اعترافات أنثى 7
الاعتراف الأخير
إب7برس Ibb7press
نسرين جبر
يرتدي العالم رداء وردياً يوما كل عام ليندد بحقوق المرأة التي يتناسونها طوال العام وكما يقال ( فإن الحقوق لا توهب إنما تنتزع )، وفي كل يوم عالمي للمرأة تردد حقوق لا هي تُوهب ولا يُترك لها مجال تنتزع.
نحن بين هذه الحقائق نتطاير أدراج الرياح، فبعد أن تزوجت من الرجل المسن وأنا ابنة الخامسة عشرة كان كل ما يشغل بالي وتفكيري هو كيف أتخلص من هذا القيد الإجباري الذي أحاط بعنقي، لقد كنت أحاول أن أستنجد بوالدي الذي لطالما ردد على مسامعي ( إحنا ما عندنا بنات تطلق ، عيب ايش أيقولو علينا الناس ، زوجك مافي مثله انتِ الي ماعندك حجه ولا سالفه ).
لقد كان زوجي رجلاً صلفاً قاسي الطباع ذا صوت جهوري عالٍ، متجهم الوجه لا يبتسم إلا نادراً، له حياته الخاصة من وجهة نظري، فهو رجل متزوج مسبقا وله أطفال وأعمال كثيرة. أما أنا فكنت غالبا أحدق بالكتب وأنثر أمنياتي شعراً ونثراً، هل أستطيع أن أستعيد أحلامي المسروقة ولكن كيف لي أن أصنع ذلك؟ ففي كل مرة أحاول أن أتحدث فيها مع زوجي عن فكرة إكمال تعليمي، ومحاولة إقناعه أن المرأة المتعلمة نور في متاهات الحياة ومتى استقامت وتعلمت وتنورت أضاءت الكون والتاريخ فهي الأم المربية واليد الحانية وصانعة القادة والعظماء، لكن في نهاية كل حواراتنا العقيمة تُختتم بنقاشات حادة وكلمات جارحة، أبقى بعدها لأيام أطبب جرحي واواري دمع عيني وانكسار قلبي، فهل الحق في التعليم أصبح عقبة عظيمة ومشكلة يصعب حلها…؟!
هل الحق في اختيار الحياة وشريك العمر حقا لا يمكن أن يوهب؟! إنني استنجد من صلد المجتمع وغبنه وجوره، وصدأ المعتقدات الظالمة، والتي نُسجن فيها بلا رحمة، كنت أفكر مرارا بأمر الانفصال رغم التردد المسيطر علي، فإن عدت إلى منزلي وانفصلت، فهل سيسمح لي والدي بإحياء حلمي من جديد، هل سيبث الروح فيّ لأعود إلى الحياة مجددا، إنني أتجمد يوماً بعد يوم، مشاعري تتصحر، وربيع عمري يكاد أن يكون شتاء قارساً مزمناً.
لعلكم ترون نساء بشخصيات صلبة قاسية فلا تستغربون، فقد مرت الفصول الأربعة على أرواحهن حتى صقلن بطريقة قاسية، وأحيانا مريعة، فلا الزهر يتفتح ليمر الربيع ولا الشتاء يتوقف ليتراجع الجليد بل تستمر الحياة على هذا النحو، وبينهما امرأة تفقد نفسها واخضرار حياتها، ليبقى الوضع القائم على ما هو حتى نشهد جميعا ثورة وعي واندماج حضري