أمهات بحاجة لحنان الأمومة

إب7 press

بغداد المرادي

الأم مصدر الحب والحنان والاطمئنان، والعطف وكل المفردات الباعثة للدفء وراحة البال والسكينة، وهي أكثر من في هذا العالم من تضحي بعمرها وروحها من أجل إسعاد ابناءها، ولذا فقد كرمها الدين والمجتمع.

بيد أن هناك أمهات مختلفات، يتمتعن بقدرات هائلة في الظلم والإساءة والخبث والجور على بناتهن بالتحديد، والقصص كثيرة عن ظلم الأمهات لبناتهن لا تنتهي ابدا، ما دامت بعض الأمهات تؤمن بأن ” البنت ” في نظرها ناقصة وما خلقت إلا لخدمة إخوانها الذكور وتلبية طلباتهم وتنفيذ اوامرهم كجارية وليست شقيقة.

قد تكون هذه المادة صادمة للبعض، ولن ترضي نمط تفكيره الافتراضي، بيد أن الواقع شاهدا على كثير من المآسي، حيث تروي موظفة في مكتب التربية والتعليم بالمحافظة، ما تعرضت له إحدى جاراتها، وجدتها صدفة مغشي عليها جوار منزلها.

 

تروي الموظفة تفاصيل قصة، تقول أنها ادمت قلبها، قائلة :” بينما كنت عائدة في احد الايام، قبل نحو شهر ونصف، وجدت فتاة مرمية على الأرض وأثر الدماء على وجهها، فخفت كثير من تكون جثة لمقتول أو ما شابه، لكني وجدت بعد برهة أن الجسد ما يزال يتحرك، فسارعت بدعوة إحدى الجارات وقمنا بإدخالها لشقتي، وهناك أجريت لها الإسعافات الأولية، وبعد ما يقرب ساعة استفاقت مفزوعة، فقمنا بتهدئتها، والانتظار حتى ترتاح واستمعنا لمآساتها الغريبة.

 

تقول الفتاة ” ر. ب. م ” : ” هي أمي وسأطيعها عملاً لقول الله فيها، لكنها وعلى الدوام تمنعنا من الاقتراب بإخواننا، وتحرضهم ضدنا باستمرار، وتود أن تكون الكلمة الأولى لهم علينا سواء بالباطل أو الحق، ودائماً ما اتحاشاها واتجنب الجلوس أمامها والسبب نظراتها المريبة الممزوجة بالشك وتقلبات المزاج نحوي، بالرغم أني لا أتذكر أني تجرأت وقمت يوما بإقتراف خطأ يخدش الحياء أو غير ذلك”.

وواصلت الفتاة، في احياناً كثيرة تقوم أمي بضربي دون أدنى سبب  أو توعز لأحد أخوتي بضربي لدرجة أن مرة من المرات كنت أعد وجبة الغداء، فإذا لي اتفاجئ بدخولها إلى المطبخ مع إخوتي الثلاثة، وقاموا بضربي ضربا عنيفا بالمحواش ” المجحي”، ( أداة مصنوعة من الخشب لتقليب الطعام) .

تتابع، اخذوه وقاموا بضربي على رأسي، حاولت الدفاع عن نفسي ولكن دون جدوى، شجوا رأسي،  وخرجت جريا ابحث عمن يضمد جراحي علها تندمل وتتوقف تلك الدماء التي لم تشفع لي لدى أمي وأبنائها، وخرجت وما إن عبرت الشارع حتى اغمي علي، لأجد نفسي هنا “.

تقول الموظفة، سألتني لما كل هذا ؟!  ليتني استطعت أن اجيبها حتى أجيب نفسي اولا عن تلك الأسئلة، لكن  الوقت داهمنا، وتوادعنا والدمع على مقلتيها والضيق يعتريني لقلة حيلتي فيما أقدم لها من نصح إذ أنها تتكلم عن أعظم كائن بشري في المعمورة …!

لتختفي بعد أيام من لقائنا، وأتذكر أن جارتها الملاصقة لمنزل تلك الفتاة، زميلة لي في المكتب، جلسنا وتحدثنا وسألتها عن حال جارتهم وما آلت اليه ظروفها، تنفست بعمق حتى خِلت الأمر أنها قد فارقت الحياة  بسبب تعذيب أهلها لها، لتجيبني بحسرة أنها ربطت كما تربط الدواب في مكان أسفل منزلهم..!

سألتها، ولماذا ربطت بهذه الوحشية، ردت زميلتي بأن السبب هو اشهار السلاح في وجهها وكثرة الضرب الذي تتعرض له في رأسها أفقدها جزأً من عقلها فأصبحت كالمجنونة لا تعرف من هي ولا أي شيء تذكره عن أهلها.

حين يفقد الأمان من الأمان نفسه الى أين اللجوء وكيف لأم حملت وولدت أن تكون بتلك الوحشية، وهذه الأم ليست الأولى ولن تكون الأخيرة فأغلب الانتهاكات والعنف ضد الفتاة سببه بالمقام الأول التنشئة الأسرية القائمة على التمييز بين الذكور والإناث على كافة الأصعدة.