إب7 press
طاهر الزهيري
يأتي احتفال العالم باليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس في كل عام، وأصبح هذا اليوم يوماً للاحتفال بمستوى ارتقاء المرأة في المجتمع وتقدمها في العالم بأكمله، ولكن ما تزال المرأة اليمنية والأبية على وجه الخصوص تعاني أوضاعاً مأساوية وتعيش في مجتمع ذكوري وتعاني من التميز والقيود الاجتماعية.
تعتبر اليمن في أسفل قائمة تصنيف النوع الاجتماعي لفترة طويلة، رغم أن اليمن أرتبط اسمه سابقاً بحضور ومشاركة المرأة في حقبة من الازدهار من الملكة بلقيس ملكة سبأ التي حكَمت اليمن قبل الميلاد، وساد في عهدها العدل والشُّورى إلى الملكة أروى بنت الصليحي ملكة الدولة الصليحية، والتي ولدت في مدينة جبلة بمحافظة إب.
- التعليم
ابتداء من التعليم فنسبة الأمية بين الإناث تفوق نسبة الأمية بين الذكور وبفارق كبير رغم عدم وجود احصائيات دقيقة لذلك ولكن يمكن ملاحظة ذلك من خلال الفصول الدراسية والعدد الفارق والشاسع بين الذكور والإناث، وعدد الإناث الذي يقل في كل مرحلة دراسية فنجد الفتيات في المرحلة الدراسية الأولى بعدد أكبر من المرحلة الإعدادية ويقل في المرحلة الثانوية والجامعية.
- الميراث
وتتعرض المرأة أيضاً للاضطهاد بحكم بعض العادات والتقاليد إلى الحرمان من حقها في الميراث، ويتم تقسيم الميراث بين الذكور ويبرر البعض ذلك إلى عدم قدرة تصرف المرأة بالمال بالنسبة للعازبة والخوف من المتزوجة خشية انتقال التركة إلى زوجها، وقد يتعدى الأمر إلى أن مطالبة المرأة بحقها في الميراث يعتبر تمرد وقد تخير بين الورث او الأسرة، رغم أن القانون اليمني يقرر للمرأة أن ترث حسب ما استند إليه القانون من أحكام الشريعة الإسلامية، وبما أن نسبة الأمية بين الإناث كبيرة فالكثير من النساء يجهلن القانون ولذلك يصعب عليهن المطالبة بحقوق يجهلنها.
- الزواج المبكر
زواج الصغيرات لايزال حتى اليوم في محافظة إب وبشكل كبير حتى انها أصبحت كالعادات والتقاليد، والذي يعتبره البعض اغتصاب مشرعن، والقصص عديدة وكثيرة وقد لا تخلوا منطقة في المحافظة من الزواج المبكر للفتيات، وقد أظهرت دراسة لمركز الرصد والحماية في منظمة سياج للطفولة أن ما لا يقل عن 60% من الفتيات اليمنيات يتزوجن قبل بلوغ الثامنة عشرة من عمرهن، في حين تتزوج أخريات بنسبة تراوح ما بين 30% و40% قبل بلوغهن 15 عاماً، وهذا التزويج منتشر بشكل أكبر في الريف، الذي ينتمي إليه نحو 70% من إجمالي سكان اليمن.
