قلم أفلاطوني (القلاّب القلاّب)
إب7 press
سماح عملاق
دعوني أصارحكم، لقد تعلم أفلاطون منا السّخط، إنه اليوم مجروح جدًا، أتاني بهيئة رثّة لم ألحظها من قبل، لقد عمل ليومٍ واحدٍ كعامل للنظافة في المحافظة.
-“أتصدقين يا سماح أن عمال النظافة يرفعون قمامة المدينة كلها دون أية وسيلة للوقاية، دون قفازات، دون كمامة، وبعضهم دون بذلات خاصة أيضًا!!، يا إلهي مما خُلق هؤلاء!
– لاحظتُ ذلك أيضًا، وهذه المسألة تحتاج إلى وعي، وكذلك توجيه ودعم الجهات المسؤولة، لكن حدثني عن تجربتك كعامل نظافة.
– لا أخفيكِ سرًّا يا سماح، قررتُ خوض التجربة بعد رسمتُ في مخيلتي مكانة عظيمة لهذا الموظف الذي لولاه لغرقنا بقاذوراتنا، لقد صعدتُ إلى “القلاّب” وأنا منفوخ الصدر كـ”سوبرمان” هذه المدينة.
– أنتَ كذلك يا عزيزي.
تنحنح جانبًا وعدّل ربطة عنقه قائلًا:
– هذا من لطفك يا آنستي المفضلة، لكن لماذا يقابلني سكان المدينة بالامتعاض، ويتجنبونني وكأنني جرذٌ أمرد؟!.
– آه، ربما أسأتَ فهم سلوكياتهم يا أفلا، هم لا يتجنبونك، بل يتجنبون الأوساخ التي تعمل فيها. لا تحزن؛ فسكان مدينتي لطفاء وبسطاء، وهم ينظرون لعامل النظافة بكل إجلال، فلولاه لما كانت المدينة مدينة يا صديقي.
– أتفهم ذلك، لكني لم ألمس الإحترام الذي تتحدثين عنه.
– لا تعلم كيف يقفز الأطفال مع سيمفونية “القلاّب القلاّب”، هذه الأغنية أصبحت صالحة للدّندنة بين الكبار والصغار، أما الاحترام فملموسٌ بمجرد أن يسير المواطن في شارعٍ نظيف، يقول في نفسه” شكرًا يا عامل النظافة” وأنا اليوم أقولها بانحناء وأرفع القبعة “شكرًا أفلاطون، والشكر لكل زملائك المناضلين في كل أزقة المدينة”.
– الشكر لكِ عزيزتي، أنتِ إنسانة مهذبة، هل واجهتِ يومًا عاملًا للنظافة وتحدثتِ معه دون ترفّع؟
– اممم، لقد أضعتُ خاتمًا من الذهب قبل قرابة شهرين، وحين عدتُ لأقتفي أثرهُ سألتُ عمال النظافة فوجده عاملًا منهم في جولة الصوفي وسط مدينة إب تحديدًا، وسلمني إياه بكل أمانة، وحينها لم أقاوم رغبتي بإهداء خاتمي له، وهل تعلم ردة فعل أسرتي؟
– بالتأكيد لقد أبرحوكِ ضربًا هههههه.
– كلا، لقد قالوها دون اتفاق “يستاهل أكثر، وربنا يكتبها لوجهه الكريم”.
ابتسم أفلاطون، وبرقت عيناه، ثم فكّر برهه وسأل:
“لماذا لم أجد أية قطعة ثمينة حتى اليوم، يبدو أنكِ البلهاء الوحيدة في مدينتك!”.