” خوات العروسة ” .. الأكثر فرحا وتعبا وحزنا
إب7 press
بغداد المرادي l رأي
عندما تحتفي الأسر بزواج إحدى بناتها في محافظة إب، توكل أم العروس مهام إنجاح تلك الفرحة على شقيقات العروس، أو حسب التسمية الشائعة في مجتمع إب ” خوات العروسة “، وهي بذلك التكليف قد أسندت لهن كافة المهمات داخل المنزل وخارجه، ظاهره وباطنه، وعليهن إنجاز وترتيب ليلة الزفاف بكل ثقة واقتدار، مع المراعاة التامة لحسن ضيافة حميع الحاضرين والحاضرات.
فمنذ بدأ تحديد يوم الزفاف تشرع الاخوات بتوفير كافة وسائل الراحة للعروس وبما يكفل لها يوما مميزا وجميلًا حافلا بالتميز، وتجعلانها تقوم بما تشاء وما تأمر به ينفذ على أكمل وجه.
ليأتي دور الترتيب في المنزل وإعداده وتزيينه وجعله قصرا ملكيا تشعر العروس وكأنها أميرة في مملكة أبيها التي ستغادره بعد أيام كما جرت وتجري العادة مع كل نساء المحافظة في مثل هذه المناسبات السعيدة.
تكتفي الأم بمهمة الإشراف على كل ذلك، وتوجيه الملاحظات حول ما يجب فعله وما لا يجب وبالتالي دور “أم الحريوة أو العروس” في كل صغيرة وكبيرة هو الركيزة الأساسية لإتمام ذلك العرس.
تكمل الأخوات ما بدأنه طوال الأسبوع والتكفل في كل المهام وحتى آخر لحظة من الزفاف.
إن كن اثنتين أو فوق اثنتين تراهن قائمات قعود مباشرات للضيوف ومرحبات بهن بكل حب واهتمام وكرم لا ينتهي.
ترافق العروس إحدى أخواتها أثناء التزيين و النقش لدى “الكوافير” والقيام بكافة المهام الخاصة في تلك المرحلة، والذهاب معها إلى المنزل أو القاعة الخاصة بالأعراس وإدخالها أمام الحاضرات وسط كلمات تعرف “بالزفة الخاصة بمجموعة بنات العائلة” المصاحبة للعروس من كافة بنات الأهل والصديقات والجارات.
بدورها تقوم العروس واثناء زفافها من قبل الاخوات وغيرهن بتوزيع الورود أو الشوكلاه رميا للحاضرات تعبيرا منها عن شكرها وامتنانها لحضورهن ومشاركتها فرحتها في هذا اليوم البهيج والسعيد، وتستمر بذلك حتى تصل إلى منصتها الخاصة بها فيما يعرف باسم”الكوشة” وتتعالى الزغاريد والتهاليل وكلمات التهاني والتبريكات والدعوات لها بالتوفيق والسلام عليها وعلى أمها.
كلما اقترب موعد الوداع الأخير ولحظاته المرة والمحزنة تتدفق العبرات من عيني اخوات العروس دون شعور مهما حاولن الصمود أمام الحاضرات، فبعد لحظات سيودعن أختهن التي لاطالما كن معا طوال عمرهن وتأتي لحظة كهذه تفرق وتهدم ما بناه الزمن الجميل بينهن لتذهب إحداهن في طريق أخرى وبيت آخر ورجل غريب أخذها، سيكون لها كل شي دوننا، وعالم آخر، وحياة أخرى بعيدة عنهن، لكنها سنة الحياة التي لا اعتراض عليها.
يتحول العرس إلى مأتم كبير فور خروج العروس من بيت أبيها إلى بيت زوجها، حزنا وقهراً لا شعوريا وسط محاولات الحضور والضيوف تهدئة الأم والأخوات للدعاء، لها أن يوفقها الله في حياتها التي ذهبت اليها ذلك اليوم.
لحظات تدمي القلب والروح أن تفارق من كنت لا تنعم بالهدوء والاستقرار إلا بتواجدها وفجأة تختصر سنة الحياة كل تلك اللحظات بلحظة واحدة ..!