وقد كان هناك قانون يحدد سن زواج الفتيات في اليمن بـ15 عاماً، صدر في السبعينات، ثم جرى تعديله عام 2000 ليبقى عمر الزواج مطلقاً، إلا أن القانون نصّ على عقوبات بالسجن بين شهرين وسنة، وغرامة تصل إلى 400 ألف ريـال يمني، لأي شخص غير مختص يحرر عقد زواج، وهو على معرفة بأن أحد الطرفين دون سن الـ18، وهناك عدداً من رجال الدين، من يرى أن تحديد سن للزواج لم يرد في الشريعة الإسلامية، ومن هذا المنطلق لا يريدون تحديده، بحجة أنه فكر دخيل مصدره الغرب”
- العمل
العمل للمرأة أيضا ما يزال الكثير ينظرون له بالعيب والحرام وأن المرأة ” مالها إلا البيت أو القبر ” هي جملة تردد وتتطبق على أرض الواقع في الكثير من الأسر، ولذلك نجد أن المرأة في إب مساهمتها في العمل نسبة ضئيلة جداً إلى جانب أيضاً نسبة العاملات في الجانب الحكومي، والبطالة بين الإناث بنسبة كبيرة جداً، رغم أن هناك مفارقة فالأعمال وسوق العمل مفتوح للمرأة وفرصتها بالحصول على العمل تفوق فرصة حصول الرجل على العمل، حتى نسبة استخدام الإناث للهاتف المحمول تعتبره بعض الأسر عيب ولا تسمح للمرأة باستخدام الهاتف المحمول أو الحاسب الآلي.
- السفر
إن القيود الاجتماعية تمنع سفر المرأة لوحدها وبحسب الأعراف والتقاليد والتي تعود حسب رأي الكثير إلى الجانب الديني وهو عدم جواز سفر المرأة إلا بوجود محرم معها، وكانت قد تلاشت تلك القيود وأصبحت الحرية أوسع من السابق وتسافر الكثير من النساء داخل البلاد أو خارجها دون محرم، ولكن في الفترة الأخيرة ومنذ بدء الحرب مطلع العام 2015م أصدرت حكومة صنعاء قرار بحظر سفر النساء بين المدن دون مرافقة محرم وقد تسبب في حالة غضب ووصف القرار في حينه انه قيود لحرية المرأة وهو من منظور جماعة دينية تنظر للمرأة بدونية وتراها دائما عورة.
- العنف
نساء كثيرات يعانين من العنف والاعتداء وربما يعود ذلك لذكورية المجتمع اليمني، وفرض قيوداً كبيرة على المرأة بحجة أن ذلك لحمايتها وبهذا تبقى المرأة تحت رحمة الرجل، ولهذا تعاني المرأة اليمنية والأبية على وجه الخصوص من العنف من قبل الآباء أو الأخوة والأزواج وبسبب العادات والتقاليد تجبر على الصمت وتجعلها غير قادرة على الحديث وقلة قليلة من يفصحن عن تلك الحوادث والممارسات وهذا ما يزيد من العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي.
- ختان الإناث
في دراسة أجريت في اليمن عام 2011م بمناسبة اليوم العالمي لعدم التسامح المطلق إزاء تشويه/ بتر الأعضاء التناسلية للإناث “ختان الإناث” 6 فبراير إلى ان محافظات الحديدة وحضرموت والمهرة وعدن وأمانة العاصمة تعد من أكثر المحافظات التي تنتشر فيها ظاهرة ختان الإناث مع وجودها بنسب أقل في محافظات أخري وبالذات القريبة من السواحل، كما وأظهرت الدراسة كما أن ظاهرة ختان الإناث ليست مقتصرة على المحافظات الساحلية كما كان يعتقد بل هي عادة تمارس في بعض المحافظات الداخلية أيضاً تماشياً مع العادات والتقاليد السائدة، وفي محافظة إب وبالذات في مديرية العدين والتي فيها مناطق محاذية لمدينة ساحلية لا يزال موجود ختان الإناث وتمارس هذه العادة تحت غطاء الحفاظ على عفه الفتاة وتقليل الشهوة، وضمن العادات والتقاليد والجهل والخوف.
وفي حوار أجري مع مدير مستشفى العدين العام بمحافظة إب الدكتور جمال الباشا تحدث عن ظاهرة ختان الإناث وأكد على وجودها في عدة مناطق لا سيما في المناطق المحاذية لتهامة التابعة إداريا لمحافظة الحديدة الساحلية وقد نفذت حملات توعوية حول خطر وأضرار ختان الإناث في عموم المنطقة إلا انه وعند المتابعة اكتشف قيام الفرق والمجموعات المدربة بعكس ما تم تدريبه حيث خضع اغلب تلك الفرق للضغوطات الاجتماعية والعادات والتقاليد في بعض تلك المناطق واستبعد وجود أي احصائيات دقيقة لهذه الظاهرة.
