المعجزة تبدأ حين تترك الوسادة

إب7برس Ibb7press
طاهر الزهيري | رأي

هل سبق أن فكرت أن العالم كله قد يتغير لو أن شخصاُ واحداً فقط قرر أن ينهض من سريره؟

قد يبدو الأمر بسيطاً، لكنه كان البداية لكل حكاية عظيمة عرفها البشر.

ليس النوم هو العدو، بل الغرق فيه بلا قيد أو نهاية، وكأن الوسادة أصبحت قيداً، والبطانية سجناً ..

 

اليوم، ونحن نعيش واقعاً يثقل القلوب قبل الأجساد، يصبح الاستسلام للنوم مغرياً، لكنه قاتل ببطء.

الوطن الذي نحبه، الوطن الذي نشكو شيخوخته، لا يحتاج إلا شيئاً واحداً ليولد من جديد: أن نصحو.

 

أستغرب كيف لأولئك الذين يقضون جلّ أوقاتهم في النوم، وخاصة الشباب في عز شبابهم، أن يرضوا لأنفسهم أن يكونوا أسرى الوسائد والفراغ…!؟

أعرف أن بعضكم سيقول بيأس:

لماذا نصحو؟

إلى أين نذهب؟

ماذا نفعل؟

لا تعليم، لا عمل، لا فرص، لا شيء يدفعنا لترك الفراش والبطانية..

فتستمرون في إحكام الغطاء على أرواحكم، تضعون رؤوسكم على الوسائد، تلتحفون بالفراغ والبطالة، وتصدرون شخير اليأس والإحباط، تحلمون بالأمل والعمل والتغيير، ثم تفزعون على واقع كابوسي لا يرحم… فتعودون للنوم، هرباً لا استراحة.

 

ولكنني أقول لكم – ولست وحدي من يقول:

اصحوا… انهضوا… اخرجوا إلى الحياة…

الحياة كفاح دائم، رحلة بحث لا تهدأ، صراع مع الظروف، ومعركة مع الإحباط واليأس.

كلنا نمر بهذا، كلنا نعاني ونتألم ونفكر، ولكن الفرق الحقيقي بيننا هو أن هناك من يحاول… وهناك من يستسلم.

 

رددوا ما قاله الشاعر والأديب المرحوم الدكتور المقالح:

سنظل نحفر في الجدار

إما فتحنا ثغرة للنور

أو متنا على وجه الجدار

لا يأس تدركه معاولنا

ولا مللٌ،، لا انكسار

إن أجدبت سحب الربيع

وفات في الصيف القطار

سحب الربيع ربيعنا

حبلى بأمطار كثار

ولنا مع الجدب العقيم

محاولات واختبار

وغداً يكون الإنتصار

وغداً يكون الإنتصار

فإن كان لا بد من الموت، فليكن موتاً واقفاً، مقاتلاً، لا نائماً مستسلماً.

فالنوم الحقيقي، هو استراحة المحارب، ليستعيد قواه ليعود إلى معركة الحياة، لا ليهرب منها.

يحارب فينتصر ليحيا كما أراد… أو يحارب حتى وهو يسقط، متحدياً، مهاجماً، لا منهزماً متخاذلاً.

حتى المحاولة في ذاتها نصر.

 

تأملوا جيداً، فكروا بعمق:

تخيلوا لو أن أولئك الذين صنعوا الحياة التي نعيشها – من علماء، ومخترعين، ومبدعين – ناموا واستسلموا لظروفهم، هل كنا سنحظى بهذه الإنجازات؟

هل كانت البشرية ستخطو كل هذه الخطوات إلى الأمام؟

إنهم نهضوا رغم كل شيء… ولذلك خلدهم التاريخ.

 

انهض الآن.

لا تدع نومك يتجاوز ما يحتاجه جسدك لتستعيد قوتك، ثم عش مستيقظاً، فاعلاً، صانعاً.

ارسم هدفاً، وحقق أملاً…اطرق كل باب.

سافر، تعلم، اعمل، جرب، ساعد، تطلع، اقرأ كثيراً وتأمل أكثر.

لا تحصر حياتك في مثلث قاتل: نوم، أكل، وهاتف متصل بالإنترنت.

اخرج من هذا المثلث إلى حياة حقيقية، تمتلئ بالحركة، بالفكر، بالعطاء.

وتذكر دائماً… بل اجعلها جملة ترافقك أينما ذهبت، ترددها في داخلك كل يوم:

“لقد خُلقت بعقل، وهذا العقل هو سر قوتك وسلاحك ومفتاحك إلى التغيير. فلا تسمح له أن ينام معك.”