أزهار تحترق بنار الثقة..!

 

إب7 press
بغداد المرادي

 

خمسة عشر عاماً، انتهت بلحظات والسبب غيرة وافراط في الثقة، “أرزاق ” أو أزهار المصري” اختلفت المسميات لكن الألم واحد.

قصة من خلف أحد الأبواب المتعددة في مدينة إب المليئة بالمآسي والأحزان فخلف كل باب قصص لا يعرفها الكثير من السواد الأعظم من الناس. 

تقول ” أرزاق “: ” كنت أنام بجوعي من أجل عيالي يشبعوا، كنا نأكل أنا وعيالي “كدم”، نوع من انواع الخبز اليمني عادة ما كان يصرف للجنود، وكذلك شاي، وكل ذلك من أجل اثبت لأهلي وزوجي اننا أقدر اكون شي ناجح ولي اسمي وشهرتي وقيمتي بين الناس اللي ما تؤمن بالنساء”

أم لأربعة أطفال هي لهم بمثابة الأب والأم، بدأت مشوارها صوب النجاح والشهرة من الصفر حيث اكتسبت ذلك من خلال تميزي بمشروعي فن التصميم والخياطة العصرية لمختلف الأعمار من النساء.

وتواصل سرد حكايتها، رفض اخوتي ذكر اسمي لاستعارتهم من عملي جعلني اغير لقبي واسمي فأصبحت اكنى باسم “ازهار المصري”، وقلة قليلة من ذ وي الاختصاص يعرفون باسمي الحقيقي.

تروي أزهار وبحرقة ممزوجة بألم وصوت مبحوح شاحب أنها ما وصلت إلى ما هي عليه قبل فترة وجيزة الا بعد عناء وكفاح وخسارة تمثلت بخسارة بيتها ومجوهراتها إلى جانب خسارة زواجها الذي انتهت علاقتهما بالطلاق نتيجة لطلب زوجها المتكرر بأن لا تعمل “لا تشتغل”.

رفضت ذلك فما كان منه إلا أن اخذ عليها كل ما تملك حتى يجبرها على أن تتوقف عن العمل وأن تقعد حبيسة المنزل” عمل على تحطيمي وإعادتي إلى الصفر لإجباري أن اعدل عن قراري في العمل والشغل.. ولكني لم أيأس وكونت نفسي وبدأت من جديد ” هكذا تحدثت والشعور بالفخر يملأ عينيها.

وتكمل قصتها، عدت من الصفر، عملت في مستشفى كمساعدة طبيب جراحة وإسعافات أولية، وهكذا جمعت كل ما كنت اجنيه حتى أتمكن من فتح مؤسستي من جديد ومعمل الخياطة، بعت ما تبقى لدي من مجوهرات لفتح المؤسسة الخاصة بي التي دمرها زوجي سابقا غدر بي ودمر حلمي وطموحاتي..

تدخل أزهار بعد ذلك معاناة أكثر وأكبر عنفا من قبل أهلها كونها امرأة “مطلقة”، حيث تقول” حاربوا أحلامي، هددوني بالقتل بوضع السلاح على رأسي إن عدت إلى عملي وإلى منزل أبي مع اولادي بعد طلاقي”.

وسط كل تلك العتمة ثمة بصيص نور، حيث وقوف أحدهم من أبناء عمومتها “شيخ القبيلة “، حارب الجميع من أجلها حتى استعادت نفسها ووقفت على قدميها، فتحت المركز وهو عبارة عن بيت فتحت فيه دورات خياطة ودورات تخص المرأة كالحرف اليدوية “نقش وكوافير”، و”تعليم محو الامية”، ومن خلال كل تلك الدورات استطعت تجميع مبلغ من المال وتمكنت من شراء ماكينتي خياطة، وجلبت أربع عاملات للخياطة في المركز، وتطورت مهاراتي وأصبحت مصممة مشهورة في محافظة إب.

توقفت برهة، واكملت: “هنا توقفت تلك السعادة ليأتي الحزن والدمار الذي هدم كل ما بنيته وحققته، فقد كنت أثق بأحداهن لكنها خانت ثقتي وحاكت مؤامرة لتدميري وإسقاط شهرتي ونجاحاتي في مجال تصاميم الخياطة، إذ حدث أنها عطلت مكائني وجعلت الزبائن والطالبات اللاتي يدرسن في المركز يذهبن دون عودة بسبب معاملتها السيئة لهن وخاصة من كن يتعلمن النقش والكوافير، وكل ما اتت زبونة أخبرتها أنني لم أعد موجودة في اليمن وأني قد سافرت خارجا لأعود على كارثة حلت بي وبما صنعت بسبب تلك الثقة”.

وتختتم حديثها؛ عدت من القمة إلى الصفر، ولم يعد لدي شيء، لا مركز خياطة ولا شهرة او اسم، ولم يعد يساعدني أحد، انهارت قواي ولم استيقظ إلا في المستشفى من هول ما مررت به.. تدمرت أحلامي ونجاحاتي وطموحاتي ولم يعد معي غير الله أحد”.

لكني لن أيأس فلطالما هدموا أحلامي أقرب الناس إلي فكيف بغريبة أعطيتها كل ثقتي…؟! الحياة دروس وإن كان الدرس قاسٍ هذه المرة ولكني سأقف على قدماي مرة أخرى سأقف بنفسي ولنفسي سأصنع مني امرأة أخرى وسأعود لأبني ما هدمه كل من حولي فلم أخلق لأهزم ولم تخلق المرأة لتكون عالة على أحد فمن أبسط الحقوق لكل امرأة أن تسعى لإثبات ذاتها وها أنا ذا أقف من جديد بقوة وعزم أكبر من السابق..

أزهار المرأة الفولاذية التي يصفها البعض بهذا فهي امرأة لم تستسلم للعادات والتقاليد ولا للعائلة وغيرها في ظل إثبات ذاتها وحقها التي لطالما حلمت به ودفعت الكثير ثمناً لثقتها المفرطة وها هي اليوم تعاود الوقوف بهمة وإصرار وبحاجة لدعم ومساندة المجتمع لتمثل النموذج الأكثر قوة وصلابة وثقة بالنفس لا تقهر بهجرتها إلى محافظة أخرى لتصنع ازهاراً جديدة غير التي دمرتها وأحرقتها الثقة العمياء.