معتقدات شهر آذار واستعدادات المزارعين لموسم قادم
إب7برس Ibb7press
سماح عملاق
ارتبط الطقس في شهر آذار بمعتقدات راسخة عند مزارعي محافظة إب، فقد يتفاءل أو يتشاءم المزارع بموسمه الزراعي لمدة عام كامل بناءً على هذا المعتقد انطلاقًا من طقس آذار.
ومن الأقوال الزراعية بهذا الصدد قول المزارع “إذا صدق آذار أخرج الماء من الجدار” مجازًا عن تفاؤل المزارعين بغزارة الأمطار طوال العام حال هلت ضيفةً على شهر آذار، وقولهم:” إذا كذب آذار نزّف الماء من الجرار”. كناية عن تشاؤم المزارعين بعامٍ جاف حال أجدب الطقس خلال شهر آذار.
وهذه النظرة لشهرٍ جامد ونعته بالصادق أو الكاذب كأنه إنسانٌ يعقل له خلفيات معرفية بمواسم الزراعة على الأغلب، ويؤكد مزارعون بأنها ليست هباءً أو اعتقادات بمحض الصدفة.
” إب7برس ” قررت البحث عن خلفيات الموضوع ومشاركته مع جمهور المنصة، حيث التقت عدد من المزارعين في منطقة قاع الحقل، بوادي بنا التابع لمديرية السدة، 37 كيلو متر شمال شرق مدينة إب، وتناقشت معهم حول هذا الشهر الزراعي الواصل بين فصلين.
حيث أفاد المزارع السبعيني عبدالله ناجي بأن لشهر آذار قداسة خاصة عند المزارعين، وأنه -شخصيًا -حزن كثيرًا لجفاف شهر آذار هذا العام؛ الأمر الذي أنذر بخفة الأمطار وتأخرها في فصل الصيف وهذا ما حدث بالضبط.
المزارعة أم يحيى أيضًا قالت إن:” آذار صدق مع المزارعين في العام السابق فكان عامًا غامرًا بالأمطار والسيول التي يعتمد عليها المزارعون بشكل رئيس في وادي بنا ومحافظة إب وربما اليمن بشكل عام غالبًا”.
لم يفسر مزارعو قاع الحقل هذه النظرية بشكل علمي، لكنهم معتقدون بها اعتقادًا جازمًا باعتبارها متوارثة عن أسلافهم حسب قولهم.
وفي وادي العنبي بمديرية ذي السفال وجِد نفس الاعتقاد هو السائد، فالمزارعة الخمسينية أم المعتصم أشارت إلى الوديان وقالت :”إن مستوى الإنتاج والاخضرار ليس بقوة العام السابق فالأمطار خفيفة لكنها مع ذلك لم تتشاءم، وتتفاءل بقدرة الله”. وتضيف أم المعتصم بأن فصل الصيف غالبًا ما يمطر ويكرم تعب المزارع الذي بذل جهده بكرم لحراثة الأرض وتشذيبها منتظرا كرم الله بعيدا عن معتقدات الناس بشهر آذار.
- آذار همزة وصل بين صيفين
تفيد الدائرة الفلكية الزراعية لليمن التي أعدها الباحث يحيى بن يحيى العنسي بأن بدء كل شهر زراعي يتزامن مع ليلة الـ15 من كل شهر ميلادي، وعليه فإن شهر آذار الزراعي يبدأ في منتصف شهر مارس الميلادي من كل عام، وحسب المعلومات الواردة في الدائرة فشهر آذار يختم فصل الربيع ليبدأ بعده فصل الصيف، فإذا اكتمل فصل الربيع ولم تهطل خلاله أية أمطار يشعر المزارعون بالإحباط لانتظارهم حسب معتقداتهم فصلًا صيفيًا نادر الأمطار فيه، أما إذا اهتزت السحب خلال شهر آذار وهو مختم فصل الربيع فيستبشر التقليديون بأمطار غزيرة وسيول تسقي الحرث والنسل، وهذه معتقدات لها جذورها ومجربة بالملاحظة.
وقد حصلت المنصة على صورة للدائرة الفلكية الزراعية في اليمن في منزل المزارع عبدالجبار عبدالله من وادي نخلان في مديرية السياني وصورتها لتوضيح المعلومات الواردة فيها للقارئ.
