#بوح_اليَاسّمين
طفولة غيمة لا تمطر
إب 7 برس Ibb7press
بغداد المرادي | رأي
يقال، أن للكل إنسان من إثمه نصيب، غير أن ” غيمة ” ذات الربيع التاسع، تدرس في الصف الثاني من المرحلة الابتدائية، حالها مختلف، فهي تحمل بين جنبيها كغيرها ممن في عمرها، أحلام الطفولة البائسة في وطن مثخنٍ بالجراح، وكذلك أختها تواجه نفس المصير، وكلاهما يعانيان البؤس والحرمان.
تذهب غيمة للمدرسة في الفترة الصباحية، يعايرنها صديقاتها بأنها فقيرة لا تملك ما يملكنه، فثيابها رثة وممزقة، إذ أن الزي الخاص بها مهترئ ومتعب للغاية، لا تحمل حقيبة للكتب والقرطاسية، إنما تضع كل ذلك في أكياس بلاستيكية لا تصمد حتى نهاية الدوام، فتعود للبيت حاملة للكتب على يديها الصغيرتين، نتيجة لتمزق ذلك الكيس البلاستيكي.
في وطني يكبر الطفل عشرون عاماً وهو في التاسعة من عمره، فيما الطفلة “غيمة” تمطر أحزان وبؤس وحرمان،لتمضي حياتها بين غياهب الظلم والقسوة، وعذابات الطفولة القاسية.
غيمة.. بائعة المناديل الطفلة الصغيرة تجوب الشوارع بعد الظهيرة، حتى تسطيع توفير لقمة عيش لها ولأختها التي تصغرها بعامين لأنهما يتيمتي الأم.
تعيش هذه الطفلة بين فكي أنياب مفترسة، فبالإضافة لعملها في الشوارع، فإن زوجة أبيها لا يرق لها قلباً عليها، تعاملها كالسندريلا، وسالي، وبائعة الكبريت، هكذا أصبحن بعض زهراوات هذه المدينة، تُضرب وتنتهك طفولتهن، ولا يتجاوز سقف أحلامهن سوى بدمى وعرائس بلاستيكية صغيرة رخيصة الثمن يلعبن بها في آخر اليوم البائس وحين تتعبن تخلدن للنوم ويحلمن بغدٍ يحمل فقط بعض الهدوء.
خلف أبواب مدينة السلام العتيقة المغلقة والمغلّفة بإحكام، لا يُعلم ما بال بعض ساكنيها انتزعت البعض منها -إن لم نقل كلها – من الرحمة.
هناك غيوم كثيرة لابد لها من أن تمطر يوماً ما، وستكون حينها كل تلك الأراضي القاحلة خضراء تسر الناظرين، إن لم يكن مطرا يبلل مكامن التجبر واللا خوف من الله، فسيكون عذابا يؤرق ليل الظالمين…!