العقم تهمة لصيقة بالعوانس

إب7 press
سماح عبدالله

لم تحبل رقية بسهولة، بل بعد رحلةٍ شاقةٍ للتداوي، تعتبرها العائلة المذنبة الوحيدة لتأخرها 10 سنواتٍ عن الأمومة.

أصابع الاتهام لم ترحم السيدة الأربعينية رقية، رغم التقارير الطبية التي تنصح زوجها بالتخفيف من مضغ القات.

قبل أن تتزوج رقية مصلح، وعمرها 35 عامًا من محافظة إب، بزوجها الأربعيني المغترب في المملكة العربية السعودية كانت تواجه تجريحات المجتمع بنظرتهم إليها كـ”عانس”، وفي حفل زفافها تلاحظ رقية نظرات غريبة من الحاضرات، وقد قالت لها إحدى المهنئات:”اتحمدي الله إنك حصلتِ رجال يتزوجك رغم إنك كبيرة، هيا حافظي على بيتك يا بنتي”.

تبدأ رقية حياتها الزوجية بوعي، ومع ذلك لم تسلم كثيراً من المنغصات، أقساها الحمل وأخفها العمر.

 

  • تزف ضرّتها لزوجها

تقول رقية إن زوجها كان يزورها شهرين بالعام الواحد في سنوات الزواج الخمس الأولى، وحاليًا تراه شهرين كل عامين من الغياب.

وتقص لـ(إبpress7) أن كبر عمرها مقارنةً بسليفاتها كان عيبًا تعايره بها أسرة زوجها، وقد أعادت حماتها سبب تأخر حملها إلى عمرها، وكثيرًا ما ندمت لعدم اختيار عروس ألفينية تملأ المنزل بالذرية.

وتضيف أن ندرة زيارة زوجها لليمن تجعله يمضع القات بشراهة، فيوميًا كان يملأ وجنتيه حتى لا تكاد ترى عينيه، وهذا هو السبب الطبي لتأخر الحمل حدّ كلامها.

تقول رقية:” لم يعايب أحد زوجي باعتباره الرجل، وأنا الذي تحملتُ الوزر كله، حتى أن زوجي قال لطبيبه المصري بأنه لا يفهم حين نصحه بالامتناع عن القات لشهرين فقط كي ينجب الأطفال”.

وكي تثبت رقية لحماتها بأن سنها لم يبلغ اليأس بعد، وافقت على أن تخطب له فتاةً ألفينية عمرها 17 عامًا، ووسط ذهولٍ جميع من حولها زفّت ضرّتها إلى زوجها رغم حزنها المكبوت الذي لم تظهره.

ضرّتها الأخرى لم تحبل رغم مرور خمس سنواتٍ على زواجها؛ لتخلع زوجها، وتتزوج بآخر.

تشير رقية إلى حادثة الخلع كانتصارٍ شخصي أنساها آلامها.

 

  • آلام التدليك

تحضر سيدة مريبة كل أسبوعين إلى منزل رقية، لتجبرها حماتها وأخوات زوجها بالتعري لتدليك مبايضها.

في البدء لم ترفض رقية ذلك رغبةً منها بحلٍ يخلصها من وصمة العقم الذي التصقت بها، لكن تكرر التدليك أصابها بإعياء حدّ قولها، ومن هنا كان رفضها.

عائلة الزوج لم تتفهم آلام زوجة الولد الأكبر، خاصة أن إخوانه الصغار قد صاروا آباء وأمهات.

تحكي رقية أن كثيرًا ما داهمتها مجموعة من نساء العائلة لربطها على السرير والإمساك بها؛ ومع صراخها الكبير تستمر “الداية” بتدليك أسفل بطنها.

زوج رقية لم يتخذ أي موقف رغم تعاطفه الخفي مع زوجته، وتبرر رقية سلبيته بالخوف من تحمل المسؤولية التي يعتبرها إساءة لرجولته.

عائلة رقية تبرر أفعال عائلة زوجها بحبها لمصلحة الزوجين، وتقدر مجهود الحماة في تقديم حلول لعقم ابنتهم العانس، بل وتشعر تجاهها بالامتنان لقبولها كزوجة لابنها.

تقول رقية:” لم اتمكن من حمل أية أثقال ولو بسيطة بعد التدليك المستمر للرحم، لكني أصبر رغبةً بطفلٍ يملأ حياتي”.

 

  • رفقة عمر مع الأطباء

تثبت جميع التحاليل الطبية سلامة الزوجين، وقدرتهم على الإنجاب بنسبة تصل لـ(98%)، ويعزون الضعف للقات، لكن انقطاع الزوج عن القات مستحيلًا إلا في الغربة.

تعرض رقية كل فترة على زوجها أن يأخذها معه إلى المملكة العربية السعودية، وتقول ذلك ليس رغبةً بالغربة بل بالذرية، حيث يقطع زوجها القات هناك.

لكنه يصارحها – حسب كلامها – بأنه مستمر في مضغ القات هناك وبأسعارٍ باهضة.

تعزف رقية عن الفكرة وتفكر بحلول أخرى، وهي وضع المنشطات في مشروباته خفية، لكن حماتها تكتشف الأمر وتعزر بها بحضور العائلة.

تعتبر العائلتين تصرف رقية خطأً فادحًا ومسيئًا لرجولة الزوج، وأنه بمثابة استهزاءٍ وتقليلٍ لقدره وقدراته، ولا تزال حتى اليوم تتعرض للمعايرة كونها فكرت بهذه الطريقة.

تقول رقية إن طبيبة متعاطفة مع حالتها مدّتها بمنشطات، وأخبرتها باحتمالية أن تصيب الحيلة، وأنها لم تتقن إخفاء الأمر نظرًا للرقابة الكبيرة عليها في المنزل.

وتضيف أن زوجها لم يغضب كعائلته بل ضحك لذلك التصرف، وتناول الحبوب المنشطة فيما بعد سرًا عنها.

 

  • بعد عشر سنوات

بعد عشر سنوات من الزواج تضررت حاسة السمع عند زوج رقية فأوقف القات ليعود إليه سمعه حسب نصائح الطبيب، وفي تلك الأثناء حملت رقية.

لم يعترف أحد بسبب حل المشكلة، وتفاجأ الجميع بالحمل. وعن عمرٍ ناهز 45 عامًا ولدت رقية بطفلٍ ميت، أصيبت بجلطة بسبب الصدمة.

أجبرت الحماة أبنها على تطليق رقية عقب الولادة في المستشفى، قائلةً: “يكفينا صبر، قد قمنا بالواجب معها وزيادة”.

تركها زوجها في المستشفى برفقة أمها، وأخبر عائلة رقية بأن زوجةً مجلوطة لا تلزمه، وحتى فرحة عمره بالطفل لم تكتمل، وأضاف أنها غير صالحة للزواج، طلقها ثم اختفى. حاولت عائلة رقية ترجيه بأن يؤخر الطلاق حتى تتعافى، لكنه أبى ذلك.

بعد الخروج من العناية المركزة في مستشفى جبلة الجامعي، أفاقت رقية رويدًا رويدًا، تتحرك يديها في الفراغ، لم تلمس يدًا كانت تتوقع حضورها.