أول طبيب من ذوي البشرة السمراء لـ « إب7 برس » : العلم هو الدرب الوحيد للوصول لمجتمع خال من الأفكار العنصرية السيئة
إب7برس ibb7press
لقاء / أميمة راجح
“أول ” مهمش” يحصل على شهادة الطب، نعم صحيح، لكن للأمانة كلمة ” مهمش” كلمة إعلامية بحتة تشعرني بالوجع، كان بالإمكان أن تدعوني ذوي البشرة السمراء، لكن للأسف حتى على مستوى الشارع هناك من لا يزال يستخدم مفردة ” أخدام “، وكلا الكلمتان تعبير عنصري جارح، فأنا لم أختر لوني بنفسي، الله خلقني هكذا، وميزان التفاضل بين الناس هو بالأعمال وهي من ترفع من الشخص أو تضعه أسفل السافلين”.
هكذا علق الطبيب ” راكان ” أول طبيب من شريحة ذوي البشرة السمراء، حول ما تداوله الناشطين والمدونين على منصات التواصل الاجتماعي، عقب حصوله على شهادة تخرج من كلية الطب.
واضاف لـ « إب7 برس» قائلا: ” أشعر بالفخر والاعتزاز لأني بدأت مشواري الأكاديمي مع بداية الحرب، وعشت الحلوة والمرة مع الزملاء، وقد كنا بمثابة الأسرة الواحدة، مع العلم بأني كنت أزور أهلي بالأعياد فقط وذلك بسبب وعورة الطريق وصعوبة الوصول الى الأهل والأحباب”.
ويكمل سرد تفاصيل مسيرته التعليمية في حواره مع مراسلتنا،” أما عن التميز والعنصرية، فلم أهتم بهما ولم يشكلا لي حاجزا، ولم يقفن أمام طموحاتي، وللأمانة فقد عشت مع إخوة، بل وأكثر، سواء في الجامعة أو في المدرسة، ولم يكن هناك من يتعصب للجنس والعرق واللون على الرغم من أن التمايز والعنصرية موجودة في بلادنا”.
راكان شاب مضى نحو حلمه بقوة، وقد كانت أمه المناضلة جذوة ذلك الحلم الذي تحقق، ومن كفاحها وتعبها خرج هذا الطبيب متحديا كل صعوبات المجتمع ونظرته القاصرة، فمن ثانوية قريته لكلية الطب مروراً بعراقيل ومشقات، واستنادا لصندوق دعم التعليم، ومنحة داخلية استحقها بجدارة، وتنقله بسبب الحرب ووباء كورونا بين جامعة إب وتعز، والعمل هنا وهناك لتوفير مستلزمات دراسته، حقق حلم سيمثل بصيص أمل لشريحة واسعة حاصرتها النظرة الضيقة واحالتها إلى فائض بشري بالرغم من براعتها وقدرتها الإنتاجية الجبارة.
واستنكر ملامح العنصرية شديدة الوضوح ضد أصحاب البشرة الداكنة، كقول الناس عن سيء الخلق خادم وغيرها، متسائلا ” بالرغم من أننا نؤمن برب واحد، ونقرأ كتاب واحد، ونحيا في وطن واحد، فلماذا هذه النظرة وذلك التعصب والعنصرية المقيتة؟”.
وأكد الدكتور ” راكان ” أن العلم هو الدرب الوحيد للوصول لمجتمع خال من الأفكار العنصرية السيئة، “يجب على المجتمع، والدولة ككل مساعدة هذه الفئة المظلومة، وإعطائهم منحا مجانية للتعليم والتثقيف الكافي ليكونوا منطلقا للنهوض بهذا الوطن الذي هو مسؤوليتنا جميعا”.
وفي نفس منشور تخرجه الذي أثار ضجة واسعة كونه الطبيب الأول من تلك الفئة، أهدى الدكتور راكان تخرجه لوالدته، مؤكدا أنها كانت معلمته الأولى، وسنده في مشوار دراسته كاملا، بل أنها السبب الرئيس لوصوله إلى هذه الدرجة العلمية قائلا” وراء كل رجل عظيم امرأة “.
وأختتم حديثه: “بالنسبة لي، لا أفرق بين أبيض ولا أسود، بل هذا الجهل بعينه، وواجبي أن أعالج الأنسان، ولا أهتم مطلقا ما دينه أو جنيه أو لونه، وهل هو عدوي أم صديقي، فقد أقسمت قسما أمام الله والناس ألا أفرق بين هذا وذاك، وحتى بين العدو والصديق، وأدعو كل الذين يعانوا من العنصرية والتنمر لمواجهتها ومقاومتها بالعلم والتفوق وإثبات الذات”.
ويبقى السؤال الأهم الآن، هل يكفي مجتمعنا نماذج كراكان لندحض كل الموروثات البغيضة حول ذوي البشرة الداكنة؟ وهل آن الوقت لينالوا هؤلاء حقهم من العدالة الاجتماعية؟ هل نكف عن تمثيلهم وادعاء المدنية والمطالبة بحقوقهم دون أن يكونوا هم حتى موجودين؟ ثمة حركة اجتماعية لا بد أن تحرك المياه الراكدة، ليتحدث هؤلاء عن أنفسهم، ويطالبوا بحقوقهم، ويسارعوا للاندماج الفوري بالمجتمع، إذ لا يوجد اي قانون أو تشريع يمنعهم من ممارسة ذلك.