ويقول المزارع الخمسيني عبدالجبار إن :”المعتقدات بشهر آذار تقليدية ومتوارثة وليس لها أساس علمي سوى أن الشهر يسبق فصل الصيف، وهذا المعتقد يصيب أحيانًا ويخطئ في أعوام أخرى إن أردنا الدقة”.
ويضيف بأن التطير والتشاؤم من عادات الجاهلية، لينصح المزارعين بالتفاؤل في كل الأحوال وأن الأمطار ترتبط بحركة الرياح واستقرار السحب وبقدرة الله تستقر السحب وتمطر حيثما أراد الله لها أن تكون، ولولا ذلك لما سن الله صلاة الاستسقاء إذا أصيب العباد والبلاد بالقحط والجفاف المتوسط أو الشديد.
ويختم عبدالجبار بقوله، إن صورة الدائرة الفلكية حصل عليها من إحدى مكتبات ميدان التحرير في صنعاء عام 1986 وفيها مختصرات لشروح يدركها جيدًا المزارعون القدامى، وأما شهر آذار فهو موسم لحراثة الأرض وتقليب تربتها وتوزيع الأسمدة البلدية المستخدمة من مخلفات الحيوانات؛ استعدادًا لقدوم الأمطار الصيفية. دون هذه الاستعدادات فإن الزراعة تكون ضعيفة ومحصولها خفيف حسب عبدالجبار.
- عالم الفلك الجوبي يفند الاعتقاد بكذب آذار
رغم أن آذار هذا العام كان جافًا، فقد فند عالم الفلك أحمد محسن الجوبي كذب آذار -حسب معتقدات المزارعين حيث لم تهطل فيه الأمطار – فمنشور الفلكي اليمني أحمد الجوبي -في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي(فيسبوك) -قد تعارض مع معتقدات المزارعين، حيث كتب في الثامن من مايو2022 :”تسمى هذه الأيام بالمروح وتتميز بحرارة شمسها والمثل يقول(شمس المروح تشل العقل والروح)، والأجواء ليوم غد الاثنين الموافق للتاسع من مايو 2022 بمشيئة الله أجواء غائمة جزئيا بنسبة ٢٨% والرطوبة ٥١% وسرعة الرياح ١٧ كم في الساعة واليمن واقعة تحت تأثير مرتفع جوي وهذه الرياح هي رياح كاملة وعادة ما تكون أمطار مفاجئة”.
- واقع المزارعين وجهود مكتب الزراعة
وأشار مدير مكتب الزراعة في مديرية السياني المهندس أحمد الشركسي بقوله:” إن الاعتقاد بشهر آذار والحكم عليه مستندا إلى مؤرخ فلكي باعتبار نزول الأمطار الصيفية لمناخ اليمن الزراعي خلال فترة الصيف واعتبار أن آذار- مايو- فصل الربيع، يبدأ فيه الأزهار والاستعداد لزراعة وغرس الأشجار المثمرة وأشجار الزينة وعندما تهطل الأمطار في آذار يعتبر بداية خير للعام”.
وبالنسبة لإسهامات مكتب الزراعة في مديرية السياني جنوب محافظة إب فتقتصر على الإرشاد والتوعية ومساعدات فنية للمزارعين -حسب تصريح مدير المكتب الشركسي – وهناك وحدة الحراثة التي تقوم بالتعاقد مع بعض أصحاب الحراثات للعمل مع المزارعين بأسعار مناسبة، وتقوم وحدة الحراثة بتوفير مادة الديزل لأصحاب الحراثات بسعر الدولة الرسمي حسب حديث مدير المكتب الشركسي.
وقد أفاد مزارعون من وادي نخلان في السياني بأنهم تعاقدوا مع الحراثة بسعر 20 ألف ريال للساعة الواحدة، وحينما أخبرنا مدير المكتب أحمد الشركسي قال
إنه سأل أحد سائقي الحراثات بوادي نخلان وأفاده بأنه ابتاع الدبة الديزل بسعر 14 ألف ريال، وأنه يشتغل قطاع وليس بالساعة”، وقد اعتمد مكتب الزراعة على هذه الإفادة.