أطفال إب في زمن الحرب

 

إب7 press
انتظار الكامل

يسابق الطفل “شوقي ” شروق الشمس كل صباح مشيا على الأقدام من مخيم النازحين قاطعا مسافة طويلة للوصول إلى المطعم الذي يعمل فيه لتوفير لقمة العيش لأفراد عائلته بمدينة القاعدة غربي محافظة إب وسط اليمن.

يقول شوقي عصام (15عاما):” قبل نحو عام تقريبا، نزحت أنا وأفرد عائلتي وتركنا كل ما نملك، وبعد شهر من نزوحنا، ذهب أبي لزيارة منزلنا وإحضار بعض الأغراض والوثائق الهامة، التي نحتاج إليها أنا وإخواني، ومنذ ذلك الحين ما يزال أبي مفقودا ولا نعرف أي شيء عنه حتى اللحظة”.

 

* معاناة اضافية

يتحسر الطفل شوقي على فقدان والده ” أعيش أنا وأفرد عائلتي في مخيم النزوح أسوأ أيامنا ننتظر عودة أبي كي يعود لنا الأمان مثل بقية الأطفال “.

ويروي تفاصيل الحياة التي يعيشها في المخيم مع أفراد أسرته قائلا: ” نفتقر إلى أبسط الأشياء، ومع ذلك لم تقبل المنظمات تسجيلنا للحصول على مساعدات غذائية أو مالية للتخفيف من حجم المعاناة التي نعيشها بسبب غياب الوثائق”.

استمرار الحرب تسبب وما تزال في ارتفاع نسبة الفقر وتردي الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والصحية، ونزوح أغلبية الأسر التي كانت تعيش في مناطق الصراع.

ووفقا لتقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن ” الاوتشا “، ما تزال اليمن تشهد أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم؛ استناداً إلى تحليل وثيقة النظرة العامة للاحتياجات الإنسانية لعام 2021م، والتي أصدرها الفريق القُطري الإنساني في اليمن في 22 فبراير 2021م والتي أشارت التقديرات فيها إلى أن أكثر من 20.7 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية في عام 2021م.

 في حين تُشير ذات التقديرات إلى أن 12.1 مليون شخص منهم بحاجة ماسة للمساعدات، كون هؤلاء يواجهون مستوى أعلى من الاحتياج للحصول على ضروريات الحياة والحفاظ على صحتهم وسلامتهم.

يغطي التحليل جميع مديريات اليمن البالغ عددها 333 مديرية، إذ أن كل مديرية منها تأثرت بالأزمة الإنسانية بطريقة ما.

 

* مستقبل مجهول

يقول شوقي: “تركت الدراسة وتخليت عن أحلامي في سبيل العمل لتوفير لقمة العيش لأفراد عائلتي”.

ومثل الطفل شوقي أضطر الطفل محمد لترك التعليم لمساندة أسرته والوقوف إلى جانبهم والخروج إلى الأسواق بحثا عن عمل لتوفير الغذاء والوقوف إلى جانب أسرته على غرار مئات الأطفال في اليمن.

يقول محمد (13عاما):” أنا لست نازحا بل مُقيم، لكن أبي مُعلم ويعاني الكثير من الأمراض المُزمنة وبيتنا إيجار ولا يخفي عليكم حال المعلمين نتيجة استمرار انقطاع رواتبهم منذ أكثر من خمس سنوات”.

” اجوب الشوارع والأزقة والمراكز والمستشفيات كي ابيع بضاعتي “البيض” الذي اصحو من أجله وقت صلاة الفجر أنا وأختي لتجهيزه على الحطب وبقايا الكراتين بسبب عدم قدرتنا على توفير مادة الغاز المنزلي نتيجة ارتفاع سعره” يقول محمد.

الطفلة مروى هي الأخرى تحكي واقع الحال عن حياتها قائلة:” عمري الآن خمسة عشر عاما ولي في بيع المناديل الورقية في هذه الجولة ما يقارب ستة أعوام”.

تخرج مروى في السابعة صباحا لبيع المناديل الورقية في أحد شوارع مدينة اب ثم تعود إلى منزلهم في الثانية عشرة ظهرًا.

توضح مروى بأن والدها كان سابقا يعمل لتوفير لقمة العيش لهم وكان الحال مستوراً ولكن فجأة تغير حالهم بسبب إصابة والدها برصاصة طائشة استقرت في العمود الفقري جعلته طريح الفراش.

مضيفة” المساعدات الغذائية المقدمة من المنظمة لا تكفينا لمدة شهرين، وأخوتي صغار، اضطرت للخروج للعمل، وتفاعل معي صاحب بقالة واتفقنا على أن أبيع له المناديل الورقية مقابل فائدة مالية بسيطة”.

 عمل الفتاة بالبيع في الشوارع أمر صعب في بلد محافظ، إذ تقول مروى “أظل أقاوم خجلي وانا اعرض بضاعتي الرخيصة الثمن لكني بالرغم من هذا كله راضية بقدري، يكفي أن أعود إلى البيت فأرى البسمة في وجوه عائلتي”.

أفاد مسؤول رفيع المستوى في مكتب التربية والتعليم بمحافظة إب، أن مئات الطلاب تسربوا من التعليم نتيجة الحرب والوضع الاقتصادي وعدم قدرتهم على مواصلة التعليم.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم الإفصاح عن أسمه:” عملنا على إعادة وتأهيل البعض، لكن أكثرهم لم نتمكن من إعادتهم، وذلك بسبب تدهور الوضع الاقتصادي؛ وتزايد نسبة الفقر بشكل متسارع، ما يدفع الأسر الى جعل أطفالهم يتركون التعليم وينخرطون في الأعمال لمساعدتهم في تلبية الاحتياجات الأساسية”.

 

* اتساع دائرة عمالة الأطفال

وفقا لمنظمة اليونيسف فإن ظاهرة عمالة الأطفال توسعت بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية حيث وصل عدد الأطفال العاملين في عام 2013، %17 (نحو 3.1مليون طفل) من أطفال اليمن ممن تتراوح أعمارهم بين 8 و17 عاما عمالة أطفال والعدد قابل للارتفاع في ظل الأوضاع الراهنة بسبب الانهيار الاقتصادي الذي يشهده اليمن بحسب المنظمة.

منظمة العمل الدولية أعلنت من جانبها أن 1.4 مليون طفل يعملون في اليمن محرومون من أبسط حقوقهم.

وبالرغم من الجهود المستمرة للتقليل من هذه الظاهرة سواء من قبل منظمات دولية أو محلية أو مُبادرات شبابيه؛ إلا أن الوضع الراهن يَفرض نفسه في ظل غياب الرقابة؛ وانهيار الوضع الاقتصادي ما يدفع بالمزيد من الأطفال إلى سوق العمل.