تونس أنثى مدللة
#حبر_ناعم
إب7برس Ibb7press

نشوان النظاري | رأي

تداعب مياه البحر المتوسط شعرها الغجري كل صباحات البهجة المفعمة برونق انقى شعب وأعظم حضارة، ويستريح المدى عند ضفتيها الانيقتين وتستهل الشمس إطلالتها الأولى على تلك الشرفات الزرقاء المدللة في سيدي بوسعيد.


لتونس حكايا الدهشة واحجيات الجمال، لها الخضرة تشاكس الأبنية العتيقة وتلون الواجهات الزجاجية العملاقة وتخفي سدول الليل وانفلاتات الأمسيات الساخنة.


في كل زاوية وشبر من الأراضي التونسية ثمة أنثى حسناء تقف في مضمار الحياة والعمل، بعد أن تمكنت الحركة النسوية هناك من الحصول على كافة الاستحقاقات الاجتماعية والدستورية وحصلت على حقها القانوني والإنساني، وأصبحت شريك رئيس في مضمار البناء والتنمية والحياة.


تونس العاصمة بوابة العبور لتفاصيل أنثى مغلفة بالحلوى والنبيذ، فمنذ الصباح هناك القهوة والجريدة والتحية المتبادلة بالحب والاحترام، هناك المأذنة والحانة والجعة والفنانة مروة قريعة التي اطربت الوطن العربي بأجمل الاغاني اليمنية الأصيلة.


تونس نغمة وقصيدة وإذاعة لا تزال مهوى ومحل إعجاب واستماع جميع التوانسة، هي نافذة زرقاء تطل من بين ثناياها صبية شقراء فاتنة، وساحة تجمع العشاق في الهواء الطلق، وقبلة تروي عطش القلوب الملتهبة.


في العاصمة تونس يقف العشرات نساء ورجالا في طوابير منتظمة أمام المسرح الوطني، في مشهد باذخ بالتحضر والمدنية والاحتشاد الثقافي والمعرفي، فيما الملايين من أبناء الوطن العربي الكبير يقفون في طوابير عشوائية للبحث عن لقمة العيش.


يعد هذا البلد مسرحا مفتوحا بالإبداع، ففي الأسواق العتيقة ثمة حفل شعبي تقيمه بعفوية مجموعة من سكان العاصمة لإحياء يوم الزي الشعبي، وأخرى في شارع الولايات المتحدة في طريقها إلى المدينة الثقافية تقوم بتقديم عروض بهلوانية بواسطة مجسمات كبيرة مضحكة لإسعاد الناس ونشر البهجة في الأحياء والأزقة الناعسة، وهناك الأوبرا ومسرح العرائس، والرقصات الفلكلورية المتعددة والمتنوعة.

تبدي الحياة هناك البون الشاسع والمسافة الثقافية الهائلة التي قطعتها هذه الدولة على كافة المستويات، إذ تزدهر الصناعة بشكل لافت حيث تعد أغلب المنتوجات الصناعية والزراعية من إنتاج الدولة نفسها.


الحياة في تونس لها إيقاع مختلف، حيث تدب منذ الصباحات الباردة بديناميكية نشطة وتموت فجأة عند أول خيط أسود، ويعبر الصمت والسكون عند بدايات المساء وحتى البواكير الأولى، معلنا في كل دورة زمنية يومية عن صخب الليالي المكتنزة بالأحضان الشبقة والشفايف الجامحة، والنظرة العذبة، والحياة المليئة بالحب والشغف، والمتعة والإثارة.