الاسري تتمثل بإجبار الزوج للزوجته الاولى بعد زواجه الثانية ان تربي اولاده، مع اجبارها على التنازل عن حقوقها من اجل ابنائها والحفاظ عليهم وعلى منزلها.

لم يسعفنا الوقت لكتابة المزيد من المعلومات التي لا حصر لها، في الوقت المخصص لنا في مقر الاتحاد، نظرا لعدم فراغ الموظفات هناك، واستقبالهن الحالات الجديدة، التي تأتي في تزايد مستمر في الآونة الاخيرة، حسب معلومة سربتها لنا موظفة هناك، ويبقى ان نشكر الاتحاد لتعاونه معنا، ولدعمه لقضايا النساء اللاتي يتعرضن ويتعرضن للعنف، ومشاكل اخرى في المحافظة.

على نفس الصدد التقينا الاستاذ الدكتور عبد السلام الفقيه، الباحث في علم الاجتماع، وتحدث لنا عن أهم اسباب العنف الاسري، حيث يرى أن المرأة تساهم بما نسبته 80 % من اعمال العنف ضد المرأة، معللاً تلك النسبة التي احصاها من خلال دراسته ومعايشته للواقع في المجتمع بشكل عام ان العنف ضد المرأة يبدأ من الاسرة نفسها، التي في احايين كثيرة تديرها المرأة، وأن الاسرة هي من تساهم في تمييزها بين  الجنسين منذ الولادة والتربية المختلفة القائمة على التمييز بينهما  وحث الانثى والزامها على تلبية طلبات اخيها الذكر كونه رجل ولا يجوز له القيام بأعمال المنزل ويجوز له التحكم بقرارات اخواته الاناث ومراقبتهن وتعنيفهن والتحكم في مصيرهن اي ان الاسرة تكسب الذكر ادوار معينة منذ البداية .

واضاف الباحث: إن المرأة في مجتمع ذكوري ولا تفهم في السياسة شيئا فقل ما نجد المناصب التي تمثلها المرأة على كافة الاصعدة والتحيز للرجل على الرغم من ذكر القران الكريم لملكة سبأ ووصفها بالشوروية والحكمة.

واختتم الدكتور عبدالسلام الفقيه: إن المرأة لها الحق في شغل المناصب السياسية لما تتمتع به من الحكمة والبعد السياسي كما ذكرها القران الكريم بذلك.

وترى خلود علي، موظفة في قطاع تجاري، أن الوضع الاقتصادي والمعيشي من اهم الاسباب الرئيسية للعنف ضد المرأة والذي يأتي بعد العنف الاسري من حيث كثرة تعرض المرأة له.

وتروي لنا ” ر. ع. خ. ” احدى ضحايا العنف الاقتصادي، حيث تقول انها تتعرض دائما لتعنيف من قبل زوجها بسبب ثراء اهلها، إذ يشعر بانتقاص في نفسه فيبحث عن أتفه الاسباب ليعنفها بالكلام الجارح والشديد اللهجة، حتى باتت تكره ثراء اسرتها ووضعها البائس.

اضافت ” ف. ع. ذ ” من ذوي البشرة السمراء انها تعاني تعنيفا نفسيا في الشتم والسب يوميا من قبل زوجها قد يصل للضرب المبرح وذلك لقلة المردود اليومي الذي تتحصل عليه، من مهنة التسول، وان مشاكل السكن والابناء باتت تسبب لها حالة من الاكتئاب، الا انها تفضل السكوت والصمت على الحديث عما تعانيه خوفاً من زوجها وطبيعته الغير سوية.

الاسباب كثيرة التي أدت لتزايد العنف ضد المرأة في هذه المحافظة، لعل الحرب والحصار الاقتصادي وتردي الاوضاع المعيشية القت بظلالها على كاهل الكثيرون في المجتمع بشكل عام مما ادى لتزايد حالات الطلاق، وارتفاع نسبة العنف ضد المرأة.

فيما يلجأ البعض للانتحار تاركا اسرته وزوجته التي لا تملك مؤهل او مهنة تتحمل كافة اعباء الحياة من بعده ، فنتيجة لهذا الوضع المادي السيئ، قام عمار حيدر القراضي بشنق نفسه حتى فارق الحياة وقبل انتحاره قال لأولاده “اذا لم استطع ان اسجلكم في المدرسة يوم السبت القادم اعتبروني شهيدا”، وها هو الان بين يدي الله، ومن قبله الاستاذ عبد الواحد الصوفي الذي انتحر في محافظة اب بمنطقة وادي عنه، وغيرهما كثر لم يجدوا طريقة اخرى للتخلص من معاناتهم في ظل الحياة المعيشية الصعبة التي يعيشها السواد الاعظم من الناس في البلد و الكثير من المآسي التي لا حصر لها وهذا ما يفاقم العنف واعباء الحياة وتراكماتها كعنف وضغط نفسي وما تبعاته ضد المرأة.