” زيد الخير”.. الحياة لا تتوقف إلا عندما يموت الطموح في الأعماق

لقاء | طاهر الزهيري

زيد لم ينهار أو يسقط، بل ظل واقفا يمارس حياته بكل قوة وعنفوان، حيث أعتبر المرض جزء من حياته وواصل تحقيق أحلامه متخطيا حواجز الوجع ونوبات الألم ومارس حياته بشكل اعتيادي.

” تعرضت لوعكة صحية لمدة أسبوعين وعند الفحوصات اتضح أن عندي فشل كلوي، حاولت البحث عن فحوصات بديلة لكنها كلها كانت نفس النتيجة حينها استسلمت للغسيل واعتبرته جزء من حياتي وأصبح شيئا لطيفا بالنسبة لي أعتبره فرضا واجبا أقوم به كفريضة الصلاة مثلا أو وجبة الطعام المنزلي”.

زيد الخير بن علي، إنسان بسيط، ولد لعائلة بسيطة تعشق العلم والعمل والتجارة والاكتفاء الذاتي بعيدا عن أذى الناس بأي شكل من الأشكال،” ولدت عام 1989م، في منزل جدي عبدالله، والد أبي، في قرية صغيرة تسمى الجوالح إحدى قرى مديرية مذيخرة الجميلة التابعة لمحافظة إب، بعد فترة انتقلنا إلى مدينة إب للعيش فيها لنكون بالقرب من عمل أبي الكريم”.

درست الروضة في معهد الراشدي وكانت مرحلة متعبة لأبي، كما أذكر بسببي، بعد ذلك درست الابتدائية في مدرسة الشعب وتميزت في هذه المرحلة بالنشاط والتميز والنجاح، عقب ذلك درست الإعدادية في مدرسة الراشدي وكانت مرحلة بداية التكاسل والإهمال ورغم ذلك عديناها ومرينا منها، لتأتي الثانوية وفيها درست في مدرسة البيحاني الأهلية، وكانت هذي مرحلة مليئة بالتحدي والإصرار لأجل التفوق وإثبات الذات.

تخرجت من الثانوية قسم ادبي عام ٢٠٠٨/٢٠٠٩م، دخلت إحدى الجامعات الخاصة من أجل التخصص في مجال الإعلام ولكن بسبب أحداث ٢٠١١م توقفت عن الجامعة متعللا بالدراسة في وقت آخر وذهب الوقت ولم أكمل دراستي الجامعية لكنني التحقت بالعديد من الدورات والندوات والبرامج التدريبية، وحاليا أنا مدرب تنمية بشرية ومتخصص في تدريب فنون المسرح والإعلام وحاصل على اعتماد البورد العربي للاستشارات والتدريب والتنمية البشرية، مصر وكذلك اعتماد البورد البريطاني، المملكة المتحدة.

بدأت حياتي واعظاً وخطيباً في عدد من مساجد محافظة إب والمهرة لعدة سنين واشتهرت بذلك حتى أواخر عام ٢٠١٤م، عندها قررت أن أكتفي بكوني ممثلاً مسرحياً حيث دخلت عالم المسرح عام ٢٠٠٩م وعملت فيه بجد واجتهاد لأنني وجدت فيه متعة وسعادة وأيضا الرسالة التي اوصلها للآخرين بشكل أجمل وألطف.

يتحدث زيد عن نقل تجربته بين محافظة إب ومحافظة المهرة قائلا:” الإنسان بطبيعة الحال ينقل أفكاره معه ومعتقداته معه حتى وإن تأثر بمن حوله لكنه ايضا يؤثر بمن حوله ويعطيهم افكارا ومعتقداتا من افكاره ومعتقداته، واعتقد انني نقلت ثقافة واسعة من ثقافة أهل إب بالإضافة إلى لهجتي وكلامي وكذلك ايضا خبرتي في مجال المسرح الذي اسعدت به الجمهور”.

ويضيف، فمنذ تأسيس فرقة طج الفنية فريق المهرة التي تعتبر جزء من فرقة طج الفنية التي تأسست في إب فقد نقلت بواسطتها العمل الفني والمسرحي ودربت كثيرا من عشاق التمثيل عليه وعلى فنونه المتنوعة كما نقلت الاعمال الجماهيرية وكيف يمكن إعدادها وترتيبها بطرق سهله ومنظمة ومريحه للعاملين والمعدين والمنفذين بالإضافة إلى ثقافة التطوع والبذل والتضحية وحب العمل أكثر من المال ودعمت أيضا الكثير من الأفكار والسلوكيات التي تخدم وتضحي وتتطوع وتبذل وشجعتها كعادة أهل إب الذين عرف عنهم هذه الأخلاقيات والسلوكيات.

الأيام كفيلة بإجبارنا على فعل ما لا نتمناه ونحن نجبر الحياة على التأقلم معها رغم عنها، وكوني أحب إب وأتمنى لو أعود فيها، لكني بنيت حياة كبيرة ومستقرة في المهرة فعندنا منزلنا الذي نمتلكه بالإضافة إلى تأسيس وتجهيز مكتب إدارة أعمال ” فريق المهرة “، والذي أطمح أن يكون مؤسسة تقدم الكثير لأجل المهرة وتأريخها وتراثها”

 

وحول ذكريات إب والحياة فيها يقول زيد :” في الحقيقة انا اشتقت للأرض والإنسان في إب اشتقت للأصدقاء للناس الذين اعرفهم لكن ما اشتقت له أكثر شي هو المسرح الخاص بفرقة طج الفنية الذي كان مليئا بالعمل والكفاح والاجتهاد والتضحية”.

يشير زيد أن لا اختلاف كبير بين محافظتي إب والمهرة، “لا اختلاف كثير بين المهرة وإب فالناس متشابهون بالفطرة ونحن في المهرة نلقى احترام المهريين ومحبتهم لنا أكثر من أي محافظة أخرى نشعر وكأننا أبنائهم وإخوانهم وأهلهم وناسهم”. 

ويختتم زيد مسار حياته وشجاعته في مواجهة المرض واستمرار تدفق الحياة والطموح في أعماقه” لا يعيقني الفشل الكلوي عن العمل أبدا، فأنا حتى لو شعرت بالتعب لا أتخلى عن العمل، بل أشتغل واستمر بالعمل بطريقة خفيفة إلى أن يذهب التعب، بعدها أواصل العمل، وبالعكس عن كثير من الناس فكما أخبرتك أنا اعتبرت المرض جزء من حياتي لذلك رتبت جدولي بحسب جلسات الغسيل الكلوي التي أقوم بها كل يوم سبت وأثنين وأربعاء حيث تأخذ كل جلسة غسيل أربع ساعات، ونقوم بها صباحا بحسب نظام المركز، ومع ذلك أرتب لقاءاتي وتنسيقاتي في الأيام التي لا يوجد فيها جلسات غسيل وأعمال التدريب والبروفات امارسها وقت العصر.

يبقى زيد الخير، عنوانا للإنسان القوي المؤمن الواثق بأن خلف الوجع بهجة وسعادة وبعد انقشاع الغيم تسطع الشمس، وأن معركة الحياة لا تتوقف إلا عندما يموت الطموح في أعماقنا.