زواج القاصرات.. الفرح القاتل
إب7 press
أحلام المخلافي
كشفت عدد من المؤسسات الحقوقية والدولية أن زواج القاصرات في أغلب المحافظات اليمنية، ومنها محافظة إب، تسببت في إزهاق أرواح العشرات من الفتيات صغيرات السن رغم تحديد سن قانوني للزواج وأقله 18 عام إلا أنه لا يُعمل به وخصوصاً في الأرياف.
فريق #إب7_press قام بالنزول الميداني ، والتقوا ببعض ضحايا الزواج المبكر وسردن قصصهن بوجع شديد، وتم عرض كل ذلك على مختصين نفسيين وأخصائيين اجتماعيين .
- اغتيال الطفولة
تقول ” فاطمة، 15 عام ” :” أتفق والداي مع خالي على تزويجي أحد أولاده فقد كبرت وأصبحتُ عروس حد قولهم، تزوجت منذ ثلاثة أعوام وهأنذا أبحث عن علاج لأصبح أم فقد أرهقوني جميعاً بأنني امرأة لاتنجب وجميع من ذهبت لهن من طبيبات يقولن بأن رحمي لم تكتمل النمو بعد، ومنهن من تقول بأني لست مهيئة للحمل ولكن زوجي قرر الزواج بأخرى إن لم أنجب له ولد يحمل اسمه.
- معاناة طويلة
أما ” نهـى .ن ” 17 عام وجدناها على إحدى كراسي الانتظار ببطن يدل على حملها رغم ملامحها الطفولية الهزيلة، حينما سألنها عن عمرها وما تعاني أجابت مقتضبة عمري 17 عام من الألم، خطبت وقُرر مصيري منذ كنت في الصف الرابع، كان عمري حينها 10سنوات، وقرروا زواجي بعد أن أبلغ، وتزوجت وأنا في 13 من عمري، كانت أول ليلة لي كفريسة لوحش كاسر بعدها مرت الأيام والسنين وتعودت عليه وأنجبت طفلة وتوفيت وها أنا في شهري السادس حاملا، واعاني مشاكل صحية كفقر شديد بالدم وعليّ أن أضرب إبر مثبته للجنين، و الأوجاع لا تتوقف والله يسهل ولادتي ”
- قصة نجاح
فيما ” نجود محمد ” 24 عام حدثتنا قائلة :” تم عقد قراني كهدية شكر لي لنجاحي بتقدير امتياز في الصف التاسع، كان حينها عمري 15 عام لجأت لكبار رجال عائلتي كان معظمهم ضدي وكيف لي أن أتمرد وأرفض الزواج، ولا أنسَ جملة عمي ما حييت حينما قال لي قدك مرأة مو عاد به وصرخ في وجهي قائل ” زوج بنت الثمان وعليا الضمان ” إحمدي الله جاء من يسترك “، ولكن بعد إصراري وبعض المشاكل والكثير من الضرب تم فسخ عقدي وها أنا ذا هذا العام بإذن الله خريجة جامعية وزفافي بعد أشهر قليلة على رجل فكره يناسب فكري وعقليتي وهذا الأهم “.
تعددت القصص حول هذا الموضوع والضحية واحدة، وتعددت الآراء حول سبب انتشار هذه الظاهرة فمنهم من يراها بأنها موروث شعبي وعادات وتقاليد لا يمكن التخلي عنها، ومنهم من يرجح أن الأوضاع الثقافية والعائلية والاجتماعية لها دور بارز في الحد من هذه الظاهرة أو تفشيها ..
- آثار خطرة
تواصلنا مع الدكتورة إيمان علي ” أخصائية نساء وولادة “، واخبرتنا أن معظم الفتيات الحوامل اللاتي يأتين لتلقي العلاج وتكون حالتهن صعبة لم يبلغن بعد السن القانوني للزواج 18 عام، ونوهت إلى أن المعظم منهن من أرياف المحافظة ويعانين من هزال وفقر دم،
وأكملت، بأن معظم حالات وفيات النساء أثناء الولادة هن فتيات صغار السن، واللاتي لا يستحملن الحمل والولادة بعد، واستطردت بأن أثار الزواج المبكر كثيرة ليست فقط على الأم بل حتى على الطفل فقد يلد ولم يكتمل نموه بعد .
