ذنبٌ وعقاب.. مشاركة الفتاة الريفية في الإذاعة المدرسية

إب 7 برس
سماح عبدالله

رغم تسرب أمينة محمد (23 عامًا وأم لطفلين من المشنة) عن التعليم، لم تنسَ آثار خطوط الخيزران على ظهرها، يضربها والدها بعنفٍ كلما شاركت بفقرةٍ في الإذاعة المدرسية.

تقول أمينة لـ ” إب 7  برس ” أوقفتُ تعليمي في الصف الثامن وتزوجتُ، ولم يسمح لي زوجي بعدها بمواصلة الدراسة في القرية المجاورة”.

وعن ظرف زواجها تشير إلى إعجاب زوجها بصوتها في الإنشاد أثناء مروره صدفةً بالمدرسة، لم يكتمل الطابور المدرسي بعد حتى عرف الرجل أصلها وابنت من تكون.

وتضيف أن خِطبتها كانت وزرًا عليها تحمله، وقد ضربها أخوها الأكبر، واتهمها بمحاولة لفت الأسماع؛ للحصول على زوجٍ بصوتها، رغم أن العريس المتقدم لم يفصح عن سبب الاختيار إلا لها بعد عامين من زواجهما.

 

  • للفتيات أن يقدّمنَ فقراتٍ دينية

يتفق عشرة آباء التقَت بهم مراسلتنا، ألا بأس بمشاركة بناتهم في الإذاعة المدرسية شريطة أن تكون فقرة دينية بامتياز.

وبهذا الشأن يقول أحد أعضاء مجلس الآباء في مديرية الظهار ( يفضل عدم ذكر اسمه):” لا أمنع بناتي من المشاركة في الإذاعة المدرسية باعتبارها الحصة الأولى التي تشكل شخصية الطلبة، لكني أفضل تقديمهن لفقرة القرآن الكريم أو الدعاء، وأرفض فكرة تقديم الشعر أو الإنشاد أو التمثيل، ليس عن قناعة إنما مراعاةً لطبيعة المجتمع، ولاشي أهم من سمعة الفتاة”.

ويضيف:” أما أبنائي الذكور الذين أشجعهم وأدربهم على تأدية أدوارهم في مسرحية الإذاعة المدرسية أو الإنشاد أو إلقاء الشعر أو تقديم برامج مسابقاتيه، يخيبون الأمل مع الأسف، وأراهم دومًا عازفين عن حضور الطابور المدرسي جملةً وتفصيلا”.

يرى هذا الوالد أن ذلك التباين بين أبنائه الذكور وبناته من المفارقات العجيبة، ويبررها لنفسه بأن الممنوع مرغوب وأن المتاح لا يطلب.

 

  • فقرة “هل تعلم

جميلة فؤاد ( 19 عامًا من حزم العدين) قدّمت فقرة “هل تعلم” في الإذاعة المدرسية، وكانت حينها في الصف الخامس الابتدائي.

تقول: ” لقد بادر رجلٌ متشدد بما يخص صوت المرأة إلى زيارة والدي ليقدم فقرة (هل تعلم) أخرى، أمام عشرات الحضور في مقيل المنزل”.

وتقلّد صوته بتندّر قائلةً ما قال حينها:” هل تعلم بأن ابنتُكَ تتحدّث في مكبرات الصوت، وهل تعلم أن صوتها يغري شباب الحارة، وهل تعلم بأن نظرة الناس إليها تتناقص… زوجوها تستتر”.

حظيت جميلة بعائلة متفهمة، لم تتزوج -كقاصر- طلبًا للستر حسب نصيحة الواشي، لكنها أكملت تعليمها الثانوي بتفوق، وهي تستعد الآن للتقديم في اختبارات القبول بكلية الطب في الجامعة.

 

  • الأنشطة المدرسية تزرع روح الانتماء والوطنية والتحضر الملتزم في نفسية الطالبة

تقول مسؤولة الأنشطة المدرسية في مجمع أروى للبنات بمديرية السياني الأستاذة أفراح ناصر إنه كثيرًا ما واجهتها مشكلة رفض أولياء الأمور لمشاركة بناتهم في الإذاعة المدرسية وكذلك الأنشطة الثقافية رغم تفوقهن، وإنها تسأل أي طالبة مرشّحة لتمثيل المدرسة في المسابقات بأنواعها إذا ما كان ولي أمرها موافقًا، وبدورها تتواصل بولي الأمر الرافض لتقنعه بجدوى النشاط وأهميته ونفعه الكبير للطالبة والمدرسة.

وتضيف أن من المحاولات ما تصيب، ومنها ما تخيب.

كما تشرح لـ ” إب 7  برس ” طبيعة الوضع في مدرستها المستقلة عن البنين تمامًا، وأن معظم الكادر التدريسي من الأمهات، كما أن المعلمين فيها قلّة وهم آباء فاضلون.

وتؤكد ناصر أن توثيق المدرسة للإذاعة المدرسية يخضع لمعايير دقيقة، وبعد إذن كل طالبة تظهر في الصورة؛ مراعاةً لظروفها الخاصة.

كما تتفهم الأستاذة أفراح نظرة ولي الأمر المتخوف من المشاركات الخارجية والإذاعات المدرسية، وتبعث برسالةٍ مفادها أن محتويات هذه الأنشطة قويمة وسليمة وتحمل القيم والمبادئ التي تزرع روح الانتماء والوطنية والتحضر الملتزم في نفسية الطالبات.

 

  • علاجاً نفسياً 

تقول مديرة إدارة تعليم الفتاة في مكتب التربية بمحافظة إب فايدة الشرفي لـ(إبpress7):” إن مواجهة الجمهور من أعظم التخوفات عند الفتاة، وتشكل الإذاعة المدرسية علاجًا نفسيًا لا يُعوّض إذا كبرت الفتاة ومنعت من المشاركة”.

وتضيف أن منع الفتاة من المشاركة في الإذاعة المدرسية من العادات الغير مبرّرة، ولا يوجد داعي لهذا الهلع من قبل أولياء الأمور، ومنع الفتاة من التحدث عن ظروفها الأسرية لمعلمتها لأكبر سبب لعدم منطقية الأمر.

وتعِد الشرفي بتعاميم جديدة تعمل على معالجة الأمر، كما أنها ستطرح هذا الموضوع في أجندة اجتماعات مجالس الآباء على مستوى مدارس المحافظة.

كما تشير إلى أن مدارس البنات في مركز مدينة إب تحرز مراكز متقدمة في مجال الأنشطة المدرسية التي تشكل الشخصية القويمة للطالبة، وهذه العادات من منعٍ وحظر لمشاركة الفتاة في الإذاعة المدرسية تتركز بنسبة كبيرة في الأرياف التي يصعب وصول الرقابة والإشراف والتوجيه إليها بنفس القدر في مركز المدينة.