تشتهر محافظة إب بأنها محافظة زراعية، ويعتمد أكثر من ثلثي السكان فيها على الزراعة بانواعها المختلفة، وفي موسم الحصاد من كل عام تشهد الوديان نشاط وحيوية وسعي حثيث لبلوغ أهداف المزارعين.
ويشترك الرجال والنساء في العمل بموسم الحصاد، وتعمل المرأة إلى جانب أخيها الرجل في الحقل، وتتفوق عليه في أحيان كثيرة، إذ أنها تجلب الطعام وتساهم في جني المحصول وتخزينه.
وتتميز محافظة إب بزراعتها مختلف أنواع الحبوب والفواكة، وقد توجهت مراسلة إبpress7، الى بعض الوديان وسلطت الضوء على هذا الفصل الساحر من كل عام.
بداية وفور خروجي لاقرب ريف محاذٍ للمدينة التقيت ب ” ام محمد ” وهي وسط الحقول تعمل بهمة وتفاني، و تساهم في جمع الحصاد من الذرة، والفاصوليا، ، والدجر” نوع من انواع الحبوب “.
كانت ” أم محمد ” تعمل بجد وسط الشمس، فطلبت منها ماء ، في الحقيقة كان لدي ما يكفي من الماء، ولكن من الصعب اجراء حوار صحفي مع مُزارعة لا تكترث، بل أنها لا تحبذ التماهي مع التمدن، وتطمئن لحوار عابر تجرف ما بداخلها من شلالات طيبة وعفوية.
أعطتني الماء بكل سرور، والحت عليا بتناول وجبة ريفية طبيعية كاملة الدسم، الوجبة عبارة عن ” اللبن والملوج المصنوع على تنور طيني يعمل بالحطب”، وكذلك ” السحاوق”، وهو عبارة عن خليط من الطماطم والثوم والكبزرة، والملح، والماء، فلفل، واشجار اخرى، كان العرض مغرياً بيد أن الوقت كان عائقاً أمام وجبة شهي كتلك.
أخبرتها إني أحب الزراعة، فقالت بفرح وهي كذلك، قلت لها: لكنك يا خالة تعملين وسط شمساً حارة، وأخشى أن تتعبين، فردت بحزم أن ” حياتي في هذه الأرض إذا لم أعمل أحس بالتعب .. راحتي هنا “.
قلت لها كيف تزرعون أيمكنكِ إخباري كيف تبدأون فصلكم الزراعي ..؟
وهنا شرعت في سرد مراحل الزراعة المتعارف عليها في ريف إب، قالت: ننتظر الوقت المناسب للزراعة، مثلاً أول أيام هطول الأمطار نقوم بحرث الارض، ثم نعود للننتظر لاستمرار سقوط الامطار، وعند ذاك نقوم بوضع ” الذبل ” ، مخلفات الأبقار، بعد ذلك نحرث الارض بواسطة الأثوار ونضع الحب مع وجود إثنين عمال، أحدهم يضع الحب، والأخر يطمره بالتراب، وننتظر عقب ذلك حتى ينمو النبات، ثم نقوم ” بتفقيحه” ، والتفقيح مصطلح شعبي يعني نأخذ أغلب النباتات، ونباعد بين كل زرع وأخر ، نتوقف عقب ذلك لفترة نصف شهر لتأتي عملية السلوقة.
” السلوقة ” مرحلة تجديد التربة وقلبها جوار كل زرع، وبعدها ” الجهمة” وهي مرحلة تقوية جذور وسيقان الزرع عبر تعزيزة بالتربة، وتتكون عقب ذلك حفر متفرقة تقوم بجمع الماء، وهي المرحلة الأكثر حفاظاً على الزرع من الرياح الهائجة.
تستمر فترة الزراعة ستة أشهر، وموسم الأمطار أحياناً يتأخر، وقد يقلقنا البرد لأنه إذا سقط والزرع صغير قد يؤثر عليه ، وإذا تأخر المطر يظه” الجدمي” وهو عبارة عن حشرة تأكل المحصول فنقوم بمكافحتها عن طريق رش المبيدات السامة، وعندما يكبر الرزع قد يكون ذرة أو شام إن أراد البعض أن يأكلوا محصولهم وهو أخضر أكلوه، فيما البعض الآخر يبيعونه للباعة الجائلين .
وأكملت، لكن الأغلب ينتظر حتى يجف المحصول ويقوم بالإستفادة من أوراقه وبيعها خضراء أو بعد تجفيفها، ومن ثم نقوم بفصل المحصول عن الساق تماماً حتى تأتي الحصادة وتقوم بفصل الحب من مكانه، ونحمله للمنازل حتى يجف أكثر على السطح، بعد ذلك نقوم بتخزينة بصهاريج مصنوعة من الحديد ويتم الطحن حسب الطلب.
وتستدرك، وفيما مضى كان يتم إزالة الحب من المكان الذي خرج منه ” القرصاع ” بواسطه إدخال المحصول بعد أن وصل لمرحلة التيبس إلى الكيس المخصص للطحين ونقوم بضربه بعصى غليضة حتى ينفصل الحب تماماً ..
وتختتم حديثها: ” في المرحلة الأخيرة نقوم بحصد الفاصوليا المزروعة بجانب الزرع الرئيسي، أما خضراء أو ندعها حتى تجف، ونقوم بنفس الطريقة السابقة، وكذلك الكشت ” نوع من أنواع الحبوب”، وايضا”
الدجر ” ، وأخر نقطة يتم إقتلاع سيقان وجذور الزرع والإستفادة منهما علفاً للأبقار أو حطباً لتحضير الطعام.
وهكذا كل وديان ومديريات محافظة إب في عزيمة وهمة ونشاط في موسم الخير، وحتى أنه في بعض المناطق تؤجل حفلات الزفاف حتى ينتهي موسم الحصاد ويفرغ الأهالي للإحتفاء وتبادل التهاني.