رمضان وذوي البشرة السمراء
 
بغداد المرادي
 
يحتفي كافة أبناء محافظة إب بشهر رمضان، ويعيشون أجواء رمضانية خاصة، لكن هناك فئة تعيشه بطريقتها الخاصة، تحتفي به بعيدا عن الرسميات والضوضاء والتكلف، فهي تسكن الخيام وتقتات ما قد تحصل عليه في يومها، بلا ادخار أو تخطيط للمستقبل.
 
قررت الدخول الى عالم الخيام في أول ايام شهر رمضان الجاري، والتحدث عن قرب لذوي البشرة السمراء، الذين رحبوا بي ظنا منهم انني ممثلة منظمة أجنبية، لكن الأمر لم يسوهم فور علمهم بمهنتي وهدف زيارتي، بيد أنهم انفضوا من حولي، وتركوني برفقة النساء اللاتي كن شغوفات للحديث معي.
تقول “أم زال الهم”، اسم جديد على بيئة إب، وهي من نازحي الحرب والحصار إلى محافظة إب:” لرمضان أجواء تختلف عن بقية أشهر السنة، فنحن نقوم بتنظيف الخيام وعمل تغييرات وتحديثات في نظام معيشتنا، نحن لا نختلف أو تختلف عاداتنا كثيرا عن الآخرين أيضاً، نقوم بشراء المستلزمات الخاصة برمضان كالأكل والأواني الخاصة برمضان وكل احتياجات الأسرة في هذا الشهر الكريم”.
تقاطعها أخرى مؤكدة أن هناك أطباق رئيسية لا تُعد إلا في رمضان مثل الشفوت والشُربة واللحوح ” وهو من أنواع الخبز اليمني الذي يعرف دائما بنكهته الخاصة، إضافة إلى العديد من الوجبات الخاصة والتي لا يمكن أن تخلوا سفرة رمضان منها وهي السلتة والعصيدة ان أمكننا أن نصنعها إذا توافرت لدينا كافة متطلباتها كالدقيق والمرق والماء وغيره.
 
تعقب رفيقتها ” خديجة “، لكننا احيانا لا نستطيع توفير كميات كبيرة من الدقيق أو الماء ومثل هذه الاحتياجات لا تتوفر لدينا بسهولة، إلا أننا ومع كل تلك الصعوبات والتحديات نشعر بالرضا عن حالنا وإن كنا في أحايين كثيرة لا نجد سوى قطعة خبز وشاي.
 
تعود “أم زال الهم” للحديث قائلة: ” المنظمات والهيئات الحكومية والخاصة الباحثة والمهتمة بأمورنا نحن “المهمشين”، حد وصفهم لنا، لا يهتموا بنا ولا نلاقي الدعم الكامل، نحن بين النسيان والجور من قبل المجتمع وكأننا بلا أرواح، بقايا إنسان يعيش في هذا المجتمع دون مراعاة لمشاعره أو احتياجاته كالأخرين “.
وتضيف أخرى ويظهر عليها المرح “نجتمع عشية أيام رمضان نحن النساء في خيمة واحدة، ونستمر بالتسامر وتبادل الفكاهات حتى وقت السحور، بعد ذلك نقوم بإيقاظ الأزواج و الابناء والبنات، من يستطيع منهم الصيام، من ثم ناكل ما تيسر طبخه إن أمكن، ووجد أو يمكننا ايقاظ الأزواج فقط دونا عن الأولاد لعدم مقدرتهم على تحمل الجوع والعطش في نهار رمضان، خاصة وأننا لا نستطيع طبخ أو تقديم وجبات كثيرة وكبيرة تكفي لستة أو ثمانية أشخاص فنكتفي بصيام القليل منا”.
 
حياة أخرى يعيشها العديد من سكان الخيام، فبين ترف القصور والفلل ومنازل المغتربين ثمة من يحتاج مساندة في هذا الشهر الكريم، وهنا ينبغي على شباب المبادرات تخصيص مشروع لإفطار هؤلاء وكسوتهم العيدية والاهتمام بهم بشكل دوري فهؤلاء أيضا مواطنون يمنيون.