إب تحترق ..!
إب7 press
عمران هلال
إب تحترق، هذا أقل توصيف للحالة المناخية التي تتخم هذه المدينة مؤخرا، وتخنق أهلها، وتزهق من على مروجها كل أشكال الحياة الخضراء التي كانت قد بدأت بالنمو على حياء تحت سقف قليل من المطر كان قد أصاب تربتها قبل ثلثي شهر عقب جدي شتوي قاتل امتد لسباعية من الأشهر.
إب الآن تحترق تحت موجة شعاع شمسي فتاك وغير معهود، جدبها المنقطع النظير، وغيثها الذي توقف عن دوامه مذ قرابة 27 يوم يدخل مدينة الماء تحت رحمة القحط والجدب القاتل ويفتك بكل شيء أمامك لتسحق من على العيون هيبة المدينة الخضراء وتنهار مملكة الجبال تحت هول كل هذا الحر الصيفي الغير معتاد والغير مألوف.
فكيف لهذه المدينة التي لم تتجاوز حرارة مروجها جبالا وسهول وقيعان وأودية تذبذبا بي 25 إلى 20 درجة مئوية تحت عناية التكييف الرباني أن تعيش الآن على وقع 35 تذبذبا إلى 40 مئوية، كيف لزهورها أن تفتح على كل هذا الجحيم، وكيف لتربتها أن تفتح جنوبها لمزيدا من الانبات فتزهق بذلك قليل من ماء حياتها المخبئ.
كيف لهذه المدينة أن تغامر بفرحة الصيف القادم وهي ترى بناتها سابقة الانبات من الحشائش والمروج واقعة تحت فرن عين الشمس دون ماء يروي ضمأها أو قليل من سحاب يقي ديمومة استنزافها اليومي.
كيف لإنسانها الآن أن يمضي ويمشي ويقضي شؤون حياته اليومية تحت وقع كل هذا الاستنزاف الشمسي المهول والحر السافك.
ما الذي فعلته هذي المدينة أو أهلها لتزج بنفسها تحت وقع الجحيم الذي يلتهم كل شيء أمامه، فيذبل الحقول ويذيب الجبال وتخور أمام قواه بريق الوجوه الباردة.
لا اتذكر طيلة حياتي الممتدة لـ 30 سنة من العمر أن أتخمت المدينة بمثل هذا الحر القاتل، الذي يخنقنا الان ونحن من اعتمرنا من أعالي الجبال معاقل ونحتنا من صخورها بيوتا تقي الحر والبرد.
كيف لكل هذا الحريق الذي يغتالنا الآن ويسرق فرحة التربة أن يمنع عنا نهر السماء الجارف الذي كنا نعتاده بغزارة ليغسل قلوبنا مدخل كل صيف ومخرجه.
27 يوما تحت شعاع الشمس دون حائط صد او مانع وقائي وعند حافة الجدب وامتناع قطرات الغيث على ما كانت تعتاده كثيراً للغاية على هذه المدينة الأكثر تعلقا بالماء أكثر من تعلق سمكة بالبحر والتي بالماء تعيش وبدونه تهلك.
الرحمة يا إلهي لكل هذا العذاب والرحمة لكل أبناء تلك السواحل التهامية الذين يحترقون الآن تحت حرارة 45 إلى 50 درجة ، ولتطفئ يا إلهي كل هذا الحريق بغيث عطائك لتعود الابتسامة ويكف هذا القحل القاتل.