مدينة إب في كتابات الرحالة العرب والأجانب زمان
إب 7 برس Ibb7press
إعداد : طاهر الزهيري
إعداد : طاهر الزهيري
الرحلات الاستكشافية التي قام بها الرحالة العرب والأجانب إلى اليمن بشكل عام ومحافظة إب خصيصاً عديدة، ولكن قليلاً منها متوفر في الكتب والتي تمكنا من الاطلاع على بعضها وتناولت مدينة إب ونواحيها:
• رحلة نيبور عام 1763م
وصف نيبور مدينة إب بالقول إنها تقع في قمة مرتفع، يحيط بها سور وأبراج، وبيوتها مبنية بالحجارة، وطرقها مرصوفة، ولا يزيد عدد بيوتها عن خمسمائة بيت بينما يقدر العرب بثمانمائة بيت. في المدينة عدد من المساجد الصغيرة بينمها مسجدان لكل واحد منهما منارة. وفي شرق المدينة ينتصب جبل مرتفع جداً، وهو جبل بعدان الذي تنحدر منه المياه التي يشرب منها السكان.
وفي الجبل وجدنا ثلاثة مواجل، أو بيوت ماء صغيرة، وهي تملأ باستمرار بماء صاف عذب، وذلك ليجد المسافرون ماءً طيباً يجددون به نشاطهم. وخزانات المياه هذه عباره عن بناء مربع مساحته حوالي 2.5 قدم وارتفاعه 5 إلى 7 أقدام وسطحه من الأعلى أما مدور أو مخروطي الشكل، وله في أحدى جهاته فتحة صغيرة يُصب منها الماء إلى داخله، ويجد المسافر عند هذه المواجل وعاءً صغيراً، أما من القرع أو من الخشب يستخدمه للاغتراف أو الشرب من هذه المواجل.
• رحلة الريحاني 1922م
تحدث الريحاني عن إب فقال: إنها مسورة، ومزدحمة، يروق الناظر إليها من الخارج فقط. بيوتها من الحجر وأكثرها ثلاث طبقات، تستخدم الأولى للمواشي والدواب والثانية للخدم والثالثة لأهل البيت، ويضيف الريحاني أنه لا يوجد في المدينة مدرسة وانما في المساجد لتعليم القران. وليس فيها أحد من الأطباء، ولا نقطة ولا حبة من الدواء، ويكثر فيها الجدري والحمى وأكل القات.
ومن الأمور التي يذكرها الريحاني بارتياح شديد أن للمدينة ساحة استقبال وساحة وداع وفي ساحة الاستقبال يترجل المسافر إذا كان معروفاً وينتظر قدوم المرحبين.
ويقدم لنا الريحاني فكرة عن مزروعات إب من الفواكه فيقول أنه شاهد الزيتون والموز والعمب ( المنجات ) والمانجو المصري، والعنب والتفاح والرمان وكلها زاهية زاهرة حسب وصفه.
• رحلة الثعالبي 1924م
قدم الثعالبي وصفاً لمدينة إب، فقال هي مدينة مبنية بالحجارة وأكثر دورها متشابهة وبناؤها مؤلف من عدة طبقات أكثرها أربع وأقلها طبقتان. طرقاتها معوجة وضيقة، وعليها سور ضخم له أربعة أبواب: وهي الباب الكبير وباب النصر وباب سنبل وباب الراكزة، وفيها من المساجد فقط 32 مسجداً منها مسجد يسع 5000 خمسة الآلف نسمة.
وعن التعليم في إب، يقول الثعالبي إنه لم يبق في المدينة سوى سبعة كتاتيب للصبيان فيها 700 تلميذ. وتوجد مدرسة علمية واحدة لتعليم النحو والفقة وما إليها من الفنون. ويضيف أن أوقات التعليم تبداً كل يوم مع صلاة الصبح إلى الضحى على الطريقة القديمة.
