إب7 press
هارون اليوسفي
يعيش النازحون في مدينة القاعدة جنوب محافظة إب أوضاع مأساوية جراء انعدام الخدمات العامة ناهيك عن تردي الأوضاع الاقتصادية والحرب.
أصبحت مدينة القاعدة ملاذا آمنا للآلاف من النازحين من محافظة تعز المجاورة لها والتي وتبعد عنها حوالي 9 كم تقريبا، والتي تشهد مواجهات متواصلة بين قوات صنعاء وقوات هادي، ومع استمرار الحرب التي تشهدها اليمن منذ العام ٢٠١٥، تتضاعف معاناة النازحين يوما بعد آخر ويزداد الوضع خطورة.
ورغم صغر مساحتها إلا أنها استقبلت ما يقرب من عشرة آلاف نازح من مختلف المحافظات، حيث شهدت مدينة القاعدة الأعوام المنصرمة كثافة سكانية عالية مع تردي الخدمات الصحية والتعليمية بالإضافة إلى ارتفاع إيجارات المنازل السكنية.
تشرح “منى عبد الله” 35 عاما، نزحت من محافظة تعز جنوبي البلاد صوب محافظة إب مع أولادها الثمانية، وزوجها، أسباب نزوحهم، حيث تقول: بعد اندلاع الحرب وتدخل الطيران بالقصف من الجو وتبادل القصف داخل المدينة من قبل الأطراف المتصارعة، تعرضنا لحصار مطبق استمر 15 يوما، وعندما هدأت المعارك فررنا من المنزل على عجل نحو مدينة القاعدة.
تتابع حديثها بصوت يكسوه الحزن والحسرة، اضطررنا للفرار هرباً من جحيم الحرب إلى منزل أحد أصدقاء زوجي هنا في مدينة القاعدة.
تمكنت “أسرة منى” من استئجار منزل والعيش في المدينة، لكنها تواجه صعوبة في توفير الطعام والشراب، ناهيك عن تأمين إيجار المنزل أيضا والذي يصل إلى ثلاثين ألف ريال، نحو 50$ في الشهر.
تقول “منى” حالنا أصبح يرثى له في هذا المنزل حيث لم تعد المنظمات الدولية تقدم المساعدات وعدم توفر المياه الصحية، كما نعاني من برد الشتاء، لعدم وجود البطانيات، وزوجي عاطل عن العمل.
لا تحلم “منى” بأكثر من العودة إلى منزلها والعيش بسلام وكرامة مع زوجها وأطفالها.
أدت الحرب في اليمن، إلى نزوح حوالي 4 ملايين شخص داخليا، وحرم الآلاف من مصادر دخلهم، كما توقفت المرتبات لموظفي القطاع الحكومي.
وحذر برنامج الأغذية العالمي من مجاعة وشيكة، حيث يقف اليمن على أعتاب كارثة محدقة، وأكد البرنامج في بيان له أن التأثير على الأمن الغذائي كان مدمراً، وقد أظهر تحليل ما قبل جائحة كورونا (كوفيد-19)، أنه من المتوقع أن يتجاوز عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد إلى 17 مليون شخص من أصل 29 إلى 30 مليون شخص في عام 2020.
ومع كل جولة للمفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة، يجدد النازحون آمالهم بأن تتوصل الأطراف المتصارعة لحل شامل للحرب وأن يعم السلام أرجاء البلاد، إلا أن كل تلك المفاوضات سرعان ما تبوء بالفشل، وتتجدد المعارك العنيفة وتزداد موجات النزوح مرة أخرى.
يعمل “هشام” 27 عاماً على متن دراجة نارية، وهو نازح آخر من محافظة تعز، لتوفير لقمة العيش لأسرته المكونة من أربعة أفراد.
يقول “هشام” مع احتدام المواجهات وزيادة التصعيد العسكري في منطقة الجحملية في العام ٢٠١٦، لذنا بالفرار مباشرة دون أن نحمل شيء عدا ملابسنا التي نرتديها.
أوصلت أسرتي إلى منزل ابن عمي في الحوبان، ثم عدت وحملت بعض الأمتعة، ونزحنا مع عدد من جيراننا إلى مدينة القاعدة.
باع “هشام” ما كانت تملكه زوجته من ذهب لشراء دراجة نارية حتى يعمل عليها لتوفير المصروفات الضرورية وإيجار المنزل.
وفي بيان صدر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة فإن اليمن تشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يحتاج أكثر من 80% من السكان للمساعدات الإنسانية، كما يواجه 20 مليون شخص منهم انعدام الأمن الغذائي وحوالي 14 مليوناً بحاجة إلى تدخل إنساني طارئ.
يؤكد الناشط الإنساني “عبد الرحمن الرفاعي” على أن أوضاع النازحين في مدينة القاعدة تزداد سوءًا يوماً بعد آخر.
وأضاف، أن الانتقال من مدنهم إلى أماكن أخرى يثقل كاهلهم وبالتحديد فئة النساء اللواتي لا يتحملن مشقة التشرد والتنقل من مكان إلى آخر، ويكن عرضة للتحرش والاستغلال الجسدي.
وتوقع “الرفاعي” أن تستمر معاناة النازحين حيث يعاني اليمن من انهيار اقتصادي وتوقف شبه كلي في المؤسسات الخدمية العامة، ناهيك عن زيادة أعداد النازحين إثر استمرار المعارك في جبهات مختلفة من البلاد للعام السادس.
مدينة القاعدة واحدة من مدن ومناطق محافظة إب التي استقبلت النازحين من أغلب المحافظات اليمنية، لكن الوضع يزداد تدهورا وكارثية بسبب طول فترة الحرب والنزوح، وتعثر المبادرات الشبابية، وتوقف بعض الدعم والتمويل من المنظمات الدولية ولأسباب مجهولة.