الطريق إلى الجبل
إب7برس Ibb7press
رأي| عمران هلال
على قدم وساق تجري أعمال الشق لطريق الجبل شلال مريم، حفراً بالصخر في ظل الجدب والفقر، وتكسيراً بالمعاول رغم كل التخاذل، وضرباً بالفؤوس في إنعدام الدعم والفلوس، وحضوراً بالأهالي في غياب دور السلطة.
يستمر الشباب في شق الطريق إلى بيوتهم الجبليه بأيديهم لكي لا يموت الأمل ورغبة في إغلاق صفحة الماضي الحزين والزمن الغابر، حيث كان المريض يُسعف على نعش الموت رغم فارق الكيلو متر أو الاثنين عن عاصمة المحافظة إب، وكانت المرآة الحامل أو المخاض تنتظر الليل ليتم حملها وسط بطانية أو نعش لتصل للمركز الصحي أو المستشفى.
هذا كله ودار الجبل بشلال مريم الرهيب والسياحي لم يشفع جماله الأخاذ وطبيعته الساحرة لدى الجهات المختصة، دار الجبل بشلال مريم العتيق لا يقبع في آخر القفر أو على دولة حدودية، ولا ليس كذلك في أقاصي رأس الرجاء الصالح، لكن هنا وعلى بعد نظرتين فقط من عاصمة المحافظة مدينة إب.
“دار الجبل” يعيش العزلة كواحة محمية من كل الخدمات، ومعزولة عن كل العالم وكأنه متحف للجمال والحمير والحيونات الغابرة، تلك التي تعمل به وتنقل أغراض أهله، حيث يتجرع من يرغب ببناء بيت له عناء التكلفة المهولة للنقل بما يساوي قيمة المواد أو اضعافها، ناهيك عن عناء الوصول إلى المدينة والأسواق.
دار الجبل، الذي ساهمت كثير من الظروف في بقائه خارج خارطة التخطيط الحضري ومشاريع الدولة، ومنها تغافل السلطة وجهل الأهالي بأهميته شبكات الطرق، وكذا رغبة بعض البعض في إبقاء المنطقة حكرا على سطوة رحمتهم من ملاك منافذ الطريق وملاك الأراضي.
كل هذا لا يعفي الدولة من مسؤوليتها التي دعت بخطتها الخمسية إلى ترك المسطحات الزراعية المنبطحة والمستوية للزراعة والانتاج، ودعت لتعمير البيوت على الجبال والهضاب المرتفعة، مع إلتزام الدولة بشق الطرق إليها وإيصال كافة الخدمات الأساسية، حيث صدق البسطاء وارتفعوا من المسطحات الخضراء التي تركت للزراعة، فيما هوامير البلاد يشيدون قصورهم على تلك الأماكن وعلى الخطوط، ليبقى المواطن الصادق مع دولته ضحية صدقه الساذج وتجاوبه المطيع.
بدون طريق ولا خدمات ماء ولا شبكة كهرباء ولا إتصال ولا مدارس ولا وحدات خدمية، سيبقى الجبل وحيدا كأنه بقعة فقيرة بين دولتين لا ترغب أي منهما في ضمه إليها، أو محمية طبيعية لحيوانات نادرة ترغب السلطة والمجتمع في الحفاظ عليها كتراث عالمي.
الطريق إلى الجبل وشلال مريم بعزلة الحوج العدني بمديرية المشنة، أمل الحياة لزمرة البسطاء الهاربين من شبح غلاء المعيشة المدنية، واللاهثين خلف البساطة والهدوء. مشاهدة الأهالي يضربون بأيديهم التربة والصخر بإمكانيتهم المتواضعة ليشقون طريقهم رغم كل المانعين والمحبطين لتكون النوة الأولى للحلم الأكبر في إنعاش هذه الواحة الربانيه بشلالها الرهيب.
يستحق كل هذا إعادة التقيم والنظر والالتفات الجاد. الطريق هامة للغاية فهي شريان الحياة، وحتى لا يدفع الآخرون فاتورة النقل والمواصلات ومعانات الوصول كما دفعوها هم سلفا وليكن عناء الماضي عنهم وعن الجميع وعن جيل من الأبناء سيأتون ولا طاقة لهم بتحمل عناء الآباء.
وهنا نطلق الدعوة للسلطة المحلية والجهات المعنية للحضور فقط، تشجيعا لما يقوم به البسطاء عنهم، وحلا لمشاكلهم البسيطة جدا والتي لن تتجاوز حدود الممكن، وبما يصب للمصلحة العليا للطريق والحق الفطري للأهالي بالعيش الإنساني البسيط، البسيط جدا، مؤكدين بالرغبة التامة والجادة من قبل الجميع للإنضمام إلى الدولة اليمنية لنعيش كمواطنين يمنيين قولا وفعلا.
الرابط: https://ibb7.org/2025/04/24/الطريق-إلى-الجبل/