حوار خاص مع عبدالرحمن الحميدي: صانع أفكار ومصمم جرافيك يستلهم التراث ويصوغه بروح عصرية

يُعد عبدالرحمن الحميدي واحدًا من أبرز المواهب الشابة في مجال التصميم الجرافيكي باليمن. ينحدر من محافظة إب، واستطاع خلال فترة وجيزة أن يلفت الأنظار محليًا وعربيًا من خلال أعماله التي تمزج بين التراث اليمني والحداثة. في هذا الحوار، يتحدث الحميدي عن بداياته، التحديات التي واجهها، ورؤيته لمستقبل التصميم التراثي ..

تواصلت معي قناة ناشيونال جيوغرافيك أبوظبي لنشر صور من إب، ومن هنا شعرت بأهمية ما أقدمه

إب7برس Ibb7press
حوار| أحلام المخلافي

 

* بدايةً، من هو عبدالرحمن الحميدي؟

أنا عبدالرحمن الحميدي، 24 عامًا، من محافظة إب – مديرية العدين، عزلة السارة. أعمل في مجال التصميم الجرافيكي، وأحب أن أصف نفسي بأنني صانع أفكار قبل كل شيء.

 

* كيف تصف طفولتك في محافظة إب؟ وما أكثر ما ترك أثرًا في روحك من تلك البيئة؟

عشت طفولتي في قرية ريفية تكسوها الخضرة وتحيط بها مناظر طبيعية خلابة، وهذا ترك بصمة عميقة في داخلي، فقد استوحيت من الطبيعة والتراث الكثير من الأفكار التي انعكست لاحقًا في تصاميمي.

 

* متى اكتشفت شغفك بالتصميم؟ وهل كان التراث حاضرًا منذ البداية؟

بعد انتقالي إلى مدينة إب بدأت ألتقط الصور والفيديوهات للجبال والأودية الخضراء، وأنشرها على حساباتي بمواقع التواصل، وكانت تلقى تفاعلًا واسعًا. لاحقًا تواصلت معي قناة ناشيونال جيوغرافيك أبوظبي لنشر صور من إب، ومن هنا شعرت بأهمية ما أقدمه. بعدها درست التصميم وبدأ شغفي يكبر.

 

* هل تتذكر أول تصميم نفذته بروح تراثية؟

نعم، أثناء سفري من إب إلى صنعاء مررت بـ”باب اليمن”، فألهمني لتصميم محفظة مستوحاة منه، ثم قلادة مستوحاة من حبة البن. من هنا توسعت في توظيف التراث بالتصميم.

 

* تصاميمك تحمل روحًا يمنية أصيلة… كيف وجدت التوازن بين الأصالة والحداثة؟

اليمن بلد غني بالتراث لكنه مُهمل إلى حد كبير، وأنا أرى أن دوري هو إعادة إحياء هذا التراث بروح عصرية. أستلهم من التراث الصنعاني والسبئي والحميري والحضرمي، وأعيد صياغته في قوالب حديثة تذكّر الناس بتاريخهم.

 

* ما التحديات التي واجهتك في تحويل التراث إلى تصميم معاصر دون فقدان روحه؟

في البداية واجهت صعوبة: كيف أصمم قطعة أثرية أو معلم تراثي دون أن أفقد قيمته أو شكله الأصلي؟ لكن مع الممارسة والوقت أصبحت العملية أكثر سلاسة.

 

* هل كان هناك شخص أو موقف منحك دفعة قوية للاستمرار؟

بالتأكيد. دعم الأهل والأصدقاء والمعلمين كان مهمًا، لكن الدافع الأكبر جاء من تفاعل الناس عبر التعليقات والرسائل بعد نشر كل تصميم.

 

* ما اللحظة التي شعرت فيها أنك بدأت تصل فعلًا إلى الناس؟

كانت مع تصميم القلادة المستوحاة من حبة البن، حيث حصد المنشور على فيسبوك أكثر من نصف مليون مشاهدة. حينها أيقنت أنني في الطريق الصحيح.

 

 

 

 

* كيف كان تفاعل الجمهور المحلي والعربي مع أعمالك؟

في البداية كان التفاعل محصورًا في أبناء قريتي، ثم توسع ليشمل محافظة إب واليمن كاملًا. وبعد أن نشرت ناشيونال جيوغرافيك أبوظبي صوري، أصبح جمهوري من مختلف الدول العربية. ومع انتقالي إلى السعودية وابتكاري تصاميم مستوحاة من تراثها، صار لدي جمهور سعودي كبير، بل إن بعض المشاهير في المملكة باتوا يتداولون تصاميمي.

 

* هل حققت ما كنت تحلم به، أم أن الطريق ما يزال طويلًا؟

الطريق ما يزال طويلًا. أحلم بتأسيس شركة خاصة للتصميم، وإقامة معارض محلية ودولية تعرض أفكاري وأعمالي.

 

* برأيك، لماذا يحتاج جيل اليوم إلى العودة إلى التراث؟

لأن اليمن تمر بظروف صعبة، وهناك محاولات لطمس تراثها واستبداله بتراث دخيل. العودة إلى الجذور ضرورة للحفاظ على الهوية والاعتزاز بالتاريخ.

 

* كيف ترى مستقبل التصميم التراثي في ظل العولمة وتغير الذائقة الجمالية؟

أراه مشرقًا إذا قُدّم بطريقة صحيحة. الناس متعطشون للعودة إلى التراث، وهذا ما ألمسه من خلال تفاعلهم مع أعمالي.

 

* إذا كان بإمكانك دمج عنصر تراثي يمني واحد في كل بيت عربي، فما هو؟

ربما تكون قلادة البن أو مبخرة. لا أجزم الآن، لكن الأفكار تتولد مع الوقت.

 

* ما الرسالة التي تود إيصالها من خلال تصاميمك؟

رسالتي أن اليمن غنية بالتراث والآثار والتاريخ، ويجب علينا الاعتزاز به والمحافظة عليه.

 

* ما النصيحة التي تقدمها لشباب اليوم ممن يريدون خوض مجالات إبداعية؟

أن يبدأوا بخطوة صغيرة ويستمروا، فالإبداع يحتاج صبرًا وتجريبًا ومثابرة. ولا يلتفتوا للتقليل من شأن ما يقدمونه، بل يجعلوا شغفهم دافعًا للاستمرار.

 

* أخيرًا، كيف تتمنى أن يذكرك الناس بعد سنوات طويلة؟

أتمنى أن يُقام معرض يُوثّق أفكاري وتصاميمي، وأن يُنظر إلي كأحد الذين ساهموا في إبراز التراث اليمني بروح حديثة. كما أوجه رسالة لوزارة الثقافة والجهات المعنية للاهتمام بما أقدمه وتبني هذه الأفكار.

 

يؤكد عبدالرحمن الحميدي أن الطريق ما يزال طويلًا أمامه لتحقيق طموحاته، لكنه يضع التراث اليمني في صميم مشروعه الإبداعي، ساعيًا إلى تقديمه بصياغات معاصرة تواكب العصر وتحافظ على الأصالة.