إب والبهجة والمطر

 

إب7 press
أسرار الدحان

 

وأتى العيد مرتديا ثوبه الملون وحلته الخضراء ليكسو بها وجه مدينتي الجميل، فتهفو الأرواح إليها وتصبح قبلة لقلوب العاشقين للجمال.

 

فبين وديانها تختبئ ألوان مختلفة من الأزهار، والورد وعلى سحبها الحبلى بالمطر يختبئ الألماس الذي لا يلبث حتى يكسو ويتناثر على جبالها فيزينها بمنظر فريد، فيما الضباب يعانق سفوحها بمنظر يأسر الألباب وعلى امتزاج معاني الدهشة تفوح رائحة المطر لتكبل الأرواح فلا تقوى على فراقها يوماً.

 

(إب) تتغنى بأصوات جداولها وعيون المياه الرقراقة التي تملأ سفوح جبالها ووديانها، بينما أصوات بلابلها التي لا تغادر الأغصان إلا بعد غروب الشمس تصدح مداعبة أغصان الأشجار الوارفة، وهبات نسائم الهواء الباردة العليلة تتراقص بلحن فريد وموسيقى ربانية لا مثيل لها وحيثما تقع عيناك فاللون الأخضر يأخذك إلى عوالمه السحرية الجذابة، فتطيب النفس وتشفى من آلامها.

 

وما إن تغادر هذه المحافظة الجميلة حتى تبقى صورها ومناظرها الخلابة خالدة في ذاكرتك طويلا، فلا يزورها زائر حتى تأخذ مكاناً واسعاً في ذاكرته واعماقه وتستحوذ على مساحة كبيرة من ذاكرة هاتفه ومعرض صوره التي ما إن تراها عين إلا وتسبح بقدرة الخالق وجميل صنعه، وإبداعه في ملكوته.

 

لذا فلا غرو أن تنافس هذه المدينة الجميلة أجمل مدن تركيا ومدن الجمال في العالم لا سيما في هذا الفصل من العام، فهي تزهو كفاتنة ارتدت ثوباً أخضر في ليلة الحناء متزينة بألوان الجواهر والحلي، لقد حباها الله بجمال آخاذ وفريد لا مثيل له ولا شبيه.

 

عيونها رقراقة وبساطها أخضر وسحبها تحتضن الجبال بحنان أم تحتضن ولدها العائد من غربة بعيدة، فخورة كوني من أبناء هذا المدينة الخلابة، ولا تشبع عيناي من تفاصيلها ولا تمل روحي من زيارة ربوعها والتجول تحت ظلالها، فأنا أتنفس عشقها حقا، ومياهها تزاحم دمي في عروقي وخضرة ربوعها تنافس حدقات عيناي، وشوقي لها يملأ ثنايا روحي وانا أعيش فيها، فكيف لو غادرتها!!

 

مصابة أنا بعشقها وحروفي لا تمل عن الكتابة عنها وهاتفي يضج بصور سهولها وجبالها و وديانها، وقد وطأت قدمي أبرز ملامحها الساحرة خلال أيام العيد، فقد زرت شلال المشنة فكان لي منه حفنة ماء رشفت روحي وغسلت هموم قلبي، وزرت سهول بعدان فكان لي منها ثمار أشجارها وخضرة سهولها ونسائم هوائها، زرت (وادي عنه ) في العدين فكان لي البلسم والدواء، وشرح قلبي السير تحت ظلاله بساتينه وحدائقه الغناء.