تعليم الفتيات في إب .. طموح يصطدم بالواقع والمجتمع

إب7 press
أسرار الدحان

 

تصف سحر( ٢٧ ) عاماً حالتها بعد الثانوية بمرحلة التحدي والصمود،  فقد تقدم لها الكثير من العرسان بينما هي ترفض الزواج بحجة إكمال التعليم مقابل إصرار والديها على تزويجها وعلى أن قطار الزواج سيفوتها وأن عبارة ” عانس ” ستطلق عليها قريباً.

 

وتقول لـ « إبpress 7 » : ” استطعت تجاوز كل تلك الضغوطات، وبدأت إجراءات التسجيل في الجامعة، واعتبرت ذلك إنجاز، ومضيت في تحقيق حلمي فأنا أراه رأي العين، ومن الظلم أن أقف في هذه المرحلة وأنا الطالبة المعروفة بتميزي بين زميلاتي ومعارفي”.

 

ارتسمت ملامح الحزن والخيبة في وجهها حين تحدثت عن رفضها في تخصص الطب بالرغم من أنها بذلت مجهود كبير وأن إجاباتها كانت مثالية وأنها كانت تتوقع قبولها، ما زاد إصرار والديها على تزويجها والاستمرار بالضغط عليها، واستمرت هي بتحدي الواقع، ” من حسن حظي فقد كان وضع أسرتي المادي ممتاز، مما جعلني أسجل بالتعليم الموازي ثم درست عنوة بالقسم الذي أحببته، وهكذا تخطيت الواقع والمجتمع مذ عبوري سنة أولى طب، كلية العلوم الطبية “.

 

فيما أم فرح (٢٣) عاماً، تتحدث حول تعليمها قائلة:” منذ صغري وأنا أحلم بإكمال دراستي وارتداء بالطو التخرج وكثيراً ما صممته في مخيلتي، واخترت ألوانه، لكن القدر والعادات وقفت حائلاً بيني وبين حلمي، فأدخلوني القفص الذهبي الذي مهما كان لونه فهو يضل قفصاً، وارتديت الأبيض قبل أن احلم به أو أن أضع له تصميماً في خيالي ولم أستطع بعدها إكمال دراستي فقد تصادم الواقع الجديد مع أحلامي وما كنت أعيشه، فالواقع صار مسئولية وزوج وبيت ومشاغل قد تكون أكبر من التي عشتها يوماً ما”.

 

وتسرد أم فرح تفاصيل ضياع حلم تعليمه ” وما زاد من انشغالي وتصادمي مع الحياة حملي الأول بعد شهور قليلة من زواجي والذي فقدته أثناء الوضع فقد كان سني صغير جدا (١٤) عام يومها، وبعدها بفتره حملت من جديد ورزقت بطفلتي الأولى (فرح ) والآن أصبح لدي ثلاث من البنات، لكني وعدت نفسي وأخذت على عاتقي عهداً أن لا أزواجهن حتى يكملن تعليمهن وبالرغم من ذلك فحلمي لم يفارق مخيلتي”.

 

وتضيف، أغبط كل من تحمل أوراق كراستها وتلامس يدها سطور الكتب، تنهل من بحور العلم اعذبه، كنت في كل يوم أقرأ وأطلع وأحضر دروس في اللغة الانجليزية أون لاين، لكني لم أرتو البتة ولم يغادرني حلماً ترعرع ونمى معي منذ كانت الأحلام لا تعرف القيود ولا كان ذلك الواقع بكل تعقيداته، قررت أن أعود إلى المدرسة وأن أحقق حلمي مهما كانت المصاعب، فلم أعد أحتمل انهيار أحلامي أمام عيناي والتقي بمن هي دوني وقد أصبحت ما تمنت.

 

وتوصل حديثها، وقد ارتسمت في ملامحها عزيمة تفتت جبالاً من يأس ومصاعب ” قبل أيام عدت إلى المدرسة وقُيد اسمي في الصف السادس، وقد كانت فرحتي غامرة وسأكمل وأواصل ما سعيت لتحقيقه”.

 

ترى الاستاذة بدرية علي، وهي باحثه اجتماعية، أن معوقات التعليم في محافظة إب كثيرة، وقد تختلف باختلاف المنطقة ( قرية ، مدينة ) فتتفق في الأسباب الرئيسة وهي العادات والتقاليد الاجتماعية والتي تنص على ان تعليم الفتاة ليس ضرورياً، مهما تعلمت وحصدت الشهادات العلمية متناسين قوله عليه الصلاة والسلام : ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ).

 

وتضيف، الاعتقادات الخاطئة بأن المرأة إذا تعلمت اصبح مشكلة لاحد لها فالتفاهم سيكون معها صعب وأنها سترى نفسها فوق الجميع وتنشغل عن أطفالها بالقراءة وبالعمل، إن كانت تعمل، بينما المرأة المتعلمة باستطاعتها صنع مجتمع واعي متعلم يحمل على عاتقه بناء وطن مثالي، بالإضافة إلى الموروث الخاطئ حيث أن بعض الأسر تتعلم بناتهم لمرحلة معينة ولا تستطيع المواصلة بعدها أبداً فكل بنات العائلة وصلن لتلك المرحلة الدراسية فقط.

 

ومن وجهة نظر الأستاذة بدرية حول التعليم بالريف، فإنها تؤكد إضافة لم ذكر آنفا، فهناك بالريف صعوبات اخرى، منها وضع الأسرة الاقتصادي أو المادي فهو يقف كعائق عظيم لا يمكن تجاوزه حتى عند الأسر التي تحلم بتعليم أولادها، كذلك عدم وجود مدارس في المنطقة أو بُعدها أو وجود مدارس للمراحل الابتدائية والإعدادية فقط.

 

وتفصح أسماء لـ « إبpress 7 »، بأنها قررت بعد الثانوية دخول قسم الإعلام الذي تميل إليه وتحبه كثيراً،  لكن بما أن القسم لا يُدرس في الجامعات الحكومية فقد اضطرت إلى السفر والإقامة في العاصمة صنعاء والسكن مع أختها التي تقيم مع زوجها هناك.

 

تتحدث عن التجربة وقد ارتسمت ملامح السعادة على وجهها، حيث تشرح كيف أنها تعبت كثيراً في إقناع عائلتها بالسفر للدراسة وتدخل زوج أختها كواسطة لإقناع والدها الذي كان يرفض ذلك قطعياً وبعد محاولات متعددة وافق مرغماً وبعدها سافرت وحققت طموحها، وهي الآن تعمل في إحدى القنوات التلفزيونية، ومحطات إذاعية اخرى.

 

أسماء، اليوم، أصبحت مؤلفة وممنتجة، وكاتبة للعديد من الأعمال الدرامية والوثائقية، وأصبحت مصدر فخر لوالديها،” كما أحمل جميله على عاتقي طوال عمري في مساعدته لي من أجل تحقيق حلمي وسأضل ابنته التي وثق بها وأطلق لها العنان “.

 

ضاعفت الحرب الدائرة في اليمن، من معاناة المرأة اليمنية، وأسهمت بشكل واضح في تدني مستواها التعليمي، حيث أصبح حلم ملايين النساء أن يواصلن التعليم وسط ظروف صعبة، وعقبات وتحديات عديدة، وعوائق العادات والتقاليد المجتمعية الصعبة، وتردي الوضع المادي والمعيشي، وهو ما يفضي بالمحصلة إلى هذه النظرة التي تقصي النساء وتقلل من دورهن وإمكانياتهن، في مجتمع يرى بأن الذكر هو البطل والقائم على تبعات الحياة.