اعترافات أنثى 1

نوع المولود ” أنثى “

إب7برس Ibb7press
نسرين جبر

 

قررت للحظة أن أكون أنا، أن أتحدث بكل ما يجول في نفسي بقوة الأنثى التي ترفض الواقع بكل مرارته وقسوته وجبروته.

فمنذ مقدمي للحياة، وكان سوء حظي أن والدي ينتظر فيها مولوده الأول ” ذكراً “، وحين أفصحت الطبيبة عن نوع المولود ” الأنثى ” صب جام غضبه عليها وحاول أن يرفع السلاح في وجه أمي لولا تدخل الموجودين وأنقذوا الموقف احصل ما لا يحمد عقباه.

هذه الحكاية ليست من نسج الخيال، لكنها الحكاية التي تُروى في عتمة السنوات والعقود التي مضت، وما تزال واقفة أمامي ترفض المغادرة.

أمي هي الأخرى لم تتوقف عن البكاء، وكانت تندب حظها كون مولودها أنثى، فقد جئت إلى الدنيا لأصبح نقطة ضعف لا قوة وامتحان لا هبة من الرحمن.

أتيت بقلبي الحنون برقة الأنثى بحبها لوالديها بشلال الحب المتدفق، لكنني ومنذ فتحت عيناي على الدنيا لم أسمع سوى التعنيف، فمكاني هو المطبخ، ولا يحق لي أن أتحدث وأرفع صوتي وأطالب بحقي كإنسان له الحق في التعليم والحياة بكرامة.

كانت أولى المهام التي تقلدتها خدمة أخي الوحيد، فكان من أوجب واجباتي غسل ملابسه، التي كان يرميها في وجهي أكثر من مرة وبطريقة مقززة، وكنت كذلك اجهز طعامه الذي ينبغي عليا أن اراعي ذوقه وحبه لأشياء محدده، وإلا فإن ذلك الطعام سيصب علي وعلى وجهي.

في كل مرة كنت أتردد في التحدث إليه، لأنه كان دائم الصراخ في وجهي رغم اهتمامي به وحبي له، بالنسبة لوالدي فكان جل اهتمامهما به، كيف يوفران له ما يريد، فهو صبي وهو وجه العائلة ورجلها الأوحد.

كان أبي يعطيه النقود، بينما هو لا هم له سوى مضغ القات والتدخين، فقد كان يدخن أجود أنواع السيجارة ويفعل كل ذلك بالسر، وبعدها أصبح يدخن أمام الجميع كنوع من التحدي، وقد كنت أحاول أن انصحه، أحاول ان أحدثه بعيدا عن لغته المتسلطة، ” ياخي بطل الدخان ودور لك عمل، أبي بدأ يعجز ويتعب وأنت ولا في حسك، أنت رجال البيت وتتحمل مسؤوليته”، فيرد بلهجته الغاضبة “والله لأقوم أكسر البيت برأسك، ابعدي من أمام وجهي أحسن لك”، حينها فقط كم تمنيت مساعدة والدي الذي يصرخ في وجهي كلما رآني ويردد دائما “بلاني الله بشويه بنات “.

 

كان والدي دائما يردد مثل قديم ” مسكين من معه بنات، يجعجعينه حياته والممات “، ويتحسر في كل لحظة على ذلك اليوم الذي بُشر فيه بي، كنت أحدث نفسي، لو كنت ولدا لكنت سند له ولكان أحد أولاده عاصيا والآخر سيكون مطيعا، لكننا كنا خمس فتيات وصبي مدلل واحد، لقد كانت كل لحظاتي تمر وقوتي تستهلك وأفكاري تقتل في مهدها كوني أنثى، تلك هي تهمتي الوحيدة وذنبي الفادح.

#اعترافات_أنثى 1