- نسخة مصغرة لموروث بائد
من جهتها الاخصائية الاجتماعية ” سميرة محمد ” تحدثت من منوال أخر قائلة : ” الزواج المبكر له أضرار كثيرة على الأم والطفل بل والمجتمع فالأم لم تصبح ناضجة بعد لتربي طفل، فهي بالأساس مازالت تحتاج للتعليم ومعروفة أمور الحياة الزوجية، بينما الطفل لا يمتلك لا الوقت الذي يستحقه ولا التربية الصحيحة من أمه التي هي أساساً تبحث عن وقت لها ومعلومات صحيحة لتعيش وتعود الفتيات هنا لأخذ كل المعلومات من أمهاتهن التي لهن معتقدات ومواريث سائدة فتكون نسخة مصغرة لمورث شعبي وعادات وتقاليد لتوليد ظواهر اجتماعية كثيرة، ولها ضرر كبير على المجتمع إذ ينشأ جيل لم يكتمل فكرياً هذا غير الضغوطات النفسية الكثيرة التي تتعرض لها الأم والطفل ” .
- انتزاع قانون
وتقول ” إنتظار الكامل ” ناشطة شبابية، ومدربة تنمية بشرية: ” لطالما قمنا بحملات واعتصامات لمناصرة تحديد السن الآمن للزواج، ما أثمر ذلك في العام 2010م فقد تمت تعديلات قانونية لبعض نصوص قانون الأحوال الشخصية من قبل ” اللجنة الوطنية للمرأة “، من ضمن أهم التعديلات التي تم تعديلها هو تحديد سن الزواج الذي تم الاتفاق عليه أن يكون 18 عام كحد أدنى، ولكن انفجار الحرب والتقيد بالعادات والتقاليد حال دون تطبيق القانون، وللأسف، لم يعمل بهذا القانون حتى اليوم ” .
هذا وتعاني اليمن من ارتفاع معدلات البطالة وانتشار الفساد وتفشي انتهاكات حقوق الانسان، وهذه الانتهاكات تشمل زواج الأطفال وهو الاكثر انتشارا، إذ وفقا لإحصاء صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” في 11 فبراير 2019م، تشكل نسبة زواج القاصرات نحو 21% من عدد الفتيات، وتتزوج سنويا 12 مليون فتاة دون سن 18 سنة. وتصف “اليونيسف” أي زواج يحصل قبل سن 18 على أنه انتهاك لحقوق الإنسان.
وحذرت المنظمة في بيانها من أن أكثر من 150 مليون فتاة أخرى سيتزوجن قبل بلوغ الثامنة عشرة بحلول عام 2030م، في حال عدم الإسراع بمعالجة هذا الموضوع..
يشار إلى أن اليمن دولة طرف في العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تحظر صراحة زواج الأطفال وتلزم الدول الأطراف فيها باتخاذ إجراءات للقضاء على هذه الممارسة يشمل ذلك اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية الزواج بالتراضي والسن الدنيا للزواج وتسجيل الزيجات وغيره الكثير من الاتفاقيات التي كانت اليمن من ضمن الموقعين عليها..
الأسباب كثيرة لزواج القاصرات منها الفقر والحرب والنزوح والحاجة إلى المال، وارتفاع نسبة معدل الإناث على الذكور، والبعض يرى ” أن الفتاة إن أزداد عمرها عن 30 عام لا تعد قابلة لزواج وبأن الرجل لا يبحث عن الفتاة المثقفة ولا غير هذا هو يبحث عن فتاة صغيرة يستطيع أن يعيد تأهيلها من جديد”، وهذه مجموعة من الاخطاء الاجتماعية الشائعة تؤدي وبشكل مستمر إلى وفاة العديد من الفتيات عند الولادة ومشاكل اجتماعية تفضي الى تشرخات اسرية فضيعة تنجم عنها مجتمع شاذ بلا روابط او أواصر قيمية وأخلاقية.