أبطال تحدوا العنصرية ونجحوا في اجتيازها ،،

سحر ٌ أسود

قصة قبيلي كسر القيود المجتمعية وتزوج بفتاة سمراء

إب7برس Ibb7press
أسرار الدحان

 

  • سمراء ولكن

كانت سمراء يخالط لونها بياض عيناها وسحر الوادي الأخضر السحيق، خضراء متشربة باللون العسلي الصافي، ابتسامتها هادئة وذات ملامح أنثوية تغرق فيها للوهلة الأولى، كذلك كانت رشيقة القوام، ممتلئة الوجه ملامحها تعبث بالقلوب، لكنها من ذوي البشرة السمراء، وهذا كان عيبها الوحيد.

 

  • موروث خاطئ

النظرة الدونية تلاحقها، ووصمة العار تحاصرها، وكان يتوجب على الجميع عدم الاقتراب منها، لأنها وحسب اعتقادهم ونمط تربيتهم الاجتماعية تعد مصدر رعب للجميع، وللصغار بشكل خاص، فلطالما رُددت عباراتٍ كثيرة على مسامعهم مثل ” لو خرجت الخادمة اتخطفك” و ” انتبه الخادم يأكلك ” وغيرها من الموروث الاجتماعي الطبقي البائد، التي ظلت عبارة عن ثقافة سائدة يتوارثها الصغار بلا وعي.

 

  • هزة إجتماعية

بيد أن ثمة حادثة هزت المجتمع، وأثارت ضجة واسعة، حيث وقعت بشكل منافي تماما للواقع ومخالفة صارخة للعادات البدائية المتخلفة، فقد أقدم رجل القبيلة، صاحب البشرة البيضاء والشرف والمنصب، بطلب الزواج من تلك الحسناء السمراء العسلية وسط ذهول المجتمع. 

 

  • سحر اسود

كان الجميع يتحدث ويردد ” لقد أتقنت إغرائه تلك اللعينة”، أما البعض الآخر من الناس فكانوا يرددون لقد سحرته بسحر لا ينفك إلا عندهم (سحر ٌ أسود )، وهكذا انتشرت الشائعات وأصبحت الحادثة مثار اهتمام الجميع.

 

  • إشاعات باطلة

يتبادل المجتمع وبصورة فجة العديد من الاشاعات للإساءة لتلك الفئة التي تشكل جزءا أصيلا من هوية الشعب اليمني، حيث يتبادلون أحاديث ملفقة يحاولون من خلالها تبرير تعاملاتهم الخاطئة، فيقال إنهم يأكلون موتاهم، ويقال ايضاً بأنهم لا يستحمون، ويقال أن التطهر بالنسبة لهم يكون بالقفز على الجمر سبع مرات، كما يقال أنهم شديدي الانتقام وقلوبهم مليئة بالحقد.

 

  • ثورة مجتمعية

ثار المجتمع وكأن الرجل اخل بالنظام الاقتصادي العالمي، إذ وصف هذا الرجل بالأبله، الأحمق، المجنون، كما قام والده بطرده من المنزل، وتبرأ منه فور علمه بخطبته بتلك الفتاة الحسناء، وحتى حين قرر الزفاف لم يحضر أحدا من أسرته أو الأصدقاء ليشاركه حفل الزفاف، لكنه مضى بتحقيق حلمه وإذابة جليد التفكير الطبقي السيئ.

 

  • انكسار

اعتزل القبيلي العالم وعاش وحيداً يندد بإنكسار، أين الشعارات التي كنتم ترفعونها ” شعارات المساواة والعدل”، ألم يخبركم الإسلام عن ( أن لا فرق بين أبيض وأسود إلا بالتقوى ).

 

  • كفاح وحب

احتمل الرجل القبيلي الحياة وحيداً، وقد كانت تلك الفتاة السمراء امرأة صالحة، جاهدت معه، واكتفت به ولم تلتفت لمرور الزمن وللمصاعب التي كانا يتعثران بها معاً، وما زاد من سرورهما هو حملها بالطفل الأول، الذي لطالما تمنى والده أن تكون عيناه خضراوان كوالدته، وأن يحمل قلبها النقي المليء بالحب، وبأخلاقها السامية، كما تمنت هي أن يحمل صفات والده الشجاع، وجرأته، وصبره وقوته في مواجهة الحياة.

 

  • نظرة عنصرية

لم يتوقعا الحبيبان أن طفلهما سيواجه الكثير والكثير، فالمجتمع كان قاسياً جداً، والنظرة الدونية كانت تلاحقه دائماً، فلطالما كانت البنان تشار إليه ( هذا أُمْه خادمه )، وهكذا صار يقضي معظم وقته متخفياً مختبئاً من النظرة العنصرية الشائكة، التي تغرس مخالبها عميقاً في صدره، وتقف عائقا أمام إبداعه ونجاحه، كره نفسه كثيرا، وتعرقل بحزنه وألمه طويلاً، أما والده فقد ضاق صدره من حال ولده، ومن الحياة التي كانت تلاحقهما معاً دون أدنى رحمة، ففارقهما باحثاً عن المجتمع الذي يمكنه احتواء الجميع دون فوارقٍ أو تعنيف.

 

ذهب الأب القبيلي على أمل بأنه سيعود ويأخذهما ليعيشوا جميعاً الحياة العادلة المليئة بالمساواة، والتي تصنع الفرد الناجح وتحفزه على الإبداع دون أن تنظر إلى ملامحه أو لونه أو شكله، مجتمع توزع فيه الحقوق بالعدل، والجميع يقف أمام القانون سواسية، ولا حكم يسود غيره.

 

  • حلم الكرامة في مجتمع عنصري

في تلك اللحظات العصيبة قرر ابنهما أن يثبت نفسه، أن يفرض احترامه على الجميع، فعزم على إكمال تعليمه مهما كانت المصاعب، وتحملت الأم مشاق تحقيق حلم ولدها فعملت بجهد في أحد المستشفيات القريبة من مسكنها كعاملة نظافة، وها هي الأيام تمضي، وها هو طفلها يقترب من نسج حلمهما وإكمال دراسته الثانوية، وكله أمل أن يكمل تعليمه الجامعي، لينتزع الكرامة التي بحث عنها طويلا من مجتمع قاسٍ لا يعرف إلا وصمات التعنيف والعنصرية.

 

  • إصرار على المضي

يقف الأب اليوم منكسرا من الداخل، إذ خذله مجتمع الأمس واليوم، فيما الابن مصرا على إكمال حلمه، وتقف الأم غير ابهة بوباء المجتمع، وتناضل من أجل تحقيق حلمها وتخرج ابنها من الجامعة، وتمضي الأسرة مبتورة من كل شيء، إلا من الابتسامات الصادقة والأحلام النقية والنظيفة، والمستقبل المنصف لأبطال تحدوا العنصرية ونجحوا في اجتيازها.