سرطان الثدي لم يعق تقدمي

إب7 press
بغداد المرادي

 

تثبت المرأة دائما بأنها اقوى وأجلد صبرا وأعتى من كل الالآم وفي كل ما تجود به الحياة عليها من، صحة أو مرض، وعمل، وعلم ومسؤولية، مهنية، أو منزلية، وكل ذلك تتقبله برضى تام وعمل خالص بكل روح رياضية في مقابل أن تكون في نظر الله اولاً عبدة شاكرة صبورة ومن ثم نظرة المجتمع التي تحول بينها وبين ما تعمله وما تعانيه من نظرة عنصرية لها في جميع أحوالها الحسنة والسيئة.

 

“ام رامي” تبلغ من العمر 28عاما صمدت وتصمد أمام ألم بكل عزم وإرادة صلبة لا تقهر كانت تتألم دون أن يعلم بها أحد من أهلها طفليها “روان ورامي ” أحدهما في الصف السادس الابتدائي والآخر في الصف الرابع الابتدائي  كانا ينظران لها وهي تتألم إما وهي واقفة في المطبخ تعد لهم الطعام أو أثناء مراجعتها لهم الدروس يبادرون بسؤالها:  “موبينش” ماذا بك”  يا ماما نكلم ابي يجي يأخذك  المستشفى لا تفجعينا يا ماما شفتي لما احنا نمرض تشلينا “تأخذينا”  المستشفى بسرعة “تبتسم بحنان ثم تقول لهم لا عليكم انا بخير لنتابع الدرس حتى تكونوا من أوائل الجمهورية كلها ..!

فور ذلك الألم كنت اقوم بخلع حمالة الصدر ضناً مني أنها هي السبب ومع كل ذلك لم أكن أشعر بالراحة أيضاً شعرت بوجود مشكلة ما في الثدي الأيمن خاصة عند استلقائي في جلسات معينة باشرت بالحديث مع زوجي قلت له “بأنني أشعر بشي صلب في ثديي وعلى الفور اخذني إلى الطبيبة المختصة والتي طلبت منا أن نجري صورة أشعة للثدي مع طلب اخر لفحوصات أخرى عدنا إلى الطبيبة وقد أجرينا الأشعة كما طلبت منا.

كانت النتيجة النهائية حسب قول الطبيبة تحتاج إلى أيام قليلة راودني الشك في حينها فتأكدت أنى مصابة بسرطان الثدي وبعد أن أخبرتني الطبيبة بذلك طلبت مني أن أجري عملية جراحية دون انتظار ”

هذا الخبر شكل لي صدمة كبيرة والأكبر من ذلك ردة فعل من كان حولي من اهلي وجيراني وصديقاتي الا ان هذا لم يكن اساسا بل كان خوفي الأساسي مرتبط بأطفالي وخوفهم على إذا ما أصابني مكروه..

كانت “أم روان” دائما ما تتوجس وتخاف من اي شي قد يصيب أطفالها فور معرفتهم بذلك وماذا سيحل بهم ان ماتت بهذه العملية الجراحية.

كان اطفالي الصغار قلقون جدا فأخبرتهم بأن عندي “حبّة” في الثدي ويجب أن استئصالها حتى اتعافى من هذا المرض وخلال هذه الفترة لابد أن تبقوا عند جدتكم لأيام معدودة حتى اتعافى ونعود جميعنا إلى المنزل.

دخلت المستشفى وأجريت لي العملية وتم استئصال الثدي لأن الورم كان قد انتشر إلى الغدد الليمفاوية، وعند خروجي من العملية لم يكن أحد ليخبرني بأنه تم استئصال الثدي نهائيا لأن ذلك سيشكل صدمة كبيرة بالنسبة لي وبعد أيام عرفت بطريقة أو بأخرى بأنه تم استئصال ثديي وقف زوجي  معي وإلى جانبي وقدم لي الدعم اللازم حتى لا أتأثر نفسيتي بما حدث معي من تغير في شكلي ومظهري مما أعطاني القوة والشجاعة والعزم لأتخطى تلك المحنة واعود إلى أطفالنا ، ثم خضعتُ لجلسات الإشعاع الكيماوية التي كانت أشد وأقصى من العملية لما لها من آثار جانبية ومضاعفات وتغير في شكلي كثيرا حتى أصبحت لا اعرف نفسي  سقوط الشعر والرموش والحواجب اسمرار البشرة ونحيل الجسم وفقدان الشهية والوزن.

اطفالي لم أكن اود ان يروني بتلك الحالة لما فيها من ألم في أنفسهم وخوفهم من أن أموت كان طفليّ يعبران عن مخاوفهما كلاً بطريقته.

خرجت من هذه المرحلة منتصرة على الالم بقوة وصلابة وعزيمة لا تقهر المستحيل عدت للمنزل وعادت الحياة وروتينها كما كان وهكذا رويدا رويداً حتى عاد كل شي إلى طبيعته ولم تتأثر نفسية اطفالي وزوجي لأنهم رأوني لا أبالي وتحديت كل ما من شأنه أن يحطم معنوياتي ومعنوياتهم فعدت للحياة من جديد وللطبخ ولمراجعة الدروس لأطفالي وانتظارهم حتى يعودوا من المدرسة وزوجي من عمله.

ومع كل تلك المخاوف والآلام استطاعت “ام روان” أن تمحوها بشجاعة وجلادة وتحمل للألم والتغير في الشكل والمظهر الخارجي حرصا منها على عائلتها الصغيرة وزوجها من أن يصيبهم الحزن والقهر ولا يستطيعوا مواجهة الحياة.. ينبغي أن يكون هناك وعي تام للكشف المبكر عن سرطان الثدي تجنبا لألم من يحبوننا ويقدسون الحياة بوجودنا فيها وحتى لا ندع أثرا في أنفسهم وخوفهم علينا من أن يصيبنا أي مكروه.