- الاتفاقيات الدولية للقضاء على اشكال التمييز ضد المرأة
كانت اليمن ضمن الدول التي انضمت، وصادقت على اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة في عام 1984م، ورفعت اليمن تحفظاته على المادة الأولى المتعلقة بما يعنيه مصطلح ” التمييز ضد المرأة” وعدلت بعض الدول العربية سياساتها إيجابياً إزاء الاتفاقيات الدولية، وبخاصة اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW) سوأ كان بالانضمام او برفع بعض التحفظات على بعض المواد، أو بإزالة جميع التحفظات.
وفي عام 2014م كان قد أصدر رئيس مجلس الوزراء في اليمن أثناء الحوار الوطني، قراراً بشأن تمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 30 في المائة في الوظائف العامة ومواقع القرار.
الحروب والنزاعات المسلحة أسفرت عن تعطيل وركود للاتفاقيات الدولية، وأصبح مغلب الاهتمام بالقضايا المعيشية والمطلبية وأهملت قضايا النوع الاجتماعي في السياسات العامة وانعدم الاستقرار الذي حال دون التركيز على أولوية قضايا المرأة ودون تطبيق الالتزامات الدولية بشأن الاتفاقيات والمعاهدات المتعلقة بحماية المرأة ومكافحة التمييز على أساس النوع الاجتماعي.
- صوت المرأة
لايزال الكثير في اليمن يرى أن المرأة مكانها المنزل فقط، ولذلك صوت المرأة اليمنية في الغالب غير مسموع ومشاركتها مقتصرة على كافة الأصعدة، وتحيط بها الظروف القاسية من كل جانب وهي تعيش بكفاح وإصرار ليصل صوتها وتأخذ حقها في العلم والتعليم وتحصل على فرصة في العمل ليكون لها دور وحضور فاعل في مجتمع ذكوري محافظ تحكمه الأعراف والعادات والتقاليد رغم أنه نموذج لملكات حكمنه في فترات تاريخية معينة، وساهمن في بنائه وتقدمه وتطوره وحضارته.
يرى التقرير السنوي لحقوق الإنسان، الصادر عن المرصد اليمني لحقوق الانسان في عام 2011، أن «أبرز خطوة قام بها المُشرّع اليمني… والتي كان من شأنها هدم أُسُس المواطَنة الكاملة للنساء هو إلغاء المادة (27) من دستور 1991، والتي كانت تنصُّ على أن: “المواطنون جميعهم سواسية أمام القانون، ومتساوون في الحقوق والواجبات العامة، ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو اللون أو الأصل أو اللغة أو المهنة أو المركز الاجتماعي أو العقيدة”». ثم استُبدلت تلك المادة بحسب التقرير بـ”نص المادة رقم (31)، التي تقول: “النساء شقائق الرجال ولهنَّ من الحقوق والواجبات ما تكفله وتُوجبه الشريعة وينصُّ عليه القانون”. والمادة (41) التي تنص على أن: “المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة”. أيضًا أشار التقرير إلى: “خطورة استبدال المادة (27) من دستور 1991 بالمادَّتَين (31) و(41)… التفرقة الواضحة بين الجنسين في أهم وثيقة تتضمّن الحقوق المدنية لأفراد الشعب…”.
هكذا هو حال المرأة اليمنية تناضل رغم كل المعاناة والأعباء عليها والانتهاكات، ولا تستسلم لتلك القيود التي تفرض عليها وتعمل جاهدة لبناء السلام حاملة حلم الحرية التي لا تزال ملامحها غير واضحة حتى اليوم، ولكن الكثير يتوقون لغد يأتي بما أتى به الأمس من بلقيس وأروى.
إب7 press