رمضان وهدنة السلام

#حبر_ناعم

إب7برس Ibb7press
أسرار الدحان | رأي

أتى رمضان لهذا العام مكتسياً حلةً زاهية، أتى يحمل الأمان والسلام، سننام الآن غير آبهين بما يحدث من حولنا، لن نسمع أصوات الصواريخ ودوي المدافع، لن نصحوا مرعوبين من صراخ الأطفال وهزات القصف العنيفة.

سنستيقظ مع ساعات الفجر الأولى، ولن نسمع إلا أصوات المآذن والصلاة، وقتها ستتشابك أيدينا بكل طوائفنا ومعتقداتنا ومذاهبنا وأفكارنا ذاهبين إلى الصلاة صفوفاً متساوية، سنصوم النهار ثم نتقاسم التمرات في آخره على رصيف الطرقات وعلى هاوية الجبهات، ثم نتقاسم شربة الماء التي تختلط بدموعنا ودعائنا المتقطع، (أن يحفظ الله بلادنا و أن يجنبنا الحروب والمجاعات والدمار والآلام ).

ستوضع الأسلحة، ولن يتصاعد الدخان مجددا، لن نرى طفلاً صغيراً يحفر في دمار منزله، باحثاً عن أهله أو عن بقايا لعبته، لن نرى مروجنا الخضراء تحترق بلا رحمة، ولن تسيل دمائنا الزكية فتحرم الأم من ولدها الوحيد، والأبناء من والدهم الذي يغيب طويلاً ولا يعود إلا في إجازات متقطعة.

إنه رمضان السلام يا سادة، أتركونا نعيشه بكل تفاصيله الجميلة بأوقاته المميزة، بعمق الروحانية فيه، سنتسامر مع نجومه ليال طويلة يجمعنا السلام، سنقيم فيه أفراحنا التي ترقص حول موائد المحبة، سنعيش كل ثانية فيه بكل حب وأمان، حتى في جبهات القتال سندعوا بعضنا إلى سفر العشاء دون خوف، بينما يتمنى البعض وجود العصيد* على المائدة المتواضعة وقتها يتبادلون الضحكات، وبعدها يبدأون بإقامة مجالس مفتوحة للقات** دون أن تصل إليهم أوامر القتال، وإغتيال الألفة والمحبة.

هدنة السلام إمتلأت بها أرواحنا قبل أوراقنا، تلك الهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة عشية رمضان حتى إمتلأت بها نفوساً تعشق السلام وتقدسه، والآن، ماذا تبقى؟!، ليغادر الجميع النوارس ويعودون إلى بيوت كان الظلام فيها حالكاً، إلى الأم التي لا تنام حتى تحتضن صورة إبنها الذي ذهب منذ أعوام مضت فهي تتمنى رؤيته ولو لساعات، للطفل الذي لم يعرف وجه والده منذ ولادته، وللبنت التي ترتب أشياء والدها طوال الوقت ليعود فيجدها كما أراد.

حي على السلام، حي على السلام.

……………….

*العصيدة : وجبة شعبية أساسية في موائد رمضان وهي من الوجبات المليئة بالبروتين.

** القات : شجرة يتناولها معظم اليمنيين كونها وحسب اعتقادهم تمنحهم السعادة فيجتمعون في مجالسها ويتبادلون الأفكار والآراء والأحداث.

#حبر_ناعم

#رمضان #إب