أما عن عدد سكان مدينة إب فيذكر الثعالبي أنهم كانوا عام 1924م، وهو وقت زيارته ( 6000) ستة آلاف فقط كلهم مسلمون عدا (25) خمسة وعشرين كانوا من اليهود.
ومن الملاحظ أن الثعالبي يذكر أن مدينة إب ( أزلية ) أي قديمة بناها ( دار الأكبر ) الفارسي عندما فتح اليمن، ويقصد به دار الأول ملك الفرس الذي حكم خلال الأعوام 522-486 قبل الميلاد.
وعن جبل بعدان قدم الثعالبي وصفاً بقوله: ” يوجد فوق مدينة إب إلى جهة الشرق جبل نضر خصب اسمه جبل بعدان، والخضرة لا تفارقه طول السنة بسبب كثرة مافيه من المياه والعيون وما ينزل فيه من الأمطار، تزرع فيها أصناف الحبوب والبقول من قمح وشعير وذرة وعدس وفول وحمص ودُخن وجلجلان وخشخاش وبصل وثوم وبطاطس وهندباء وطماطم وفلفل وباذنجان وكراث ونحو ذلك. ويغرس فيه من أشجار الفواكه الرمان والتين والاترج والتين الشوكي والبُن والورس. ومن الزهور الورد والياسمين والقرنفل وغير ذلك مما هو معروف في المناطق الباردة والحارة بسبب اعتداله وكثرة مياهه ”
ويقول الثعالبي : قد يستمر نزول المطر في جبل بعدان أيام الخريف مدة عشرة أيام، ويستمر فصل الشتاء في هذه المنطقة ستة أشهر ويقدر الطبيعيون كمية المياه التي تنزل في قضاء إب أضعاف ما ينزل في غيرها من بقية الاقضية باليمن.
ويضيف أن المياه الكثيرة التي تنزل من جبل بعدان تتجمع في نقطتين متوازيتين، واحدة في الشمال والأخرى في الجنوب. فالتي في الشمال تنسكب في وادي ميتم الواقع حول إب ومنه تنصب في وادي المسيمير ومن هناك تتحول إلى لحج. والتي في الجنوب تنصب في سائلة الزبيدي ومنها إلى وادي المشيرق وهو يجري إلى جهة القبلة ثم يلتقي بجبل حريب فيسيل غرباً ويسقي أراضي زبيد ومنها يتحول إلى جبال تهامة.
قال الثعالبي في اسم مدينة إب ربما أنها مأخوذة من آب اسم الشهير الرومي لكثرة الأمطار فيه ومن هو من أشهر الخريف الذي تغزر فيه الأمطار ولكن لكثرة الاستعمال صارت الكلمة إب، هذا حسب ما ذكر الأكوع الحوالي في ” حياة عالم وأمير “
لقد ترك الشيخ عبدالعزيز الثعالبي مدينة إب محملاً بالذكريات الجميلة والإعجاب بأهلها وبكرمهم واحتفائهم به، مثلما فعلوا مع أمين الريحاني.
• رحلة أحمد زكريا 1936م
عمل أحمد وصفي زكريا مدة ستة أشهر في اليمن عام 1936م وعندما غادرها نشر كتاباً عنها، وما كتبه في وصف مدينة إب شبيه بالكمات والتعابير لما كتبه أمين الريحاني.
أضاف شيئاً جديد وقدم إحصائية عن عدد بيوت إب عام 1936م وقال أنها 500 خمسمائة بيت، ومنها 50 دكاناً وخان كبير، ويقول أن عدد السكان 6000 ستة آلاف نسمة، ويؤكد زكريا مشاهدته لدار الحكومة والحديقة المجاورة للسور، وربما كان يقصد بساتينها عند الضلع الغربي من سور المدينة.
