شابةٌ من إب تلجأ للقضاء لإثبات شرفها واحتضان طفلتها

 إب7 press

سماح عملاق

“جدتي شخصياً عرضت فلوس كثير لإخواني مقابل قتلي، وإخواني أهانوني وقتلوني ضرب عشان يغسلوا شرفهم من عاري لما تطلقت وأهلي واقفين ضدي ظلم، وطليقي يشتي يشل بنتي من حضني، والله وحده يعلم براءتي”.

بهذه الكلمات الحراء قابلتنا ” زهرة ” بأعين مليئة بالدموع، وبنبرةٍ خنقتها الغصص.

زهرة 20 عاماً ” اسم مستعار “، شابةٌ مكلومةٌ من مديرية العدين بمحافظة إب، تطلب إيصال صوتها، ونشر قضيتها؛ كونها، حد قولها، تعرضت لظلمٍ فادح، واتُهمت بشرفها وعرضها زورًا من قبل أولاد خالتها وهم إخوة طليقها.

# بداية المأساة

تقول زهرة :”بحكم إن زوجي مغترب وأنا شابة صغيرة كنت ساكنة ببيت جدنا المشترك، جابوا ” أتوا ” لي أخو زوجي يأنسني ،  وكنت أتغاضى عنه وهو يتكلم بالتلفون مع بنات بطرق غير لائقة، ليوم وعدني يجي يروحني للبيت كالعادة من بيت عمي القريب، ولما تأخر روحني ابن عمي وهو أصغر مني بخمس سنوات، تفاجأت إن أخو زوجي معه مرة غريبة بالبيت ومسكته متلبس فهددته إنني بشتكي لزوجي إذا لم يتوقف عن تلك السلوكيات”.

بعد برهة من تفكير أكملت :” المرة هربت بسرعة، وهو حلف يمين ليتغدى بي قبل ما أتعشى به”.

# أصبحَت وجبة عشاء

لاحظَت زهرة صوت أقدام أمام الباب لكنها وقتها لم تركز كثيرًا فصعدت نحو غرفتها في الدار القديم، وبحسن نية كتمت زهرة الأمر عن زوجها خوفًا من افتعال مشاكلٍ أو فرقة بين الإخوة، ودعت في سرها لأخي زوجها بالهداية.

في ظهيرة الثالث من يناير2021 دارت الدائرة حول زهرة بشلالٍ من الأحزان؛ زوجها المغترب يرسل طلاقها، وينتزع طفلتها منها دون أن تفهم السبب، عادت لمنزل أهلها مصدومة ليقابلها الجميع بالضرب واللكم والإهانات.

عقب ما حدث اكتشفت تضافر إخوة زوجها عليها واتهامهم الصريح لها بخيانة زوجها من ابن عمها الصغير الذي يأخذ هاتفها بين تارةٍ وأخرى، ليهاتف أصحابه.

# أنتِ إلا مَرَه

تسرد :”حلفتُ أيمان الله كلها محد صدقني، ولما حكيت للبيت بموضوع أخو زوجي وتهديده لي، قالوا لي وانتِ مو دخلك يعمل مايشتي هو حر وأنتِ إلا مره”.

الجميع -تقريبًا- انتزع أريج زهرة، وصادر أحقيتها بالتواصل والخروج والالتقاء بابنتها.

تحكي زهرة ردة فعل زوجها حين طالبت بابنتها الصغيرة، قائلًا:”مشتيش بنتي تتربي مثل تربيتك”.

تكمل زهرة: “تعبت واني محبوسة بالبيت للضرب والإهانات ومانيش دارية بحال بنتي جاوعة والا عاطشة، فقررت أكسر كل قيد داخلي وأحارب العالم كله عشان بنتي وعشان أثبت براءتي من التهم المزورة “.

# دافع اليأس

قبل لجوئها للقضاء لجأت زهرة لشيخٍ مرموق ، فتعاطف معها -في بداية الأمر- ليحكم بأحقيتها لحضانة الطفلة، ولعدم إثبات التهم المنسوبة إليها بأدلةٍ قاطعة، لكنه -حد قول زهرة- باع ضميره لطليقها بمبلغ قدره 350 ألف ريال وتراجع عن حكمه السابق،وهذا كان الحافز الأكبر الذي دفع زهرة نحو المحكمة.

خرجت زهرة – غصبًا عن أهلها- تذرع مدينة إب جيئةً وذهابًا باحثةً عن محامٍ يتولى قضيتها، ويعيد طفلتها لأحضانها من جديد.

# تصميم وإرادة

تواصل سرد حكايتها: ” تخيلوا إنهم جابوا سجلات مكالماتي من شركة سبأفون  ليثبتوا أني أتصل بشباب وهم أصحاب ابن عمي الذي كان يأخذ تلفوني بحسن نية واتهموني به. لكن رغم كل جهود أخوته لإثبات سوء تربيتي سأثبت للجميع العكس وأنتصر لشرفي وأكسب حضانة طفلتي لأن الله اسمه عدل ومايرضيش بالظلم هذا أبدًا”.

كسرت زهرة قيدها النفسي وتحدت أهلها والمجتمع وأخبرتهم بلهجةٍ إبّيةٍ وأبيّة:” افعلوا اللي تشتوا، ممكن تقتلوني تضربوني تهينوني تطردوني لكن بنتي حقي أني وشاقدر أربيها وحدي ومن دونكم”.

# شاهدٌ من أهلها

شهد أحد أخوالها بأنه من كان أمام المنزل وقت المواجهة وأنه سمع ابن أخته يقول :”والله لاتغدي بك قبلما تتعشي بي”،ووقف جوارها، فضلًا عن صهرها زوج أختها، والدة زهرة مؤخرًا بدأت بالتعاطف لما شهدت من دمار نفسي أصاب ابنتها، لكن بقية العائلة يشعرون بالخزي والعار ويخشون كلام الناس أكثر من رغبتهم في إثبات الحقيقة كما تؤكد ذلك زهرة.

تقول الأخصائية الاجتماعية أماني القاضي حول القضية :”إن هذا حال معظم أفراد المجتمع الإبّي بالتخلي عن المرأة لمجرد كونها امرأة لا تملك أحقية القبول أو الرفض لأي وضعٍ يعترضها، وبإمكان النساء بكثيرٍ من العزيمة ،وأبلغ منها إصرار أن تنتزع هذا الحق الذي يكفله لها الدستور والقانون”.

زهرة فتاةٌ إبّية تشكو ظلم المجتمع، وعبث الأهل، وتخلي الأصدقاء، وترجو من الله صحوةً في ضمائر من قذفوها بأبشع تهمةٍ قد تواجها امرأةً على ظهر البسيطة، فكيف بفتاة يمنية إبية ريفية ومن مجتمعٍ محافظٍ كمجتمعنا الريفي.