أريد أن أكمل تعليمي ولكن ..
إب7 press
بغداد المرادي
على امتداد شوارع مدينة إب نرى عدد كبير من الأطفال يهميون بحثا عن لقمة العيش ليواروا بها سوأة الأيام المقيتة وظروف الحياة البائسة، حيث يقدر مركز الدراسات والإعلام التربوي نسبة الأطفال الذين حرموا من مواصلة التعليم بسبب الظروف الحالية في اليمن بلغ 3 ملايين طفل في الثلاثة الأعوام الفائتة.
لفت نظر مراسلة” إب7 press ” وهي تقلب وريقات إحدى زميلاتها، ووجدت من بين تلك الأوراق ورقة مكتوبا عليها ” أحلم أن أكمل دراستي ولكن ظروف الحياة أجبرتني على غير ذلك ” .
أكملت الزميلة قراءة المزيد عن كلمات ومقولات تشبه العبارة الأولى، وعندها سألت زميلتها عن صاحب الكلمات، وفحواها، فأخبرتها عن صاحب الكلمات وما حدث معه، وعن حياته وشغفه وحبه للعلم، وكيف أنه حرم منه في سن مكبرة ولم يكمله رغم ذكائه المشهود من قبل الجميع..
دفعنا الفضول الصحفي للذهاب بمعيتها لمكان عمله، ومقابلته، وعند وصولنا وجدت طفل خجول يقال له ” زكريا “، يتمنى هذا الفتى أن يشعر الآخرين بمعاناة جيله المولود على رحى الحرب، وان يعيش حياته كباقي الأطفال ممن هم في عمره وأصغر من ذلك.
جلسنا بجواره للحديث معه، حدثنا ورأسه مطأطأ به إلى الأرض، حيث يقول : أنا من مديرية “مذيخرة “، محافظة إب، أعيش مع أمي واخوتي في بيت إيجار يقدر بمبلغ 30 ألف ريال يمني .
يعمل ” زكريا ” ليلا ونهارا ليعول أسرته بعد وفاة والده، الذي توفي وهو في سن مبكرة، ولهذا فإنه لم يكمل دراسته إذ يقول أنه لايريد لأمه وأخواته أن يلجأن أو يحتجن لأحد غيره ولو كان هناك مصدر دخل دائم له ولأسرته لاستطاع المكوث إلى جوار امه، لانه حد قوله لا يزور والدته إلا في الأعياد، كونه يعمل في محل بيع العبايات في شارع العدين. وينام فيه ويحصل منه على اجر يومي يقدر مابين 500ريال إلى 1000ريال، ما يعادل دولارا واحد ونصف.
يتمنى “زكريا” أن يدرس ويكمل تعلميه ليخدم وطنه وأسرته، والأمل يحدوه بأن الله سيستجيب لأمنيته، وأن يستكمل تعليمه، وأن ينام بأحضان أمه، ويلعب مع أخواته الصغريات كأبسط حق من حقوق الطفولة المنتهكة .
تخشى منال العواضي، أخصائية إجتماعية تعمل في مدرسة حكومية، من تعرض الأطفال كنتاج للحرب لجملة من الأحقاد والأمراض النفسية وانفصام الشخصية، وكذلك الخوف من أن تتخطفهم الجماعات المتطرفة بوسائل الإغراء التي قد تدفعهم إليها دون أن يستشعروا خطر ذلك.
كما تدعو ” العواضي ” المؤسسات والمنظمات الدولية إلى إلزام الحكومات بدفع رواتب موظفي التربية والتعليم، وتوفير وجبة يومية لطلاب المدارس، وأن تساهم في إنهاء الصراع بالبلد، وإعادة بناء ما دمرته الحرب، وتأهيل الأطفال المتضررين نفسيا وذلك للعودة لحياتهم الطبيعة واستيعابهم في المجتمع، وإنشاء المدارس الداخلية الخاصة لاحتواء من فقدوا اهاليهم وذويهم جراء الحرب .
تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدرسة يبلغ مليوني طفل وأن ما يزيد على 2000 مدرسة تضررت أو دُمرت بسبب الحرب .
يحتاج أطفال اليمن إلى تدخل أممي لإنقاذ مستقبلهم، وحمايتهم من ويلات الحرب، ومألاتها الكارثية، فزكريا والآلاف من أقرانه في هذه المحافظة يرزحون تحت واقع ملبد بالحرب وتبعاتها الكارثية، وينبغي على المبادرات والمؤسسات والمنظمات الإنسانية أن تتدخل لإنقاذ جيل الحرب والصراع من مستقبل لا تبدو له كلامح .