• رحلة نزيه مؤيد العظيم 1937م
نزيه مؤيد تقي بك العظم الدمشقي ناهض الاستعمار الفرنسي في بلاد الشام، فلجاً إلى مصر وهنا التقى بأحد الباحثين الامريكان الذي كان يريد زيارة اليمن فرافقه اليها في رحلته، ونشر عنها كتاب ( رحلة في بلاد العرب السعيدة من مصر إلى صنعاء ) وفي الجزء الأول في كتابة هذا يتناول زيارته إلى مدينة إب، ويتطرق قبل وصوله إلى مدينة إب من صنعاء إلى نقيل سمارة، فيصفه بأنه نقيل عظيم يبلغ ارتفاعه عن سطح البحر 1100م وقد حول الأهلون جنبات الجبال القائمة حول هذا النقيل إلى حقول غناء حسب وصفه، حيث زرعوها بناً وقاتاً.
ويضيف أنه يوجد في هذا الجبل قرية سمارة بالقول إنا أول بلاد الشوافع، وفيها أشجار مثمرة مثل التالوك والدراف والمشمش والخروب والجوز والموز واشجار اخرى غير مثمرة كالطنب والسنديان والبلوط فلا تصلح الا حطباً، وقد اعجب ” العظم” بمنطقة جبل نقيل سمارة.
من جانب اخر يذكر العظم أنه منذ اجتيازه قريه سمارة رأى اختلافا في أزياء الناس نساء ورجالاً. فالنساء يلبسن البرانيط المصنوعة من القش فوق حجبهن ويتركن سواعدهن عارية ويلبسن أثواباً ملونه من الأقمشة القطنية أكثرها من صنع ألمانيا واليابان، أما الرجال فشبه عرايا الا من مآزر يشدونها الى وسطهم وعمائهم بيضاء يلبسونها فوق رأسهم.
ويضيف العظم : ( وقد رأينا من راس هذا النقيل مدينة إب العظيمة زاهية زهوا تتيه عجباً ودلالا فوق رؤوس الهضاب والتلال الراكعة تحت اقدامها. وقد ازدانت هذه التلال والهضاب الكثيرة بالنباتات والاشجار. فرأيت فيها الجوز والموز والعنب والرمان والسفرجل والدراق والمشمش والأجاص والفجل والجزر والبقدونس، إلى غير ذلك من النباتات والأشجار الكثيرة..)
أما عن المدينة وأسواقها فيقول: ( خرجت إلى المدينة فطفت أسواقها وعرجت على جوامعها الكثيرة والجميلة المستعملة مساجد ومدارس في آن واحد. ورأيت بنايات ضخمة قد تداعت أطرافها وهي من أيام حمير مكتوباً على كثير من حجاراتها وأبوابها ومنافذها كتابات مطولة بالخط الحميري، ومررت ببعض المدارس وكان التلاميذ يقرؤون بالجملة كما هي عادتهم وطفت بالأسواق وهي ضيقة لكنها مرتبة ونظيفة ومرشوشة ودكاكينها ملأى بالبضائع الأجنبية والمحصولات الوطنية)
وفي لقاء العظم بمضيفهم عام إب في حينه اسماعيل باسلامة، من جملة الأسئلة التي وجهها العظم له عن موضوع اليهود في مدينة إب، فأجابه باسلامه أنه يوجد في المدينة يهود ولكنهم قليلون ويشتغلون بالأشغال اليدوية كالنجارة والحدادة والبناء والترقيع والحياكة وغيرها.
وقد جرا لقاء بين حاخام اليهود حسن جمل وبين العظم، واوضح الحاخام أن عدد اليهود في مدينة إب يبلغ نحو ماتين وخمسين شخصاً يتعاطون المهن اليدوية كالغزل والحياكة والنجارة والترقيع والحدادة والبناء إلى غير ذلك، وأنهم جاءوا إلى اليمن بعد خراب الهيكل في اورشليم أي منذ 2225سنة، واضاف انه لا يوجد يهود من سكان اليمن الاصليين.
_____________________________________________
المصدر: تاريخ إب ( دراسة لمدينة إب وما حولها ) لـ أ.د/ محمد مظفر الأدهمي